مثل الرابع عشر من أكتوبر من عام 1963 ، انطلاق الشرارة الأولى للثورة في جنوب اليمن ضد الاستعمار البريطاني، والتي دامت أربع سنوات، خاض خلالھا المناضلون مواجھات عسكرية مع القوات البريطانیة في جمیع جبھات القتال زلزلت مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني، حتى نال جنوب اليمن استقلاله من الاستعمار البريطاني في 30 نوفمبر 1967 ، بعد احتلال دام 129 عام اً.
ونرصد في ھذا الإطار أھم الإرھاصات الأولى لثورة ال 14 من أكتوبر:
1963
24فبراير: عقد في دار السعادة بصنعاء مؤتمر"القوى الوطنية اليمنية" حضره أكرمن (1000 ) شخصية سياسية واجتماعية ومستقلة، إلى جانب عدد من الضباط الأحرار وقادة من فرع حركة القوميين العرب. وقد توصل المجتمعون خلال أعمال المؤتمر إلى اتفاق لتوحيد جميع القوى الوطنية اليمنية في إطار جبهة موحدة. وجرى في المؤتمر استحداث مكتب تكون مهمته وضع مشروع ميثاق مؤقت للتنظيم الجاري تشكيله، وذلك على هيئة نداء إلى جميع القوى التي تؤمن بوحدة الحركة الوطنية اليمنية في النضال لحماية النظام الجمهوري والدفاع عن ثورة سبتمبر الخالدة، وتحرير الجنوب اليمني من الاحتلال الأجنبي، حيث استقر الرأي على تسمية هذه الجبهة باسم "جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل" أخذت في أغسطس من نفس العام تسميتها النهائية "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل" على أساس الاعتراف بالثورة المسلحة أسلوبا وحيدا وفعالا لطرد المستعمر. وقد تمخض عن هذا المؤتمر تشكيل لجنة تحضيرية من الشخصيات والقيادات المشاركة فيه كان على رأسها قحطان محمد الشعبي، وبعد اجتماعات عدة عقدتها اللجنة التحضيرية، أقرت ف
8 مارس نص الميثاق القومي الذي كان يتألف من مذكرة والميثاق نفسه، وبرز في صدر الميثاق شعار الجبهة "من أجل التحرر والوحدة والعدالة الاجتماعية" وفي مايو 1964 نشرت الوثيقة الموضحة للخط السياسي لهذا التنظيم.
19أغسطس: إعلان تأسيس "الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل". وتم تشكيل قيادة الجبهة من 12 شخصاً. وقد تكونت الجبهة من خلال اندماج سبعة تنظيمات سرية أعلنت إيمانها بالكفاح المسلح، وهي: حركة القوميين العرب، الجبهة الناصرية في الجنوب المحتل، المنظمة الثورية لجنوب اليمن المحتل، الجبهة الوطنية، التشكيل السري للضباط والجنود والأحرار، وجبهة الإصلاح اليافعية (تشكيل القبائل)، ثم التحقت ثلاثة تنظيمات أخرى بالجبهة القومية، وهي: منظمة الطلائع الثورية بعدن، منظمة شباب المهرة، والمنظمة الثورية لشباب جنوب اليمن المحتل.
14أكتوبر: انطلاق ثورة الرابع عشر من أكتوبر 1963م في جنوب الوطن ضد الاستعمار البريطاني 10ديسمبر: خليفة عبد الله خليفة ينفذ عملية فدائية بتفجير قنبلة في مطار عدن في إطار الكفاح ضد الاحتلال البريطاني، وأسفرت عن إصابة المندوب السامي البريطاني (تريفاسكس) بجروح ومصرع نائبه القائد جورج هندرسن، كما أصيب أيضاً بإصابات مختلفة 35 من المسؤولين البريطانيين وبعض وزراء حكومة الاتحاد الذين كانوا يهمون بصعود الطائرة والتوجه إلى لندن لحضور المؤتمر الدستوري الذي أرادت بريطانيا من خلاله الوصول مع حكومة الاتحاد إلى اتفاق يضمن الحفاظ على المصالح الاستراتيجية لها في عدن. وكانت هذه العملية الفدائية التي أعاقت هذا المؤتمر هي البداية التي نقلت الكفاح المسلح ضد الاستعمار البريطاني من الريف إلى المدينة
11 ديسمبر: صد ور قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، قضى بحل مشكلة الجنوب اليمني المحتل وحقه في تقرير مصيره
والتحرر من الحكم الاستعماري البريطاني. وفي عام 1965 اعترفت الأمم المتحدة بشرعية كفاح شعب الجنوب طبقاً لميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
1964
7 فبراير: أول معركة للثوار اليمنيين استخدموا فيها المدفع الرشاش في قصف مقر الضابط البريطاني في (ردفان (لحج.
3 ابريل: شنت ثماني طائرات حربية بريطانية هجوماً عدوانياً على قلعة حريب، في محاولة للضغط على الجمهورية العربية اليمنية، لإيقاف الهجمات الفدائية المسلحة التي يشنها فدائيو الجبهة القومية من أراضيها.
28 ابريل: مجموعة من فدائيي حرب التحرير يشنون هجوماً على القاعدة البريطانية في الحبيلين (ردفان)
14 مايو: قامت طائرات بريطانية بغارات ضد الثوار في قرى وسهول ردفان، أدت إلى تدمير المنازل في المنطقة، كما أسقطت منشورات تحذيرية للثوار الذين أسمتهم بـ"الذئاب الحمر".
1965
19 يونيو: سلطات الاحتلال البريطاني تصدر قانون الطوارئ، إثر اشتداد الأعمال الفدائية على قواتها، وحظرت بموجبه نشاط الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل، واعتبرتها حركة إرهابية، وقامت بأبعاد 245 مواطناً من شمال اليمن
22 يونيو: الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل تعقد مؤتمرها الأول في تعز، وأعلنت فيه موقفها الثابت لمواصلة الكفاح المسلح ضد المستعمر البريطاني حتى جلائه عن أرض الوطن. واعتبرت نفسها الممثل الوحيد لأبناء الجنوب اليمني المحتل. وأقرت في هذا المؤتمر لائحتها الداخلية والميثاق الوطني.
25 أغسطس: الجبهة القومية ترفض نتائج مؤتمر جدة بين الرئيس جمال عبد الناصر رئيس الجمهورية العربية المتحدة، والملك فيصل بن عبد العزيز ملك المملكة العربية السعودية، ونعتته بـ"مؤتمر الخيانة"، ورفضت أي حلول أو تسوية مع الملكيين باعتبار ذلك تهديدا للنظام الجمهوري وإضعافا للثورة في الجنوب.
2 أكتوبر: بريطانيا تعلن عزمها البقاء في عدن حتى عام 1968، وانتفاضة شعبية عنيفة ضد البريطانيين في المدينة تسفر عن خسائر كبيرة بشرية ومادية.
18 أكتوبر: قيادة جبهة الضالع تتلقى دعما ماليا من المغتربين اليمنيين في المملكة المتحدة بلغ ثمانمائة وعشرين ريالا "ماريا تريزا" مساهمة منهم في دعم الكفاح المسلح ضد المستعمر الأجنبي.
1966
22 فبراير: أصدرت الخارجية البريطانية "الكتاب الأبيض" الذي أعلن رسمياً قرار بريطانيا القاضي بمنح مستعمرة عدن والمحميات الاستقلال مطلع 1968.
5 ابريل: الجبهة القومية، تشكل لجنة للعمل على جمع التبرعات من إخوانهم في المناطق الشمالية، استهلت اللجنة عملها من لواء إب، حيث بادر المسؤولون والمشايخ والمواطنون بالتبرع بالمال والحبوب بأنواعها وأسهموا بنقلها إلى قعطبة.
28 يوليو: نفذ الفدائيون في حضرموت عملية قتل الكولونيل البريطاني جراي، قائد جيش البادية. وكان هذا الضابط هو الذي نفذ عملية اغتيال المناضلة الفلسطينية رجاء أبوعماشة عند محاولتها رفع العلم الفلسطيني مكان العلم البريطاني أثناء فترة الانتداب البريطاني لفلسطين.
.. أغسطس: الحكومة البريطانية تعلن اعترافها بقرارات منظمة الأمم المتحدة لعامي 1963 و1965 الذي أكدت فيه حق شعب الجنوب اليمني المحتل في تقرير مصيره.
10 سبتمبر: نظم نادي اتحاد الطلبة في مدينة سيئون مسيرة طلابية للتنديد بزيارة المندوب السامي البريطاني لحضرموت.
1967
15 8 مارس: الجامعة العربية تصدر قراراً تشجب فيه التواجد البريطاني في جنوب اليمن.
2 ابريل: بدون تنسيق مسبق، حدث إضراب عام شل كافة أجهزة العمل في مدينة عدن، دعت إليه الجبهة القومية وجبهة التحرير في وقت واحد.
3 ابريل: فدائيو حرب التحرير ينفذون عدة عمليات عسكرية ناجحة ضد مواقع وتجمعات المستعمر البريطاني في مدينة الشيخ عثمان بعدن، كبدوا خلالها القوات الاستعمارية خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، وسقط خلالها عدد من الشهداء في صفوف الفدائيين.
20 يونيو: تمكن الفدائيون من السيطرة على مدينة كريتر لمدة أسبوعين.
12 أغسطس: الجبهة القومية تسيطر على مشيخة المفلحي بعد أن زحفت عليها بمظاهرة كبيرة شارك فيها أبناء القرى والمناطق المحيطة بالمشيخة، وتوالى بعد ذلك سقوط السلطنات والمشيخات بيد الجبهة.
28 سبتمبر: تأسيس إذاعة المكلا التي انطلقت باسم "صوت الجبهة القومية لتحرير الجنوب اليمني المحتل".
5 نوفمبر: قيادة الجيش الاتحادي في جنوب الوطن المحتل تعلن وقوفها إلى جانب الثورة ودعمها للجبهة القومية، بعد أن باتت غالبية المناطق تحت سيطرتها.
14 نوفمبر: وزير الخارجية البريطاني (جورج براون) يعلن أن بريطانيا على استعداد تام لمنح الاستقلال لجنوب الوطن اليمني في 30 نوفمبر 1967 وليس في 9 يناير 1968، كما كان مخططاً له سابقاً.
21 نوفمبر: بدأت المفاوضات في جنيف بين وفد الجبهة القومية ووفد الحكومة البريطانية من أجل نيل الاستقلال وانسحاب القوات البريطانية من جنوب الوطن. وجرى في ختامها توقيع اتفاقية الاستقلال بين وفد الجبهة القومية برئاسة قحطان محمد الشعبي، ووفد المملكة المتحدة(بريطانيا) برئاسة اللورد شاكلتون.
26 نوفمبر: بدأ انسحاب القوات البريطانية من عدن، ومغادرة الحاكم البريطاني هامفري تريفليان.
29 نوفمبر: جلاء آخر جندي بريطاني عن مدينة عدن.
30 نوفمبر: إعلان الاستقلال الوطني وقيام جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية، بعد احتلال بريطاني دام 129 عاماً، وأصبحت الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن المحتل إبان حرب التحرير تتولى مسؤولية الحكم.
30 نوفمبر: صدر في عدن قرار القيادة العامة للجبهة القومية، بتعيين قحطان محمد الشعبي، أمين عام الجبهة، رئيساً لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية لمدة سنتين، كما تم تشكيل أول حكومة برئاسة قحطان الشعبي
وبعد.. فإن ما سبق ايرادة من أفكار وأراء وسط حصار المخاوف والمحاذیر في محاولة للتغرید خارج السرب لیس حباً في الخروج على المألوف كهدف في حد ذاته.. وٕإنما هي محاولة لطرق أبواب وفتحها على مساحات أخرى مهملة بفعل هیمنة المسلمات، وزوایا معتمة غمرها النسیان بفرض المحرمات بمعنى إن انقضاءاكثرمن خمسون عام من عمر ثورة 14 أكتوبر 1963 م یكفي لوضعها موضع المساءلة ومحاسبتها ولو حتى بأسلوب الربح والخسارة ناهیك عن أسس شرعیتها وقیمة مشروعها السیاسي والدور الذي مارسته لتنفیذه وجدوى هذا المشروع، ما كان منه وما بقى منه إذا بقى منه شيء باستثناء رحیل الاستعمار البریطاني الذي كان مفروغاً منه وبالاختصار المفید لابد من أن نسأل ما الذي قدمته الثورة 14 أكتوبر للشعب وما الذي سلبته إیاه؟. وهل أعطت أكثر مما أخذت؟.
وقبل إقرار السؤال ومحاولة البحث عن إجابة له فإن سؤالاً أخر ینبغي أن یسبقه لتسهیل المهمة هو ما هي هذه الثورة؟هل هي هبة جماعیة قامت بها مختلف القوى الاجتماعیة؟ هل هي ثورة خاضها الشعب بسائر طبقاته أم هي ثورة للقوى السیاسیة المنظمة التي تمثل ما یسمونه هذه الأیام جمیع ألوان الطیف السیاسي؟ هل مثلت الثورة وحدة وطنیة تلتف حول هدف أو أهداف عامة أو محددة مرغوب فیها ومطلوب تحقیقها وتكون هذه الرغبة وهذا الطلب مفتوحاً لمشاركة مختلف ا لإطراف السیاسیة وموضع إجماع أو أغلبیة وطنیة مقتنعة به وعلى استعداد للعمل من أجله والبذل في سبیله؟ للأسف أن جمیع الأجوبة على هذه الأسئلة هي كلمة "لا" بصوت عال وبخط كبیر أسود.. والحقیقة التي یعرفها الجمیع هي أن الثورة أحتكرها تنظیم سیاسي واحد ولا جدال في أنه كان التنظیم المسلح الرائد وصاحب السبق هو "الجبهة القومیة" الذي كان فرعاً محلیاً لما كان یعرف بحركة القومیین العرب،، وقد أخذ هذا التنظیم على عاتقه محاربة الاحتلال البریطاني في فترة الكفاح المسلح وفي نفس الوقت مقاتلة الأحزاب والتنظیمات السیاسیة الأخرى المناوئة للاحتلال إلى إن أوقع بها الهزيمة وطردها وانفرد لوحده بانتزاع الاستقلال من بریطانیا.. وبعد ما خلت له الساحة لم یجد أمامه سوى نفسه لیحاربها فحاربها ببسالة حتى النفس الأخیر. ولم ینجح هذا التنظیم في شيء مثلما نجح في ربط ثورة 14 أكتوبر باسمه.. وفي تدمیر نفسه بنفسه.
إن ثورةالرابع عشر من أكتوبر المجیدة جاءت دون شك كتتویج للانتفاضات الشعبیة ضد الاحتلال البریطاني آنذاك وكانت امتداداً طبیعیاً لثورة السادس والعشرین من سبتمبر - الثورة الأم- حیث تحملت عدن الباسلة ثقل الثورة لأهمیتها الإستراتیجیة والسیاسیة التي كانت تتمتع بها. وللإنصاف أقولها بأمانة إن عدن تحملت العبء الأكبر لثورة14 أكتوبر حیث قدم أبناؤها التضحیات الكبیرة وكانوا سنداً للقطاع الفدائي من حیث تسهیل مهمتهم ومساعدتهم على الاختباء أثناء شن الهجمات الفدائیة على القوات البریطانیة.. علماً أنه كانت هناك الشرطة المسلحة وكان تواجدها في قلب عدن وكان ینتشر التنظیم بین صفوفها وكذلك في كافة المعسكرات التي یتواجد بها الجنود الیمنیون وكان یربطهم التنسیق الجید بین قیادات القطاع الفدائي وبین المسئولين العسكریین المنخرطین في التنظیم وكان للشرطة المسلحة دورٍ كبیر في المساهمة وبفعالیة في القطاع الفدائي وتغطیة كثیر من العملیات وكان التنسیق قائماً بین المعسكر والفدائیین لكافة العملیات التي یقومون بها .
ركزت الجبهة القومیة منذ بدایة انطلاق الكفاح المسلح على تشكیل خلایا ثوریة داخل صفوف الجیش والأمن وداخل مؤسسات وأجهزة الحكم الاستعماریة على طول الساحة مما سهل ووسع النشاط الثوري الوطني بمختلف أشكاله من بعد إخفاق توحید فصائل الثورة المسلحة في 13 ینایر 1967 م(الدمج ألقسري( وتمثلها في فصيليين هما الجبهة القومیة وجبهة التحریر.
،یشیر الأستاذ المناضل محمد سالم با سندوه في كتابه) قضیة الجنوب الیمني المحتل في الأمم المتحدة) )بقوله: (إن الجبهة القومیة ورثت أكثریة تنظیم خلایا القوات المسلحة ولم یبق مع جبهة التحریر إلا النسبة الأقل منال خلايا والعناصر...) ...الخ كما أن استیاء العلاقة بین قیادات الجبهة القومیة، والمخابرات المصریة والتي أدت إلى قطع الإمدادات والدعم عن الجبهة القومیة مما جعل الجبهة القومیة تركز نشاطها على الجیش والأمن والمناطق الریفیة للحصول على الدعم والتأیید، مما ساعدها على الاستمرار بالنضال بل وانتشارها والاتساع في الساحة النضالیة وسیطرتها على الجیش والأمن، وبالتالي وقوفهما إلى جانبها في اللحظات الحاسمة، برغم تأسیس ھیئة تحرير الجنوب الیمني المحتل) في نھاية 1962 م لكن ھذه إلھیئة لم تحظَ بدعم القیادات العربیة المصرية ما أضعف دورھا رغم أنّھا حصلت على دعم بعض القیادات الیمنیة، فكان لابد من إيجاد إطار سیاسي جديد، وبناءً على دعوة من المجامیع الجنوبیة الموجودة في صنعاء والتي كانت غیر منضمة إلى ھیئة تحريرا لجنوب الیمني المحتل) عقد اجتماع في 24 فبراير 1963 م في دار السعادة بصنعاء (مؤتمر القوى الوطنیة) حضره أكثر من ( 1000 ) ممثل للوطنیین المستقلین و الضباط الأحرار وقادة حركة القومیین العرب، وتمّ التوصل إلى اتفاق حول توحید جمیع القوى الوطنیة في جبھة موحدة أطلق علیھا (جبھة تحرير الجنوب الیمني المحتل .( وانتخب لھا مكتب سیاسي مكوّن من 11شخصاً .
وعقد المكتب السیاسي عدة اجتماعات توصل بعدھا إلى إعداد مشروع میثاق قومي تمت المصادقة علیه في 8 مارس 1963 م وأقره الحاضرون من رجال القبائل والجنود والضباط الأحرار ومثلوا القومیین العرب.
إلا أ ن ھذه الجبهة، التي حظیت بدعم القیادة المصرية وحركة القومیین العرب، لم تحظَ بدعم بعض القیادات الیمنیة في صنعاء وحزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي، مما جعلھا لم تحقق نجاحات كبیرة في نشاطاتھا ولم يفتح لھا مكتب، بینما حصل حزب الشعب الاشتراكي الذي يقوده عبد لله الأصنج على مكتب لممارسة نشاطه في قاع ألعلفي حالی اً.وفي 29 مايو 1963 م كانت تزور صنعاء لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن لجنة تصفية الاستعمار بالأمم المتحدة، فقام أبناء الجنوب بتنظیم مسیرة في ذلك الیوم تحركت من( العرضي (باب الیمن) إلى دار الضیافة (المتحف الحربي حالیا سلموا فیھا مذكرة إلى اللجنة الدولية تشرح أوضاع أبناء الجنوب تحت الحكم البريطاني وحددوا مطالبھم التي تؤدي إلى الاستقلال. وأمام دار الضیافة خرجت اللجنة الدولیة لاستقبال المتظاھرين تستمع إلى مطالبھم. فقام عبد لله علي عبید، الذي كان يمثل أحد طرفي الحركة السیاسیة الجنوبیة وھوحزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي بعدن، فطلب من اللجنة الدولیة إجبار المستعمر على الرحیل من الجنوب وأنّ شعب الجنوب لیس لديه إمكانیة لمجابھة بريطانیا العظمى، بينما الطرف الآخر الذي كان يمثل جبھة التحرير أو بالأصح حركة القومیین العرب كان يرفض الحلول السلمیة مع المستعمر، فحدث خلاف حاد أمام اللجنة الدولیة بین الطرفین.
لیس بخافٍ أنّ جبھة تحرير جنوب الیمن المحتل التي تمّ الإعلان عنھا في 24 فبراير 1963 مكانت التشكیلات الرئیسیة المكوّنة لھا ثلاثة : الضباط والجنود الأحرار وتشكیل القبائل وحركة القومیین العرب وبعض عناصر قیل إنّھا مستقلة، لكن حركة القومیین العرب التي كانت تعتبر في تلك الأيام حركة اشتراكیة أو شیوعیة كان أعضاءھا يمارسون نشاطھم بصورةٍ سرية كانت ھي وراء تأسیس ھذه الجبھة بدعمٍ من القیادة المصرية، لكن ھذه الجبھة لم يسر نشاطھا على النحو المطلوب، لھذا أصدر بیان إلى الشعب العربي في جنوب الیمني المحتل بتاريخ 5 يونیو 1963 م باسم تشكیل القبائل انتقد الجبھات التي كانت وراء فشل جبھة تحرير جنوب الیمن المحتل واتھمھا بالتآمر، وأعلن عزمه على تفجیر الثورة المسلحة في القريب العاجل.
وأھم ما جاء في البیان أنّه أول بیان تبنى كلمة الجبھة القومیة حیث جاء فیه:
: (يا شعبنا العربي في الجنوب..( ارفع شعار الجبھة القومیة بین القوى المناضلة وطالب بتحقیقھا فالجبھة
القومیة ھي طريق الشعب لتوحید صفوفه وتحقیق أھدافه,.وقد وقع البیان من قبل تشكیلین ھما: تشكیل القبائل وضباط وصف ضباط الجیش. وكل البیانات التي صدرت عن التنظیمات السیاسیة في الجنوب، كانت تعتبر الیمن إقلیماً واحداًشمالاً وجنوباً وجزءاً من الوطن العربي الموحد، ولا تعترف بالتجزئة.
في منتصف عام 1963 م بدأ ضغط القوى الملكیة المدعومة من قبل المملكة العربیة السعودية وبريطانیا والدول الغربیة الأخرى، يزداد على الثورة في الشمال بینما القوى السیاسیة الجنوبیة لم تستطع التوصل إلى إيجاد إطار سیاسي جبھوي قادر على تخفیف الضغط على الثورة عندما يتطلب الأمر ذلك، فعقد في منتصف شھر يونیو 1963 م اجتماع بین أبناء الجنوب والشمال في منزل القاضي عبدا لرحمن الإرياني “الكائن أمام القصر الجمھوري”، ضم من الجانب الشمالي : عبدا لرحمن الإرياني ومحمد محمود الزبیري ومن الجانب الجنوبي ناصر علوي السقاف وعبد لله محمد المجعلي وبخیت ملیط الحمید وأحمد بن نمیر العولقي.
لمحة سریعة عن أحداث عدن الملحمة البطولیة 20يونيو67م
الیمن سباق إلى صنع الأحداث العظیمة والتي لها أعظم الأثر في صنع التاریخ العربي إلا أنها لم تحظ بالاهتمام ولم یعط لها حقها من البحث والدراسة للاستفادة من دروسها وعبرها لتربیة الأجیال صانعة المستقبل وما مثل هذا الحدث العظیم ألا واحد منها وهذا ما لفت نظر بعض المهتمین فكتبوا عن هذا الحدث نتفاً هنا وهناك ومع ذلك لم تفها حقها وهذا ما دعا
الكاتب العقید الركن محمد عباس ناجي إلى تألیف كتاب بعنوان (عدن، أحداث عظیمة أدت إلى الاستقلال).قدم له المناضل الفریق الركن/عبد ربه منصور هادي نائب رئیس الجمهوریة مقدمة ضافیة نقتبس منها وهو یصف الحدث قائلا: ( هذا الحدث ملحمة یونیو 1967 م البطولیة التي قام بها رجال الأمن والجیش وفدائیو الجبهة القومیة وجبهة التحریر ضد المستعمر البریطاني في مدینة عدن على وجه التحدید هذه المرحلة التي لم تأت نتیجة لظرف آن وٕإنما سبقتها مقدمات محلیة وعربیة ودولیة )ویقول :(كانت هذه الملحمة كالقندیل المضيء في سماء الأمة العربیة التي خیم علیها ظلام داكن نتیجة نكسة حزيران .
كانت العناصر القيادية المكلفة بقيادة نشاط الثورة في الجيش والأمن هي التي كانت تشرف وتنظم العلاقة وأعمال الكفاح المسلح بين فصائل التنظيمات المدنية والعسكرية وهذا كان أحد العوامل الرئيسية التي أدت إلى وقوف الجيش والأمن إلى دعم الثوار والثورة في صنع ملحمة(20)يونيو بل كانتا القوتين الرئيسيتين إلى جانب فصائل الثورة المتمثلة في فدائيي الجبهة القومية والتنظيم الشعبي الجناح المسلح لجبهة التحرير،ولا يمكن للمنصف أن يغفل عمداً عناصر صناعة المواقف التاريخية لعنصر هام مثل وقوف الجيش والأمن (كمؤسسات استعمارية) إلى جانب الثورة مثل القول بأن مواقفها التاريخية تلك جاءت بفعل تأثير تلك الخلايا فقط- بل إن الحقيقة تؤكد أن هناك عوامل وعناصر أخرى كان لها أهمية في صنع تلك المواقف التاريخية الهامة.
من الضرورة الاشارة إلى وجود تناقضات وتباينات في صفوف الجيش والامن وبينهما استغلت قيادات الثورة تلك التناقضات الكثيرة داخل تلك المؤسسات وبينها بحنكة ودهاء كبيرين لتوجهها ضد المستعمر ولا شك كانت تلك الخلايا من أهم آليات تنفيذ تلك السياسة فائقة الحبكه عالية الحنكة دقيقة الصنعة والتنفيذ.
من التناقضات تندلع الشرارة:
- من أهم وأول تلك التناقضات عامل توقيف مجموعة من الضباط اذ قبل أيام قليلة من بدء الملحمة أقدمت سلطات الاستعمار البريطاني بتوقيف مجموعة من الضباط وإحالة البعض إلى التقاعد....الخ.
- في صباح( 20) يونيو بدأ طلاب مدرسة الموسيقى ومدرسة أبناء الجيش بتجمعات في معسكر (ليك لاين) -حي الشهيد عبد القوي حالياً- تعبيراً عن رفض تلك القرارات، تطورت إلى أعمال عنف حيث تم إحراق بعض المباني في المعسكر, انتشر خبر الانتفاضة من داخل المعسكر "بطريقة متعمدة" إلى مدينة الشيخ عثمان, عندها خرجت الجماهير في مسيرة منظمة وحاشدة تتنافس في قيادتها فصائل المقاومة في كل من الجبهة القومية وجبهة التحرير مما دفع القوات البريطانية إلى إعلان حالة الاستنفار القصوى لوحداتها العسكرية وبقية أجهزة حكمها وفي حوالى الساعة التاسعة من ذلك اليوم الميمون وبينما كانت القوات البريطانية آتية من معسكر سنغافورة (معسكر طارق حاليا)باتجاه معسكر (ليك لاين) في مدينة الشيخ عثمان اعترضها جنود الحرس لاتحادي المتمركزين في معسكر (تشامبيونلاين)(معسكر النصر حاليا)وأطلقت عليها النيران مما أدى إلى مصرع (9)جنود بريطانيين وجرح (11) وإعطاب عدد من الآليات وبالمقابل استشهد اثنان من رجال المقاومة (الأمن).
على إثر ذلك دفعت القوات البريطانية بتعزيزات جديدة وقامت بهجوم على معسكر النصر من كافة الاتجاهات فدارت معركة كبيرة تكبد فيها المحتل خسائر فادحة في الأرواح والمعدات والأنكى من ذلك خسارته الكبيرة المتمثلة بمن كان يعتمد عليهم ليس بانضمامهم إلى جانب الثوار بل قيامهم في مواجهته المباشرة وبانحيازهم التام إلى جانب الوطن.
توقف القتال ظهر ذلك اليوم، إلا أن التوتر انتقل الى معظم مراكز ومعسكرات الجيش وأشدها توتراً معسكر (أرمد بوليس) (الشرطة المسلحة) في كريتر -معسكر 20يونيو حالياً حيث قام الجنود والضباط بالاستيلاء على مخازن الأسلحة والذخائر رغم الاحتياطات الكبيرة التي اتخذها المستعمر للحول دون ذلك.
جرى حوار بين الطرفين هدفه عدم دخول القوات البريطانية المدينة, وأصرت القوات البريطانية على اقتحام المدينة وبدأت طائراتها بالتحليق في سماء المدينة وعلى ارتفاعات منخفضة مصحوباً بتقدم القوات على الأرض من محاور مختلفة واحتدمت المعركة. تم إسقاط طائرة بريطانية وقتل أكثر من (12) جندياً بريطانياً وأضعافهم من الجرحى وتدمير عدد من الآليات مما رفع من معنويات الثوار والمواطنين الذين قاموا باقتحام السجن المركزي وإطلاق سراح السجناء وتسليحهم والذين كان معظمهم من الفدائيين ومناصري الثورة .
في هذا اليوم "20"يونيو استشهد الشاب البطل علي سالم يافعي وجرح ثلاثة من المقاومين, جرى تشييع جثمانه الطاهر باشتراك جماهيري كبير تحت القصف البريطاني.
رغم ذلك التفوق الكبير للجيش البريطاني إلا أن الثوار أحكموا سيطرتهم على المدينة بشكل تام رغم استمرار القوات المحتلة بالقصف من كل الاتجاهات البرية والبحرية والجوية لمدينة الصمود كريتر عدن .
في هذا اليوم أصدرت كل من الجبهة القومية وجبهة التحرير بيانات تناشد فيها المنظمات الدولية والمجتمع الدولي التدخل لحماية المدنيين وطالبت عناصرها الاشتراك في الدفاع عن المدينة والصمود كما أهابت بصمود الجماهير ووقوفهم إلى جانب الثورة في هذه الملحمة البطولية وتلبية لذلك أعلنت المكاتب والمحلات التجارية والمصارف والبنوك الإضراب العام ليتعزز بذلك التلاحم الشعبي.
وواجهت القوات البريطانية الآن خيارا حيويا فبإمكانها إما أن تتوجه للقضاء على التمرد بالقوة أو أن تراقب الأحداث لترى ما يتلوها من نتائج ولاعتقاد الرؤساء العسكريين والمندوب السامي أن إي إجراء متهور يمكن أن يثير تمردا شاملا بين القوات المسلحة للجنوب العربي ولعدم تأكدهم من مدى تورط الشرطة المسلحة اختاروا الطريق الأخير وعلى الرغم من أن القرار قد انتقد انتقادا شديد ا في ذلك الوقت إلا أن الأحداث برهنت على أنهم على حق لقد توفى الاثنا عشر جنديا وكان سيقتل المزيد منهم في محاولة انتشال الجثث كما أن الشرطة المسلحة برمتها كانت تضطر إلى الالتفاف حول المتمردين لو أن البريطانيين الذين كانوا عازمين على الأخذ بالثأر قد نزلوا إلى كريتر بقوة. ولفترة وجيزة ساد الذعر كافة ثكنات الشرطة المسلحة إذ كان العقاب متوقعا في كل لحظة وتخلى المتمردون عن مواقعهم واندفعوا لكي يحثوا زملاءهم المذهولين على الانضمام إليهم وأوضحوا انه لدى عودة البريطانيين لن يميز غضبهم بين الأقلية من المتمردين والأغلبية من المشاهدين وفازوا بوجهة نظرة ووافق الآخرون على الرغم من أنفسهم على اتخاذ مواقع دفاعية ولحسن الحظ لم توضع هذه التجربة موضع التنفيذ بتاتا فالسلوك الانفصامي الواضح الذي سلكته الشرطة المسلحة التي واصلت من ناحية تنفيذ واجباتها بحراسة البنوك والمباني الحكومية وبالاعتناء بجندي بريطاني جريح ومن ناحية أخرى بإطلاق النار على زملائه البريطانيين قد حير البريطانيين لعدة أيام.وفي حوالى الساعة الواحدة بعد الظهر وقعت حادثة أخرى عندما أصيبت طائرة عمودية من طراز (سيو) كانت تقل فريقا من قوات نور ثمبر الند فوز يليرز الملكية من أنقاض كريتر بنيران البنادق وجرح الطيار وهو الضابط فورد في ركبته لكنه تمكن مع ذلك من إنزال طائرته التي كانت تشتعل إلى الأرض وتم إنزال جنديي فوز يلرز لكن أحدهما كسر ساقه أما الثاني واسمه ديفي فعاد إلى داخل الطائرة المشتعلة لكي يخرج الطيار المجروح وبعد أخراجه عاد ثانية إلى الطائرة لإنقاذ جهاز اللاسلكي الذي تمكن بواسطته من طلب المساعدة وتقديرا له على هذا العمل منح ديفي وسام السلوك الرفيع.
إنهيار النظام
ولعدم ظهور البريطانيين كما كان متوقعا تشجع المتمردون وبدأوا بأعمال القنص ضد القوات المارة بيد أن معظم أهالي حي كريتر قد قبعوا في بيوتهم وتربسوا أبوابها منتظرين بخوف حمام الدم الذي لم يحدث بتاتا وعند غروب الشمس كان النظام في المدينة قد انهار تماما وانتشرت أعمال السلب والنهب وحطم حوالى 130 سجينا كانوا بداخل السجن المدني القيود ولاذوا بالفرار وفي المساء أصيبت طائرة عموديه تابعة للجيش كانت تحلق فوق المدينة املاً في العثور على بعض المعلومات الرئيسية عما كان يحدث بنيران القناصة وسقطت على سفح أحد الجبال وبأعجوبة نجا ملاحوها الثلاثة وأصيبوا بجروح فقط.
وبعد ذلك أصبحت كريتر في أيدي الرعاع وشهد الليل تسلل مشعلي الحرائق إلى الشوارع وإحراقهم السيارات والأكشاك والدكاكين في عربدة تدميرية مفرطة وكان أول أهدافهم هو الجمعية التشريعية العدنية التي كانت تستقر بمفردها فوق الصخر والتي كانت مهملة منذ عهد مكاوي ولكونها كنيسة سابقة ومصدر تذكير دائم بالمحاولات البريطانية لفرض النظام الديمقراطي البريطاني على شعب أجنبي فقد كانت موضع إغراء لا يقاوم لمثيري الشغب والثوريين على السواء وفي الساعة الثامنة مساء كانت القوات التي تحرس الحاجز على طريق الشاطئ تراقب التلال الغربية فوق الجبل مضاءة بالنيران المشتعلة وبعد ساعات سقط السقف مطلقا سيلا من الشرارات النارية وعند الصباح كان كل ما بقي من المبنى هو قطعتان محروقتان من جزئه الأعلى ترمزان بشكل رهيب لما سيحدث في المستقبل.
وفي تلك الليلة اجتمعت الإدارة البريطانية داخل غرفة الاجتماعات الهادئة في دار الحكومة لمواجهة الواقع البغيض وهو أن حي كريتر قلب حركة التجارية لمستعمرة عدن قد كان في أيدي المتمردين لقد شلت حركتهم لانعدام المخابرات فبدونه كانوا غير قادرين على متابعة مجرى الأحداث والتمييز بين الصديق والعدو وقد كان موقف قوات الجنوب العربي ذا أهمية خاصة بالنسبة لكل من عدن والمناطق التي تقع وراءها في الاتحاد.
ولم تتضح الصورة عن الفشل في التنبؤ بموقف جيش الجنوب العربي في أي مكان بشكل أفضل من مخيم (العند) الواقع عند مقطع طرق اليمن الرئيسية بين لحج وردفان وفي الصباح كلفت وحدة عسكرية بالتحرك إلى عدن في حال وجود أية ضرورة لإعادة النظام
في لايك لاينز أدرت الوحدة دون تذمر أو أية إشارة توحي بالقلق والضيق وفي وقت متأخر من النهار بعد أن تسربت أنباء غريبة هربت الوحدة فجأة وتوجهت نحو الطريق بسيارتها الثلاث للانضمام إلى أعمال الشغب.
إن العلاقة بین الشطرين الیمنیین الشمالي والجنوبي تشبه العمل في الأواني المستطرقة، فما یحدث في أي شطر یؤثر بالضرورة على الشطر الآخر، ومن هنا كان لثورة 26 سبتمبر التي جاءت كضرورة تاریخیة وٕإنسانية في تمهید الطریق لإحداث التغییر الذي أدى إلى قیام ثورة 14 أكتوبر وطرد الاحتلال البریطاني بتكاتف ونضال سائر القوى السیاسیة التي خاضت الكفاح المسلح ضد الاحتلال لیكون ذلك هو الإنجاز الأكبر- ولا أرید أن أقول الوحید لثورة 14 أكتوبر وٕإلا وجب القول أیضاً أن الاستعمار البریطاني أعلن قراره بالانسحاب من تلقاء نفسه حالما یجد القوة السیاسیة التي یقبل بها لتستلم منه الحكم وبالتالي لا مفر من أن نسأل "هل كانت ثورة 14 أكتوبر سنداً لثورة 26سبتمبر أم كانت وزرا علیها؟" ومادمنا قد سألنا فلا بد أن نورد الإجابة التي ردت بها علینا الأیام والسنین "لقد انفجرت ثورة
26 سبتمبر لتتحول إلى طاقة إیجابیة تصارع الیأس بالأمل بینما تطورت ثورة 14أكتوبر لتصرع الأمل بالیأس".
ان العبروالدروس واضحة وجلية جلي الشمس فلا ينبغي ان نصرع الامل بليأس ولاينبغي ان يشبه اليوم البارحة ويجب ان لانعبرالنهرمرتين ان المشهد اليوم هوذلك المشهد الذي كان بالامس يجب الا نصل الئ الدمج القسري بين مكونات وفئات وعناصرصناعة الغد المشرق ونعيد تلك المشاهد التراجيدية