تصدقت علىَ سيدتي ببالطو ضاق عليها فقد سمنت كثيرا في الأشهر الماضية. البالطو او كما يسميه البعض " عباية" او سمه ما شئت ، هو عبارة عن رداء أسود طويل ، فضفاض يخفي تفاصيل جسم الأنثى . أما بالطو " سيدتي" فهو مبهر. فيه خرز ، ترتر وازراره مرايا ضف الى ذلك تداخل اللون الكحلي فيه مع الأسود. بدوت وانا أرافقها مرتدية إياه كما لو انني في كوكب. كنت كذلك أحمل حقيبتها الرائعة التي سمعتها تقول لأختها أنها كلفت زوجها ألف " رولل"! الأخرين ممن يروننا لا يعرفون أن الحقيقةأن الحقيبة حقيبتها أو أنني فقط أحملها لها. اما موبايلها فقد رأيت صديقاتها يقلبنه من جميع الجهات معجبات به كم هو حديث وكله مزايا. حملت لها موبايلها أيضا. في الواقع هذه هي وظيفتي اذا كنا خارج القصر. أحمل متعلقاتها. دخلنا العيادة. طلبت مني أن اجلس. جلست بحقيبتها وموبايلها. كل عيون النساء في غرفة الانتظار في العيادة تتفرس في منظري. قل أعوذ برب الفلق. لا الومهن فمظهري كما يبدو للاخرين ألق في ألق. ذهبت سيدتي الى ممرض الطبيب تعطيه بياناتها. انا لا اصلح للقيام بهذه المهمة. فلا أنا اعرف رقم موبايلها ولا حتى لقبها و لا اسمها. هي سيدتي وكفي. اكملت تسجيل اسمها وجلست أمامي. رأيت في احداقها استظراف لمنظري. يعلم الله وحده كم بدوت فاخرة. ثم ضحكت سيدتي بصوت مسموع.كذلك ضحكت أنا. النساء في غرفة الانتظار يتوهمن أنني جئت مع صديقة لي للطبيب. رن الهاتف في يدي. ففتحت المكالمة كما مرنتني و قربت الجهاز من اذنها. قالت: " نعم. نعم. الان أدخل. عقب خروج من هو عند الطبيب الان." لاحظت ان النساء يلتفتن لبعضهن البعض فشعرت انه دور امرأة غيرها. غير أن لم ينطق أحد. في محكمة العدل والمساواة في الحقوق لم يحضر أحد. اغلقت المكالمة عائدة الى الكرسي. احمل عن سيدتي حتى الحسد. كن المنتظرات يرمقنني بحسد حتى جعلنني ادق مقدمة قدمي برجل الكرسي. نظر الى الكل نظرتنا لدوق أحضر عامل من احد اسطبلات خيوله الى الطبيب لأنه يعاني مرضا ما. يعتقدن انني امسك لها الموبايل رأفة بحالها وليس لكي احمل أنا اضرار مسك الموبايل طوال اليوم عوضا عنها. أنا أصلا لست متعلمة صحيح لكنني أفهم ما اسمع. سمعتها تشتكي لزوجها أنها تتكهرب أذا صافحت أحد. كذلك قالت انها تتكهرب اذا أمسكت بالريموت كنترول او بعود القات. هنا اقترح عليها أن أمسك أنا موبايلها. قال لها أن تخفف من المشاركة بمواقع التواصل الاجتماعي و أن تتركني أنا أمسك لها موبايلها. حذرها أن " الذباب" الكهربائية إذا وصلت للدماغ قد تتسبب بتشنجات عصبية عصيبة. عن نفسي لا أدري ماذا يهذرون. لم أر حول سيدتي الا أدخنة البخور و العطور و لم ألمح يوما ذباب يعبرون من أمامها. يومها عقب محادثة سيدتي وزوجها رأيته يجري اتصالات عديدة. سمعته يخبر شخص، أن يكلم شخص، يبلغ شخص، يقول لشخص، أن يوشوش الطبيب أن يدخلها إلى مكتبه بأسرع وقت وألا يتركها تجالس " اليمنيات". رجحت أن تكون سيدتي من جنسية أخرى او احتمال تكون ملاك. أنا أحبها وأخاف عليها. حياتها نعمة أنا أتنعم بها. ألبس ثيابها. أكل مما تبقى من أكلها. أشرب مما يتبقى من شرابها. لا تميزنفسها بأكل أفضل من أكلي ولا بشراب أفضل من شرابي. تأخذني معها حيث تخرج. اتسلي، اسمع، اتفرج على رقص،اسمع نكات واضحك. اعرف اين خلعت بالطوهها. اركز اين خلعت حذائها حتى ادنيه من قدمها عندما نغادر منزل صديقتها. في الليل في قصرها لدي وسادة طمأنينة وسلام. ماذا أريد أكثرمن هذا؟ عيبها الوحيد وحاشى لله أن تتصف بعيب هو أنها تمنعني من زيارة أمي. قالت لي أنني اعرف خصوصياتها ولن تجازف باحتمال أن اسرد على أمي اسرارها إن أنا زرتها. أما أبي و زوجته فهي ترسل إليهم نصف راتبي. هم لا يريدون مني غير ذلك. لم استاء. الشعب كله يستلم نص راتب مرتين في العام.أما أمي فقد كنت أبكيها ليلا. كثيرا ماكنت احلم بها تقول لي ان بنات القرية يحسدنني على ما أنا فيه من بحبوحة. فأصحو راضية مبتسمةعلى نصف راتبي الذي ادخره لأنني لا احتاج لشراء أي شيء. في قصر سيدتي أنا أخبز وأطهو. أيضاأغسل ثياب سيدتي وزوجها. أحضرت سيدتي عاملة أثيوبية تنظف وتكنس البيت. كنت سعيدة. لا يهمني ما اسمعه في التلفاز في الأفلام عن أشياء اسمها حرية، عبودية اوكرامة.هي لغو حاسدين. أنا بالنيابة عن سيدتي احمد الله على حياتها الرغيدة المرفهة لأن لي نصيب مما ياتيها في حياتها. احافظ عليها مثلما يحافظ حامل سراج على سراجه في زقاق مظلم.
خرج المريض من غرفة الطبيب فسارع الممرض يدنو أمامي هامسا انه دوري. قامت سيدتي فسارع الممرض اليها و بذراعه دفعها جانبا لكي أدخل أنا أولا معتقدا انها عاملة لدي سجلت بياناتي. دخلنا للطبيب. جلست أناعلى الأرض. جلست سيدتي على الكرسي أمامه. شكت اليه من كهرباء تصدرها هي اذا صافحت اوامسكت شيء قائلة له وهي تشير بسبابتها إلى:-" هذا كله وأنا لا أمسك موبايلي أصلا.هذه تمسكه لي طوال اليوم. فماذا عساه يحدث لى إن أنا أمسكته بيدي؟" امطرت سحابة داخل قلبي زخات دموع.لست ادر لما؟ لعلها سحابة علقت بين الضلوع. أحسست بلفتة الطبيب إلى. على ماذا تتفرج؟ نعم أنا أحمل لها حقيبتها، موبايلها، بالطوهها،حذائها، صحنها، حسد الناس لها. مالك؟ لا تتظاهر بشخص أخر سواك. أنت و غيرك كثيرون، ساكتون لأن هكذا تريدون. طبقية، عنصرية، مذهبية وهلم جر حتى العبودية. فإذا لم يكن ذلك ما تريدون فلما أنتم صامتون؟ لا تمثل الاعتراض الأنيق و الرفض. انت تقولبت داخل القالب وتعايشت مع الوضع. لا تشجب و لا أسمعنك تندد بحال هو حالنا لأنه ببساطة بسبب أمثالكم. هيا اكتب لها العلاج واصمت والا قمت هشمت انفك واسنانهم المتحذلقين المتفلسفين الشعراء الساسة النشطاء الزفتاء!! سئمنا تبا لكم!
فحص الطبيب سيدتي بجهاز له شاشة رأيت خطوط فيها تعلو وتنخفض.خيوط مثبتة بالجهاز و موصولة بيديها. ابلغها ان ساعة واحدة فقط من استخدام موبايلها هو المسموح لها. تمتم :- " و يا حبذا...." لم ينطق لكنه أشار إلى برأسه. ساد في الغرفة سكوت. أنا بالأصالة عن سيدتي و بالنيابة عن نفسها لا أمانع ان احمل موبايلها. من أنا أصلا بدونها؟ خرجنا من عند الدكتور...ها أنا حكيت لكم قصتي. افهموها قبل أن يصبح الناس جميعا مثلي. يا ساكتين - ممعنين في السكوت - على مظالم مكشوفة لا تغطيها حتى ورقة توت.