ليس من السهل تعريف أو إيجاد وصف مثالي يعطي الوطن حقه ، فكلمة وطن بسيطة لغويآ تتكون من ثلاثة أحرف لاغير ولكنها عظيمة في معناها الأزلي .
لقد حاول العلماء والشعراء والباحثون تعريف الوطن إلا أنهم في نهاية المطاف توصلوا إلى بعض التعريفات والتحليلات اللغوية ، الجغرافية، التاريخية والأجتماعية ، ولكن كل تلك النتائج وعلى الرغم من وفرتها كمآ وعددآ لم تفي وتعطي تلك الحروف الثلاثة حقها وتفسر معناها الحقيقي .
الوطن كلمة خالدة ، لا يمكن تعريفها كالمعادلات الرياضية الجبرية س +ص =س ص أو وصفه والأشكال الهندسية مثلث -مربع - أو حصره في خريطة صماء لانشعر به عندما تلامس مفاتيح الخريطة .
كل تلك التعريفات التي سبق ذكرها خالية تمامآ من المشاعر و الأحاسيس الفياضة والعاطفة المشبوبة المكون الرئيسي والضروري الذي يجعل تلك التعريفات أكثر دقة و واقعية و قريبة لحد ما من المراد إثباته .
الوطن اكبر من ذلك بكلمته الخالدة وتقدير تلك الكلمة حق تقدير بصب في نهر الحب الجارف وسئل عرم من الأخلاص التام دون النظر إلى مبدأ الربح والخسارة المتعارف علية في زمننا الأعلى هذا. .
الأغلبية قد يتفقون على المعنى السطحي والمتعارف علية و ط ن و لكن بصورة محردة من العواطف الجياشة الصادقة النابعة من الجذور الأصيلة لمن ينتمي إلى هذا الكيان ، تلك المشاعر والعواطف لم تأتي من فراغ ، بل جاءت نتيجة المفعول السحري والعجيب الذي يسري في كيان كل إنسان طبيعي يستحضر في أعماقه أدق تفاصيل حياته في كنف هذا الكيان المسمى ب الوطن .
فحب الوطن وتقديس ذرات ترابه أمر ليس مخالف للعقل والمنطق ومنافي للتشريعات الدينية والدنيوية بل يثبت العكس ويثبت صحة ونبل عقلية المحب له حتى الفناء فالمال والنفس والولد والكبد ليس اغلا من ذرات ترابه ، لأن الوطن العقلية السليمة درة الدرر و غلاه نابع من تقدير المواطن لنفسه ، وكلما أعطى المواطن وطنه أعلى درجة من التقدير ، كلما ارتفع شأنه في المقابل كعلاقة تناسب طردي. .
الوطن ليس مساحة جغرافية معينة ، ليس غرضآ عرضيآ ، بل كيان له دور جوهري في حياة كل من ينتمي إليه ويعيش في كنفه ، يشرب من ماءه الذي يجري مدآ في شرايينه ، يتنفس هواءه وينعم بخيراته هو الحياة بحذافيرها و بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، هو القيم والمبادئ السامية والأخلاقيات الفضلى ، هو البيئة المثلى التي تصنع شخصية الأنسان وتصقل مختلف زوايا اتجاهاته المناتئة الحادة و الخشنة ، وبحبه السرمدي يعالج مختلف الحالات المرضية النفسية والاجتماعية الناتجة عن التشدق بحب الوطن والوطنية الممزوجة بالفرضية الزائفة التي تتمحور جليآ حول الأمور المادية الأمنية الزائلة ، و تتمركز حول تطلعات غير شريفة و أفكار جهنمية يندى لها الجبين و يخجل من شيطنة تصرفاتها الشيطان نفسه ، حتى كبيرهم أبليس يعتبر تلك التصرفات تعدي صريح على صلاحيات ذاته الشيطانية و نسف لقائمة أعماله الخاصة .
الأديب والكاتب الشاعر د. سالم الحربي SalemAlharby Alharby
أكتوبر 2021