آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-07:45ص

معضلة الإصدار الورقي في الإعلام الحضرمي

الثلاثاء - 25 يونيو 2019 - الساعة 12:01 م
طه بافضل

بقلم: طه بافضل
- ارشيف الكاتب


صدر العدد(١١)من مجلة حضرموت الثقافية الصادرة عن مركز حضرموت للدراسات التاريخية والتوثيق والنشر،  بالمكلا، يرأس تحريرها الأديب والناقد المبدع الخلوق الدكتور عبدالقادر علي باعيسى وهيئة استشارية من أسماء لامعة في التاريخ والأدب والترجمة. 

ليس سهلاً  في هذا الوقت العصيب،  والمرحلة المستعصية التي يمر بها الوطن، الاستمرار في إصدار مجلة ورقية وإلكترونية،  فمشكلات الإصدار خصوصاً الورقي في الصحافة تنوء بحملها عقول وأجساد القائمين على هذه المجلات والصحف الحضرمية. 

التنوع والجدة من أهم ما يميز (حضرموت الثقافية) لكل متذوق للكلمة الرصينة والأدب الراقي، وكمتتبع للتاريخ الحضرمي المجيد فإنه يجد فيها بغيته ومطلبه،  أعدُّها مرجعاً مهماً في تاريخ حضرموت وتراثها وهويتها وثقافتها وأدبها وفنها. 

بالرغم من صعوبات اقتناء ثمرات المطابع (كتب وصحف ومجلات ودوريات) من قبل المواطن الحضرمي الذي لم يستطع استكمال متطلبات حياته المعيشية، فيعجز أن يشتري مجلة أو صحيفة ورقية، إلا أن الشغف الكبير الذي يجتاح جوانب المحب للفكر الرصين، والمعرفة الراقية المفيدة، والتعرف على تاريخ وطنه المجيد، تجعل هذا القارئ يتجاوز كل المعضلات ويتجه بينهم لاقتناء مرغوبة ومحبوبة.  

شغفتُ وأنا في سابع ابتدائي في أواخر الثمانينيات وما بعدها في مرحلة الثانوية بشراء وقراءة الصحف والمجلات، وبالرغم من المحاصرة الشمولية في حقبة حكم الحزب الاشتراكي، إلا أن هناك من هو مغرم ومتلهف لشراء الإنتاج الصحفي على قلته ومحدوديته، وأذكر هنا زميلي الإعلامي الرائع عمر فرج عبد، الذي يسأل هل وصل شيء من والدي المغترب بالكويت مجلات الرياضي العربي، والعربي والصقر فكنا نتبادل الهواية المفيدة ونحرص على زيارة المكتبة لشراء ما نريد من صحف ومجلات وياله من منظر مدهش ونحن نترقب لحظة فتح (الجونية)المملوءة.. يالها من أيام رائعة وجميلة.

العزوف اليوم عن القراءة الورقية، من أهم أسبابه الانفتاح الكبير لأجهزة الإعلام المرئي وسيادة وتحكم وسائلها في توجيه عقول وقلوب الناس إليها، ومع ذلك فإن القراءة الورقية لها روحها الخاصة ومتعتها ورونقها الجميل، وملامسة الورق ليس كملامسة الشاشة وأزرار الأجهزة، والورق باق ومصادر هذه الأجهزة معرضة للتوقف والانقطاع في أية لحظة وحدث يعرضها للتلف.

إن صدور (حضرموت الثقافية) في موعدها كل ثلاثة أشهر في عامها الثالث، امتحان وتحدٍ كبيران يواجهما طاقم تحرير المجلة، يجعله قدوة لغيره ممن يسعى إلى الحضور في ميدان الصحافة الورقية باستمرار، وهو الرهان الكبير فالاستمرار يعني الدوام والرسوخ، وما نجحت وسيلة إعلامية إلا لأنها ابتداء استطاعت الصمود والبقاء والاستمرارية.

المال عصب الحياة، وزاد المشاريع وديمومتها،  وفي الإعلام لابد لك من خرطوم يضخ لك بالمال إذا أردت إقامة عملاً إعلامياً كبيراً أو حتى صغيراً فأنت بحاجة لميزانية تشغيلية تعينك على الإصدار المستمر وقد تعمل بالقليل من المال لكن الأهم الاستمرار والديمومة. ولن يتحقق ذلك إلا بوجود طاقم تحريري يقدس مهنته، ويحترق لأجل إنجاح مهمته بفكر شبابي متجدد مع دعم الخبرة والمعايشة والاتزان في معالجة كل المصاعب وتجاوز المعوقات، بالتسديد والمقاربة والنظرة الثاقبة للأمور وشمولية إصلاح الخلل وسد الثغرات.

قام صندوق التراث والتنمية الثقافية بمحافظة حضرموت مشكوراً بخطوة مهمة وحيوية، باعتماد تكلفة إصدار عدد من المجلات للمؤسسات الثقافية الحكومية والمنتديات الثقافية بحسب توجيهات المحافظ اللواء الركن فرج سالمين البحسني وبشكل فصلي ومع أن هذا الدعم "انتقائي" لا يشمل مجالات أخرى رصينة وهادفة إلا أنها خطوة رائعة أتوقع أنها لن تقتصر على هذا الحد بل ستتسع لتشمل كل مجلة هادفة ذات رسالة تخدم الوطن ونمائه واستقراره.

كل التوفيق ودوام النجاح لمجلة (حضرموت الثقافية) ولكل جهد إعلامي هادف يخدم حضرموت التاريخ والأرض والإنسان.