يعلم الجميع بوجود مرجعية دينية في الجنوب كلن لها الدور البارز في نشر الاسلام شرقا وغربا ويعرف الجميع شهرة أبناء هذا المجتمع بالتدين والتجارة وتشهد لهم علاقاتهم التجاري مع مختلف مناطق العالم الا انه رغم كل ذلك لم يمنع من قيام دولة اشتراكية على أرضهم بل وإظهار مجتمع الجنوب على انه مجتمع اشتراكي يعتنق مبادئها ويطبق وهم ابعد ما يكون عن الاشتراكية ومفاهيمها.
وظهر في أفق العصر الجديد والذي تلاشت فيه الانقسامات القديمة لتظهر محلها انقسامات جديدة تحمل طابع الطائفية الدينية والتي كانت متعايشة بسلام مع بعضها البعض لقرون عديدة لتبث فيهم نعرة الخلاف والفرقة فهل يكون من نصيب ارض الجنوب هذه المرة أن تقام عليها دولة سنية ويظهر المجتمع في الجنوب على انه المجتمع المتشدد دينيا.
خاصة وان هناك دلائل كثير تدعو لدعم هذه الرواية فأكثر القيادات في تنظيم القاعدة وكذا ابرز المقاتلين فيه كانوا من عائلات تنتمي لأرض الجنوب وإضافة لتلقى الكثير من شباب الجنوب لدراسة هذا الفكر وحمل أفكاره وعقيدته و أخيرا ظهور هذه القوى المتشددة في كثير من مناطق الجنوب والتي ظهر أمام العالم عجز الجيش . ومن هنا يظهر أن إقامة دولة سنية متطرفة في الجنوب اقرب إلى الإقناع من قيام دولة اشتراكية من قبل و تكمن المشكلة أن الناس في الجنوب لم تخرج لتظهر للعالم هويتها الحقيقية والفكر الذي تعتنقه وتقطع الطريق عن كل من يحاول إظهارهم بهوية وفكر مغاير لما هم عليه. كما حدث ذلك من شعوب أخرى في المنطقة والتي خرجت لتصحيح مسار ثورات قامت فها عندما رأت أن من يقودون هذه الثورات قد حادوا وظهروا بهوية وفكر يخالف ما يحمله المجتمع ويعيش به منذ قرون بسلام.
و هذه الحشود الغفيرة التي تخرج في صنعاء اليوم في مسيرات سلمية مرتبة دن شغب أو إحراق إطارات بحيث تعتبر أرقى مسيرات شهدتها اليمن على الإطلاق هذا من حيث الترتيب والسلمية اما من حيث حجم الحشود و أعدادها فالذي يظهر أنها لا تقل عن حجم الحشود التي خرجت في ثورة التغيير عام 2011م التي أطاحت بحكم الرئيس صالح حينها يظهر ذلك جليا من خلال مقارنة صور هذه المسيرات بتلك.
الغريب ان تجد تصريحات توصف هذه الحشود الغفيرة بأنها ليست إلا بعض أتباع جماعة الحوثي وأنصاره وهم ليس الا شريحة وطائفة واحدة من مجتمع متعدد الشرائح والطوائف . ويتهم جماعة الحوثي بأنهم يحاولون إسقاط صنعاء والسيطرة عليها من خلال حشد هذه الجموع هذه التصريحات والتي تبناها للأسف بعض القيادات السياسية والحكومة والقنوات الرسمية.
فحجم تلك الحشود الغفيرة لا يستطيع احد وصفها بغير أنها حشود شعبية من مختلف شرائح طوائف المجتمع ويستحيل آن تكون تلك الجموع هي جماعة حزب أو طائفة أو تيار معين لوحدة إلا إذا كان معنى هذه التصريحات بان الحوثيين يشكلوا الأغلبية من سكان اليمن وعليه هل يلزم على المسؤلين التخلي عن السلطة لهذه الأغلبية .
فمن خلال صورة هذه الحشود التي لا يسع كل من يراها إلا أن ينصح الحكومة اليمنية بان تشد رحالها تستسلم لإرادة هذه الجموع الشعبية كما أطاحت بحكام قبلهم ولا يمكن ابدا أن يقبل احد بضرب هذه الجموع أو استخدام الأسلحة ضدها إلا اعتبر كمن يستخدم القوة مع مواطنين في مسيرات هي الأكثر سلمية في اليمن. واستغرب بعض ممن ينتقصون من شأن هذه المسيرات لمجرد أنها جاءت بناءا على دعوة من السيد الحوثي ..يجعل ذلك سببا لرمي التهم والتشكيك في نوايا هذه الجموع الغفيرة وكأنه لا يدري انه بتلك الاتهامات يتهم أغلبية الشعب اليمني بالخيانة والعمالة وكأنه يحتكر الوطنية لنفسه دون غيره .