تفيد متابعة أولية للتطورات الأمنية في اليمن، أن العابثين بأمن هذا البلد يتحركون وفق توقيت مدروس، يريد أن يوحي بأن أعمال العنف بنيوية، بهدف التأثير في مصداقية الدولة، وإضعاف دورها في شبكة العلاقات الإقليمية والدولية، حيث إن المتابع للمسلسل الأمني، يلاحظ أنه ما إن تضع الدولة حداً لخطف السياح الأجانب، حتى يبدأ استهداف مقرات الجيش.
وكلما نجحت في التصدي للمستهدفين ووضع حد لأنشطتهم، وبالتالي استعادة ثقة المعنيين، عادت الحرب مع الحوثيين لتنطلق مجدداً.
أوجاع اليمن لا تتوقف عند حدود حربه المفتوحة مع تنظيم القاعدة، فهناك تحديات أخرى تضاف إلى هذا التحدي الخطير، وهي تتجلى اليوم بصورة صارخة في المشروع الانفصالي، الذى يتغلغل في الجنوب،، والذي يسعى إلى إعادة تقسيم اليمن، وفي الجانب الآخر، يبرز أيضاً المشروع الحوثي.
وهذه المشاريع الثلاثة، وإن كانت تختلف في إيديولوجيتها، فإنها تتفق على تمزيق وتفتيت اليمن، وتحويله إلى أرض محروقة تشتعل بالفتن والفوضى والحروب والدماء.
لقد تحمل اليمنيون مصاعب جمّة، على أمل أن تتوصل النخب المتحاورة إلى معالجات تنهي معاناتهم، وترسم معالم المرحلة المقبلة، التي يجب أن تتسم بالعمل الجاد والصادق من قبل كافة القوى السياسية والاجتماعية، لتجسيد وتنفيذ مخرجات الحوار الوطني على أرض الواقع، وبأقل قدر من الخسائر.
لأن اليمن لا يزال في مفترق الطرق المليئة بالأشواك والتعرجات، ويحتاج إلى جهود صادقة لتهيئته ليتمكن الشعب اليمني من السير نحو الغايات المنشودة بسهولة ويسر.
آن الأوان لتعترف النخب اليمنية بأخطائها، وتدرك أنه ما كان لليمن أن يصبح بهذه الحال من الضعف، لولا صراعاتهم وتربص بعضهم ببعض، وأنه حان الوقت لأن يخمدوا خلافاتهم، وأن يرفعوا راية التسامح والسلام، لا من أجل تيار أو حزب، ولكن من أجل استقرار اليمن الحاضر الغائب في تلك الملهاة، التي أوصلته إلى هذا الطريق المسدود.
ولا شك أن اليمن وأبناءه، وهم يعبرون هذا المسار، يقف إلى جانبهم أشقاؤهم المستعدون دوماً لتقديم كل أشكال الدعم والمساندة، لضمان إنجاز مخرجات الحوار الوطني، وما تبقى من مهام هذه المرحلة التي تؤسس لغد يمني آمن ومستقر.