آخر تحديث :الجمعة-16 مايو 2025-08:57م

رمضانيات(2) أية وتفسير11

السبت - 24 أبريل 2021 - الساعة 07:18 م
أ/أمين بن عادل

بقلم: أ/أمين بن عادل
- ارشيف الكاتب


 

قال تعالى: *قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ،لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ،وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ،وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبدتمْ،وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ،ولا أنا عابد ما عبدتم،لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين*
سورة الكافرون 1-6. جاء في تفسير سورة الكافرون وسبب نزولها أن رهط من مشركي قريش قالوا للنبي -صلى الله عليه وسلم- يامحمد هلم-تعال- اتبع ديننا، ونتبع دينك، تعبد آلهتنا سنة،ونعبد إلهك سنة،فإذا كان الذي جئت به خيرا من الذي بأيدينا نكون قد شركناك فيه وأخدنا بحظنا منه، وإن كان الذي بأيدينا خيرا مما في يديك تكون قد شركت في أمرنا وأخدت بحظك، فأنت منا ومن أبناء عمومتنا؛
فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- معاذ الله أن أشرك به غيره؛ وانصرف عنهم فأنزل الله الأيات قال تعالى: *قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ،لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ،وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ،وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبدتمْ،وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ،ولا أنا عابد ما عبدتم،لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ* فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملاء من قريش فقرأ عليهم حتى فرغ من السورة فأيسوا منه عند ذلك.
وفي السورة قال تعالى: *قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ* أي: يا محمد قل لهم، وأخبر الكافرين الذين دعوك لعبادة ألهتم سنة وكل الكافرين وأنهم يعبدون إلهك سنة قل لهم *،لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ* لا أعبد سوى الله وحده لا شريك له ولا أعبد ماتعبدون من الأوثان والأصنام التي تعبدونها،ونحن المسلمون على الحق لا نعبد ما تعبدون لأننا غير متشككين بأمر ديننا مثلكم،

*وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ*: أي ولا أنتم تعبدون ما أعبد يراد به الآن في زمن النبي-صلى الله عليه وسلم- والمقصد عموم الكافرين وليس خصوصهم،لأن بعضهم أسلم وحسن إسلامه، *وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُم* أي أنا لم ولن أعبد ماتعبدونه الآن حاضرت،ولا فيما بعد ولا مستقبلا، *وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُم* وهي زيادة تاكيد أن النبي -صلى الله عليه وسلم- ماعبد الأصنام والأوثان في صغره -في الماضي- حتى يعبدها بعد نزول الوحي عليه،
*ْ،وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* أي الآن، *لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ* أي لكم طريقة الكفر والبعد عن الحق التي لا يرضاها الله والتي ستحاسبون عليها،ولي دين الحق،وفيه إشارة إلى أن الكفر قد يسمى دينا كالأديان الوضعية والمحرفة ونحو ذلك فالمصطلحات لا تغير المضمون، وهذه الأية ليس فيها التخيير بين الكفر والإيمان حاشا لله هذا فقوله تعالى: *لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِين* ليس معناه أنه يجوز لأي أحد اختيار دين الكفر كما يقوله بعض قليوا العلم بل جاء على صيغة الذم أي لكم دين وطريقة الكفر؛ وإلا لماذا الله يعذب الكافرين وهكذا يفهم من باقي الأيات فهو ترك مع الذم والوعد الوعيد واستحقاق دخول النار وليس تخيرا مطلقا والعياذ بالله مما يتكلم به بعض من تصدر المشهد الآن؛ قال تعالى: *لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ،* أي النعيم لما أراد الاستقامة وليس معناه من لم يرد أن يستقم فهو حر، سورة التكوير (آية 28) وإنما المراد هو يختار طريق الكفر فيستحق العذاب، ومن أوضح ما يمكن الاستدلال به قوله تعالى:ْ *فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُر* وهذا ليس معناه أن الله يبيح الكفر بل معناه الاختيار بيدك وأنت مسؤول على أفعالك فمن أمن فله الجنة ومن كفر فله النار وليس معناه أن الله يرضى بكفر الكافر والعياذ بالله، وتتمة الأية تقول: *وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ ۖ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا ۚ وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ ۚ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا* سورة الكهف (آية 29) إلا أننا في قانون المواطنة لا نستطيع إلزام كافر على الإسلام أو ارغامه عليه لأنه صلى الله عليه وسلم مات ودرعه مرهونة عند يهودي فالكفار كانوا حوله ولم يرغمهم -صلى الله عليه وسلم- إلا أننا لا نقول هو حر ونستدل بالأيات من غير معرفة ودراية ، فهناك فارق كبير بين شخص يختار طريق هلاكه بيديه وبين آخر يقول أن الله خيره بين الطريقين ويستدل بالأيات المتقدمة ثم يقول هم في النار فهذا تناقض لا يقع به إلا قليل علم وأمثال هؤلاء يخشى منهم على أمر هذا الدين.
والله تعالى أعلم وأحكم وفوق كل ذي علم عليم.