آخر تحديث :الأربعاء-21 مايو 2025-09:24م

صدق أو لا تصدق.. هذا صحيح  (2)

الخميس - 17 فبراير 2022 - الساعة 01:49 م
عفيف السيد عبدالله

بقلم: عفيف السيد عبدالله
- ارشيف الكاتب


- هناك أكثر من قصة واحدة تروى عن إسم عدن. فقد ورد إسم عدن في التوراة (592 قبل الميلاد)، كتاب العهد القديم، سفر حزقيال، الأصحاح، الآية 22.  وذكر أيضا في حديث رسول الله، يقول " يخرج من عدن أبين أثنا عشر الفا . ينصرون الله ورسوله هم خير من بيني وبينهم".

- وكما اليمن ، شرفه الله بإسمه ركن في الكعبة (الركن اليماني)، ونجم في السماء (سهيل اليماني). كذلك عدن المدينة، لها خليج استراتيجي بإسمها، يمتد من المحيط الهندي إلى باب المنذب، البحر الأحمر (خليج عدن). وحسب مجلة نيوزويك الأمريكية، تعتبر مياه خليج عدن، أنظف مصايد العالم قاطبة.

    - أيضا، المثير للدهشة في عدن، هو وجود من أعلى، شبه قوي وانسجام في التضاريس، بين مدينة عدن شبه الجزبرة والبريقة. حسب المثل المصري "فوله وأنقسمت نصين"، وكذا المثل الانجليزي  "مثل حبتين باسيلا" .

- وكما يبدو، أن عدن هي المدينة الوحيدة في العالم، التي زارها عبر العصور المختلفة كل الرحالة المشاهير، واحدا بعد الآخر. منهم: ماركو بولو أثناء رحلته مع والده وخاله عام 1269م. وإبن بطوطة عام 1330م. والرحالة الصيني المسلم الشهير الادميرال شينج هي، والملقب (بالفارسية)  بحاجي محمود شمس الدين عام 1492م. والرحالة الايطالي فارتيما دي عام 1504م . وجان دو لاروك الفرنسي ما بين الفترة 1708م – 1713م. وتكمن أهمية هذه الزيارات، انها تقدم شواهد على أهمية واقع الازدهار الحضاري والتجاري، وأهمية عدن التاريخي عبر العصور المختلفه. 

- تمتعت عدن بسيادة داخلية مستقلة، بطول التاريخ، وبحكم الواقع. وفي زمن الانجليز، قبل مجيء الجبهة القومية (الحزب الاشتراكي) الى الحكم، كان أبناء عدن، وحدهم لهم الحق في  حيازة وملكية الأراضي، وبناء الأصول التي يملكونها. ويختارون لادارة المدينة، ولتمثيلها في المجلس التشريعي في الداخل. ولا يذهب وزنهم السياسي الى باقي المقيمين من الشمال أو الجنوب أو من خارج اليمن.   

- الآن، عدن هي المدينة الوحيدة في اليمن التي لا يحكمها أبناؤها، وحكمها من سابق الحزب الاشتراكي ثم صالح . وتحكمها الآن معا قوى الشرعية، والمجلس الانتقالي، والحوارك الجنوبية. وجميعهم لا تربطهم صلة بالمدينة. والسلطة عندهم قائمة على أساس قبلي. وأتسمت ممارسة حكمهم بالجهل، والكراهية. وأهدرت حقوق الناس، واجبرتهم قسرا على  تنفيذ سياسات غبية. كما ارتكبت، ولم تزل، جرائم حرب، وجرائم ضد الانسانية. تستدعي فورا، دعوة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية التحقيق فيها.

- ساعد تأسيس الجمعية العدنية عام 1949م ، في ظهور قضية عدن. وكان الصحافي الكبير، والسياسي العدني النبيل، وقائد التنويرفي عدن، الأستاذ محمد علي لقمان، رحمة الله عليه، أحد من قاموا بإنشاء الجمعية وإيجادها كأول إطار سياسي في المدينة، له توجه عام هو الوصول إلى الحكم الذاتي، تحت راية وشعار عدن للعدنيين. وكان الفقيد لقمان،على علاقه  مثينة، وواسعة بمفكري وزعماء اليمن. ومنهم القاضي الزبيري، والأستاذ نعمان، وبحركة الأحرار اليمنيين ورجالها. وفتح صدر صحيفته فتاة الجزيرة لهم جميعا. وكان واحدا من مهندسي إنقلاب 1948م، ضد الإمام يحي حميد الدين.

- نظرا لوجود قادة شرفاء ووعي ثوري عند المجتمع العدني، وظهور نخب وطنية مثقفة. تمرست على العمل السياسي، والنقابي. قضى أن يكون أول من فجر، واستهل، وآفتتح  الكفاح المسلح، ضد الانجليز. حسب الوثيقة البريطانية حالة طارئة، هو البطل العدني خليفة عبالله حسن خليفة. عندما رمى في 10 ديسمبر 1963، قنبلة يدوية في مطار عدن. أدت الى إصابة المندوب السامي البريطاني السير كنيدي تريفاسكس، بجروح، ومصرع نائبه القائد جورج هندرسن. كما أصيب أيضاً بإصابات مختلفة، 35 من المسؤولين البريطانيين، وبعض وزراء ومشائخ إتحاد الجنوب العربي (محميات عدن الغربية). 

- عدن من أهم وأكبر مؤانيء العالم. وكانت تصنف من بين الأعلى في جودة المعيشة في الحياة، في بلدان غرب آسيا والشرق الأوسط. لكن اثنان، عندما حكموها  جلبوا لها معهم الكوارث، ودمروها. أولهم كان كرب إل وتر (ملك سبأ)، عندما مر بالمدينة وهو يهاجم مملكة أوسان. والثاني، أعراب الجنوب سكان المحميات الغربية، والقائمون على المدينة الى الآن ،بعد أن سلمها لهم، بالتدليس الانجليز،عند خروجه منها في نهاية نوفمبر1967. ومظهر الأساس، الذي قام ولم يزل يقوم عليها حكمهم، هو كراهية أبناء عدن، والعبث ونهب أراضيهم، وتدمير مدينتهم. 

- من أنموذج السلطة التسلطية الحزب الاشتراكي. الذي وضع المواثيق على الرف، في كل ما يتعلق بتنظيم العلاقة، بين السلطة التنفيذية والمواطنيين. وأنشأ في عدن، محكمة شادة الطباع، تسمى محكمة الشعب. للنظر في الدعاوي، التي تتولى رئاسة الجمهورية، وجهاز أمن الدولة، والنيابة العامة، احالتها ومباشرتها أمام المحكمه. وكانت بحكم طبيعتها، اطارا قانونيا، لتحقيق الانتهكات واسعة النطاق لحقوق الانسان. وماعدا فقط الرد على أسئلة القاضي، حرم على المتهم أمامها، السؤال أو الشرح أو التبرير. وأهدر حقه في الإستئناف، أو الطعن في الحكم أمام المحكمة العليا.