آخر تحديث :الأربعاء-18 يونيو 2025-08:22ص

القيم والأخلاق

الجمعة - 04 نوفمبر 2022 - الساعة 08:58 ص
محمد عوض حسن

بقلم: محمد عوض حسن
- ارشيف الكاتب


 إنّ أجمل ما يميز الإنسان هو تمسكه بالقيم وتحليه بالأخلاق الحسنة، وممّا هو أكثر نقاء أن تكون أخلاق المجتمع كلها حسنة، وإنّ كلمتي عن القيم والأخلاق كثيرًا ما تِردان متلازمَتَين مع بعضهما، حتى صار من الشائع أنهما مترادفتان ومتلازمتان مع بعضهما في أي نقاش أو حوار تروبي اجتماعي. ببعض التمعن وإمعان النظر في الكلمتين، والبحث في المصادر والمراجع المختلفة سيُعثر أنّه ثمة فرق بين كلمتي القيم والأخلاق، فمن الناحية اللغوية: القيم جمع مفرده القيمة، وهي بمعنى الأهمية والمكانة والقدر، أو هي المبدأ والأصل، أمّا الأخلاق فهي الصفات التي يتّصف بها سلوك الإنسان أو سلوك المجتمع، ومنها ما هو حسن مقبول، 

ومنها ما هو سيئ مرفوض، فالأخلاق منها ما هو ذو قيمة ومكانة، ومنها ما هو خلاف ذلك. أما من الناحية التربويّة فإن القيم ترتبط بالفرد، فلكل فرد قيمه التي يتمسك بها ويُحافظ عليها، واجتماع قيم الأفراد في كل مجتمع هي التي تكون أساسًا لأخلاق هذا المجتمع، وتميزه عن غيره من المجتمعات، مثل اشتراك مجموعة من الأفراد في إحدى المجتمعات بامتلاكهم لقيمة احترام قانون السير، سيكون هذا سبب لاتصاف المجتمع بأخلاق تتعلق باحترام قانون السير، والالتزام بها. استنادًا إلى هذا الفرق بين القيم والأخلاق، يُمكن القول إنّ تغيير أخلاق المجتمع يمكن أن يحصل من خلال محاولة تغيير قيم أفراد المجتمع أو أغلبية أفراد المجتمع، وتعديل هذه القيم لما فيه خير للمجتمع وأخلاقه، فأخلاق المجتمع كالشجرة التي أصابت بعض أوراقها حشرة ضارة، فلا بد من تهذيب هذه الأوراق ورقة ورقة، 

وتقويم أوراق الشجرة بصبرٍ وتأنٍ، لتصير شجرة سليمة يانعة مشرقة. من خلال ما سبق يمكن استنتاج فرق آخر بين القيم والأخلاق، ألا وهو أن القيم تكون بالدرجة الأولى ذاتية؛ أي ترتبط بكل فرد على حدة، ومن ثم تتعدى لتؤثر في بقية الأفراد من حوله، وبعدها تنتقل ليكون لها الأثر الأكبر في تغيير أخلاق المجتمع، أما الأخلاق فهي متعدية وليست ذاتية، أي أنها ترتبط بالآخرين، فأخلاق المجتمعات ترتبط بالأفراد وقيمهم التي يتمسكون بها ويحافظون عليها. القيم هي تلك الجذور الطيبة، والأرض الخصبة التي تُبنى عليها أخلاق المجتمعات وتثمر، فكلما كانت الجذور طيبة والأرض صالحة، كلما كانت الشجرة أكثر ثباتًا وأعظم إنتاجًا، ولا بد من أخذ الحيطة من أن القيم يجب أن تُرعى بهدوء وحذر وفي كل خطوة ومنذ الصغر، فكلما كبر الإنسان صعبت مهمة تعديل قيمه ومبادئه، وبالتالي صارت قضية تعديل أخلاق المجتمعات أكثر صعوبة