هم أرقُ قلوبًا وألين أفئدة ، هكذا شهد لهم الصادق المصدوق -أخوتنا أبناء تهامة- ذوي القلوب اللينة ، والكلمة الطيبة ، حيث يعيش أكثر سكانها حياتهم اليومية بأبسط وسائل سبل الحياة ، فالبيت هو تلك العشة المنجرفة نتجية السيول ، والمصباح قد تجده ذاك السراج القديم المتوارث أبا عن جد وكأننا في العصر القديم ، قوتهم مما تزرع أياديهم بعيدًا عن الرفاهية والعنجهية ، لباسهم يميزهم عن بقية مدن ومحافظات الجمهورية ؛ ولأن قلوبهم طيبة وليسوا ممن يتابعون عن حقوقهم المشروعة؛ حيث كانت النتيجة الإهمال والنسيان المفرط لهم بأشد الظروف – أثناء السيول الجارفة- حيث تجد كبير السن وجميع أطفاله جوار عشتهم التي اجتاحتها السيول ، وقلوبهم يعتصرها الألم ، والدموع على أعينهم ينظرون على مواشيهم التي كانت مصدر رزقهم قد ماتت بسبب السيول الجارفة، والمياه تتجمع داخل عششهم التي هي مأواهم ؛ و لسان حالهم يقول : ما الذنب الذي اقترفناه ؟
هل لأننا يمنيون تهاميين لا يهمنا من الإنشغال بالسياسة كما يهمنا أن نأكل ونشرب مما تزرع أيادينا ، وترتع مواشينا .
تهامة وما أدراك ما تهامة ..كم يتألم القلب كمدًا عليك ؛لفقدانك مقومات الحياة الضرورية مع صمت وغياب عجيب من قبل الحكومة والمنظمات الإنسانية .
يبدوا أن ساسة بلدنا تناسوا أن تهامة جزء لا يتجزء من اليمن ، وأن الله سيسألهم عن تجاهلهم عن هذه المسؤولية " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته " فأين المسؤولية ، وقد سمع العالم برمته حجم الدمار الذي خلف مساكن ومواشي تهامة المكلومة .
يا حكومتنا الموقرة ، ندرك أن البعض منكم منشغل بحال لبنان وبقية البلدان ؛ لا بأس بذلك ولكن هناك أولويات يتوجب عليكم القيام بها قبل أي بلد امتثالا لقول نبي الإنسانية قائلًا : "خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي " ..، ونحن -اليمنيين – نقول لكم : يا متصدق بالمرق جارك أحق ..فالخير كل الخير لأبناء بلدنا قبل أن تخرج لغيرهم .
فالواجب مقدم على النافلة ، فما يحصل اليوم في تهامة هو جرم بحق الإنسانية المتجاهلة لهم ، فإن لم تكونوا قد سمعتم ورأيتم فها قد نُشرت ووُثقت تلك الأحزان والمأسي على مواقع التواصل ، فماذا بعد هذا الحجة التي أقيمت عليكم !!
وللعلم لن يتوقف الدور عليكم فحسب ، فأهل اليمن هم أهل الخير والعطاء ، والتأريخ يشهد بذلك من زمن الأنصار الذي ناصروا نبي الأمة في أوحل الظروف، وما زلنا نرى الخير من أحفاد الأنصار- اليمنيين- حتى اليوم ، والعالم يشهد بذلك ، فهل ستخذلوا إخواننا في تهامة !!
فالله الله يا فاعلي الخير ، ويا رجال الأعمال أين أياديكم السخية بحق إخواننا في تهامة ، فما أطيب الصدقة والعون لأخواننا المتضررين عند الحاجة ..
ختامًا وأخيرًا ،،،كمواطن يمني في بلد المهجر أتالم بحرقة كبقية أبناء الشعب الذي ليس بيده حول ولا قوة ، لذا فإني أتوجه بالمناشدة الإنسانية للحكومة الشرعية بالمبادرة وتقديم يد العون والخدمات الضروية- من طعام وإصلاح للعشش أو البيوت المتواضعة- لتهامة وسكان تهامة من المتضررين، وتعويضهم كل ما أتلف أو دمر نتيجة ما هو حاصل من سيول وأمطار غزيرة ، وإياكم ثم إياكم أن تتناسوا وسام شرف الوصف من قبل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لأجدادهم ، فلا تذلوهم حتى لا يشكوا بكم لمن أثنى عليهم ومدحهم..
ولتكونوا عند حجم المسؤولية مستشعرين وصية نبيكم عليه الصلاة والسلام : " اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به " رواه مسلم .
"