آخر تحديث :الأحد-29 يونيو 2025-04:53م

إذا أحداث باريس سموها إرهاباً فما ذا يسمون أحداث العرب !؟

السبت - 17 يناير 2015 - الساعة 10:17 ص
فريد باعباد

بقلم: فريد باعباد
- ارشيف الكاتب


مما لاشك فيه ولا يختلف اثنان من العقلاء والمثقفين والمتابعين للشأن السياسي سواء المحلي اليمني أو العربي وكذلك الدولي ، أن ما حصل من أحداث وهجوم وقتل في باريس سواء على صحيفة إعلامية وكذلك في معبد يهودي أو أي مكان باسم الدين ، أو ردة فعل باسم الدين أو الادعاء بالدفاع عن الدين ، ونبينا محمد عليه أفضل الصلوات والتسليم لهو عمل إرهابي بامتياز ، وأي كانت أسبابه ودوافعه فهو بالقطع عمل إرهابي في نظري وبالتأكيد يشاركني في هذا الاستنتاج الكثير من الناس ، مثقفين أو بسطاء أحرار من سيطرة الفكر الديني المتشدد والفكر السياسي المتطرف ، وهذا الفعل الشنيع والمرفوض من قبل الجميع وخصوصا في دولة تميزت وعُرِفَتَ بالحرية وبالدولة المدنية كفرنسا فهو أيضا مرفوض ، حتى في دول مازالت تعيش مخاضاً أمنياً وسياسياً لم يلد استقراراً حتى الآن كبلادنا اليمن .

ومثلما رفضنا وشجبنا وتألمنا نتيجة ذلك العمل في فرنسا لسبب أنه يخالف التشريعات الإلهية والقيم والقوانين المدنية أيضاً ، فإننا في نفس الوقت أشرنا إلى استنكارنا وشجبنا ورفضنا لأعمال إرهابية سبق أن حصلت مثلها في بلادنا اليمن ، تلك الأحداث وأشهرها مذبحة حوطة حضرموت وكذلك مدينة إب وفي الأخير أمام كلية الشرطة في صنعاء ، كل تلك الأفعال الشنيعة منبوذة من كل شرائح المجتمع ومرفوضة شكلاً وموضوعاً ، وأي كان مخططوها ومنفذوها وأي كانت تبريراتهم وحججهم ودوافعهم ، ذلك العمل هنا وهناك إرهابي بالمطلق وفاعلوه هنا وهناك أشقاء في منبع الفكر الذي يستقون منه تعليماتهم وأفكارهم ومصادر فتواهم وهنا مربط الفرس وهنا الحقيقة .لكن .. وتلك كلمة تفرض نفسها على الحدث والتحليلات هذه الأيام ، أليس ما حدث في سوريا والعراق من قتل وذبح بالسكين وأمام الكاميرات لطوائف ومنتمين لمذاهب أخرى ، وتدمير لأماكن عبادة ، ومزارات ، وكنائس هو نفس الجرم الذي فعله بنا وباسمنا ( كمسلمين ) هؤلاء .؟ ليس هؤلاء أنفسهم تم تسميتهم بعد أحداث سبتمبر بالقاعدة وتم محاربتهم سنوات مضت ! ؟أليس هؤلاء هم أنفسهم القاتلون لكل من يختلف معهم حتى وإن هو من بني جلدتهم ودينهم !؟ أليس هؤلاء هم أنفسهم من سهل لهم الغرب بكياناته السياسية كل الطرق للذهاب من بلدانهم الأوروبية الى العراق وسوريا بحجة سياسية أصبحت اليوم مشكوكاً فيها .!؟ وأخيراً أليس هؤلاء هم من يسميهم العالم اليوم بداعش ويحاربهم الجميع . !؟

إذا كانت الدول الغربية بمؤسساتها المدنية وكياناتها السياسية قد اكتوت الأسبوع الماضي من الإرهاب وأحست أنه خطر قادم على كيانهم وتماسكهم المجتمعي وثقافاتهم وسموا ما حصل لديهم على أنه ارهاب فماذا يسمون ما حصل لدينا في بلاد العرب منذ سنوات .؟وإذا كانت دول الغرب استطاعت تجييش قيادات من دول متعددة للتعبير عن رفضهم جرائم بمقتل بضع نفر « فقط » من مواطنيهم فأين هم ممن يقتلون وبالآلاف منذ سنوات أبناءنا في العراق وفلسطين وسوريا واليمن وليبيا أم أن ما يحصل في بلادنا العربية حلال وإن حصل في بلادهم حرام !؟ وإذا كانت فرنسا أول من اكتوى في سنتنا الجديدة هذه من الإرهابيين واستقبلت نتنياهو الذي يراه العالم والقوانين الوضعية والشرعية أنه إرهابي كبير وقاتل فكيف تريدنا أن نتعاطف معها وهي تستقبل قاتل أطفالنا وتجعله يختبئ خلف لوحة التعبير بمحاربة ورفض الإرهاب وهو صانعه .! إن رؤية المنظر ( وفق مصالح بعض الدول الغربية ) بمنظارين مختلفين والكيل بمكيالين لأناس قتلة وإرهابيين لن تحل المشكلة ، ولن تنهي أو تقضي على مصادر الإرهاب ، فنحن وهم نعيش في كوكب واحد ، وما يصيبنا كعرب سواء ممن قدموا من أراضيهم بعد أن سهل هجرتهم الغرب للتمترس والقتال في سوريا وعادوا إليهم اليوم متشددين متطرفين ، أو ممن غادروا من أراضينا وذهبوا الى أراضيهم هو إرهاب أيضاً في كلا الحالتين .أما تسمية من يرتكبون جرائم الإرهاب لديهم على أنهم إرهابيون في نظرهم ، وتسمية من يرتكبون نفس تلك الجرائم لدينا ومن حاملي نفس الفكر على أنهم دعاة حرية وسياسة وحقوق إنسان فهنا عليهم استشعار المستقبل وأحداثه قبل أن تكبر كرة الثلج ، فالإرهاب لادين ولا جنسية ولا مكان له ، فمن يقتل البشر وفي أي مكان ولأي سبب كان هو في الحقيقة إرهابي ، ويجب على الغرب أن يتعامل مع هؤلاء ومموليهم وداعميهم ومحرضيهم على أنهم إرهابيون بامتياز ، ويجب على الغرب قبل الشرق أن يسمي الأمور بمسمياتها دون الاختباء خلف المصالح السياسية والاقتصادية وإلا عليهم أن يستعدوا لقادم أسود شربنا ولازلنا كعرب نشرب منه حتى اليوم . فالأرض والمسافات وان بَعُدَتْ فهي في نظر الإرهابيين وتحركاتهم صغيرة جداً.