في عدن .. كل فصول السنة صيفاً ، وإن كان يتخللها اعتدالاً في المناخ، فنسميه - جزافاً – فصل الشتاء ، وما هو بشتاء .. لكن تقليل أو توقف استخدام أجهزة التكييف الكهربائية في هذا الفصل الذي لا يتجاوز الشهرين أو الثلاثة ، هو ما يطلق عليه البعض فصل الشتاء المعتدل في عدن ، هذا الفصل الذي تتوافد فيه أسراب الطيور المهاجرة إلى عدن هرباً من البرد القارص في المناطق المناخية الباردة ، ولتكون شاهدة كونية لعذاب هذه المدينة بمن فيها ..
وقد عهدنا عذابات الطاقة الكهربائية طوال أكثر من عشر سنوات عجاف لم نعرف فيها راحة النوم أو راحة البال أو هدوء الأعصاب بسبب الانقطاعات الطويلة المتواصلة للتيار الكهربائي ، فنصبح ونمسي في عذاب وسعير لا نظير له في أي مدينة في العالم ، لأن الحكومات المتعاقبة تنفذ خطة ومنهاج العقوبة الجماعية المتعمدة لمواطني هذه المدينة التي رسمتها حكومة ( الوحلة والفيد ) منذ قيامها وحتى اليوم ..
وفي السنوات الأولى لمسرحية العذاب المتعمد والعقوبة الجماعية على عدن ، كنا نتحمل – بصبرٍ لا يطاق – فصول الصيف المتوالية ، على أمل دخول فصل الاعتدال الشتوي الذي ننعم فيه ببعض الهدوء النسبي من معارك الكهرباء .. ويكون فيه الانقطاع قصيراً ، وفترة الوصل الكهربائي أطول بشكل ملحوظ ، بعكس فصول السعير التي تسبق هذا الفصل .
وأياً كانت الأسباب والظروف المؤدية لتلك الانقطاعات ، وتصريحات الدجل والسراب التي يتشدقون بها بعض حثالات وقيادات الدولة المهترئة بالوعود العرقوبية بإصلاح شأن الكهرباء مع كل فصل قادم .. فأن الوضع يزداد سوءاً وتردياً عما سبقه في العام الماضي ..
وكنا نتفاءل بدخول ( المحطة الجديدة ) للخدمة ، لعل وعسى أن ننعم ببعض الراحة والاستقرار – ولو مؤقتاً – وفي فصل الشتاء تحديداً ، بعد أن أصابنا اليأس والإحباط من أي تحسن في فصل الصيف القادم الذي لم ولن نعرف موعده في أي عام بالضبط ، لا سيما وأن معضلة وقود المحطات لم يتم حسمها أو اتخاذ إجراء صارم وقرار حكومي رسمي جاد كحل جذري لهذه الكارثة مطلقاً .
لعنة في الشتاء ولعنة في الصيف !
هذه اللعنة الخبيثة تلاحق كل من تسبب في هذه الحالة المخزية لأوضاع كهرباء عدن .. وبالمقابل تعكس ذاتها لتتحول إلى أعاصير وبراكين لعنات تخيم على جغرافية هذه المدينة المنكوبة ومواطنيها من أطفال وشباب وشيوخ ونساء وعجزة ، وكل أفراد المجتمع وطبقاته دون استثناء .. لتكون بذلك مدينة عدن عبارة عن جزيرة ملعونة ، مغضوب عليها ، وكل من فيها عبارة عن سجناء يقضون عقوبة العذاب المؤبد بسعير حرارة طقسها الملتهب الذي تستخدمه حكومة الفيد المهاجرة كوسيلة لتغييب المواطن عن المطالبة ببقية حقوقه الدستورية والإنسانية في الحياة الحرة الكريمة المستقرة التي لم يذق لها طعماً منذ أن قدمتها القيادة الفاشلة – التي حكمت منذ 1986م – كهدية مجانية لقطيع ثيران ( الوحلة أو الموت ) في 1990م .
فهل يا ترى ستلمس مدينة عدن بعض من النتائج الايجابية الناتجة من ( الهبّة الحضرمية ) التي بدأت تزلزل عرش ناهبي ثروات الجنوب ، وعلى أقل تقدير تنال جزء يسير من حصتها الشرعية من حقول وآبار النفط والغاز لتغذية جوع وقود محطات الكهرباء مساهمة في تخفيف معاناة الناس ، ولو في فصل الاعتدال الشتوي المؤقت الذي تلاحقه اللعنات عام بعد آخر ؟!