في الساعة ٦ مساء يوم السبت الموافق ١٠ ديسمبر لعام ٢٠٢٢ كل الشوارع العربية خالية، لن تجد أحداً في الشارع، الكل منتظر مباراة المغرب المصيرية أمام البرتغال.
ها هو الحكم الأرجنتيني يطلق صافرة البداية، بانت ملامح الفائز مبكراً من أسلوب اللعب والحماس الطاغي عند اللاعبين، وبحضور جماهير المغرب التي اكتسحت الملعب، مع كل هجمة تبنى للمغرب نسمع الجمهور يردد "سير" تليها صفقة ثم "سير .. سير.. سير"، حتى يرفع بوفال الكرة يشاهدها النصيري ويحلق عالياً في سماء قطر، ورأسية تلامسه ليرسلها كقذيفة تمزق شباك البرتغاليين وسط دهشة رونالدو وهو على مقاعد الاحتياط، وتحطم احلام وآمال البرتغاليين.
اهتز ملعب الثمامة، بل اهتزت جميع الدول العربية فرحاً، والكل رفع يديه إلى السماء ويدعو الله بأن تنتهي المباراة بفوز مغربي (يا رب تكمل).
مع بداية الشوط الثاني اضطر مدرب البرتغال صاحب الشعر الأبيض والوجه الشاحب "سانتوس" بأن يدخل أفضل لاعب في العالم وأفضل من لمس الكرة "كريستيانو رونالدو"، ليحاول أن يعادل النتيجة، لكن لم تصل إلا كرة واحدة إلى "رونالدو" تصدى لها حارس كل العرب "ياسين بونو"، وتبين سوء خطة المدرب وأنانية وسط البرتغال..
تعددت المحاولات من المنتخب البرتغالي لكن دون جدوى، استماتة لاعبي المغرب، وبالأخص المحارب "سفيان امرابط"..
الحكم الأرجنتيني يرفع يديه ويطلق صافرة المباراة، ذلك الصوت "صوت الصافرة" سمعها كل عربي، وخرجوا إلى الشوارع وهم مكبرين "الله أكبر" فرحة الانتصار.
تلك الحناجر لم تنم الليل، ظلت تحتفل إلى بزوغ الفجر لهذا الإنجاز العربي، وبعض الحناجر العربية الملوثة بمرض التعصب الأعمى وبمرض الكره يدفعهم لكتابة منشورات وتغريدات ساخرة بخروج رونالدو.. ومن هو رونالدو.. وتعصبهم الزائد خوفاً من مواجهة ميسي لرونالدو في النهائي، وخوفاً أن يخسروا أمام رونالدو سيعتبرونها نهاية الحياة لهم ،ولن ينسوها طوال التاريخ.
"رونالدو" يضع يديه أمام عينه يخفي ملامح الحزن.. تلك الدموع أبت إلا أن تسقط على وجهه ليراها العالم أجمع، وتختلط مشاعري بعد ما عشت ليلة رائعة وهنأت كل اصدقائي المغاربة، ونمت سعيداً مفتخراً بما قدمه المغرب.
أستيقظ من على فراشي باكراً وأنا في لحظة إدراك أنني لن أشاهد رونالدو مجدداً.. أعيد مقطع حزن رونالدو وخروجه من الملعب.. بدأت أشعر بحزنٍ شديد، لم أتمالك نفسي حينها.
في كل مكان بمواقع التواصل الاجتماعي أجد رونالدو، والكل يتحدث عن رونالدو، وآخرون شامتون منه.. هؤلاء الشامتون والساخرون وضعت لأحدهم سؤالاً واحداً: من ستشجع في حال تأهل الأرجنتين والمغرب للنهائي؟
لم تصلني إجابة.. انتظرت يوماً كاملاً ولم أجد الإجابة منه..!
هذا يعني مشجعون لايفقهون شيئاً في كرة القدم، يشجعون شخصاً واحداً ولا يعرفون غيره.. وبهذا السؤال أثبت لي أنه لا يوجد لديهم انتماء عربي لتشجيع المغرب أمام الأرجنتين.
كان همهم الوحيد خروج رونالدو بأي طريقة، وهم يعلمون الضغوطات التي واجهها رونالدو.. يعلمون أن الإعلام يحاربه وشركات كبرى أيضاً تحاربه بسبب مواقفه الجريئة ضد بعض الشركات.
لكن تعصبهم أحرمهم شعوراً ومتعة لا يشعرون بها، كنا نعيشها في الأعوام السابقة مع كل إنجازات رونالدو.
نحن كمشجعين لا نتمى خروج ميسي، وهو أسطورة أسوة برونالدو، كلاهما رافق منصة التتويج في خمسة عشر سنة ماضية.
هما من غيرا ملامح كرة القدم، هما من كانا قدوة لجميع اللاعبين..
علينا احترامهما حتى إذا لم يقدما شيئاً في أرض الملعب.
بعد الفوز التاريخي لمنتخب أسود الأطلسي "المغرب" أتمنى لهم التوفيق أمام فرنسا.. ونقول لهم مازال مازال، استمروا في قتالكم وحلمكم وحلم كل عربي، وسير يا مغرب سير إلى النهائي.
#عمار_بالفخر