آخر تحديث :السبت-10 مايو 2025-01:15ص

بين اﻷنهار الستة

الثلاثاء - 07 مارس 2023 - الساعة 05:28 م
علي الوحيش

بقلم: علي الوحيش
- ارشيف الكاتب


لقد قرأت كتاب اﻷستاذ أبو زين ناصر الوليدي (بين اﻷنهار الخمسة) وهو يندرج تحت عنوان أدب الرحلات، وأعدت قراءته، وأنا لست في مكان مقام نقد الكتاب أدبيا أو أقوم بتقييمه من الناحية النقدية الفنية المهنية.

لكنني كقارئ وأحب قراءة أدب الرواية وجدت هذا الكتاب( بين اﻷنهار الخمسة) تحفة بديعة تنقلك نقلا كاملا إلى مدن باكستان وأنهارها وقلاعها وسهولها الخضراء،ومدارسها وناسها وتاريخها، يأخذ الكاتب بيدك لتسير معه حيث سار وتنظر معه إلى حيث تتجه عيناه، فتمضي مسافرا معه منذ انطلاقته من جولة السفينة بعدن مرورا بكل محطات الطريق إلى سيئون ثم إلى شحن مرورا بثمود ورماة وتعتلي معه جبال عشعش الشاهقة وتتجاوز معه المنفذ إلى صلالة ومسقط حتى تهبط بك الطائرة في مدينة الدوحة فلا تفيق إلا وأنت في مطار إقبال بمدينة لاهور التاريخية وبعدها يبدأ الجزء الأجمل والأكبر من الكتاب، وبعد أربعة أشهر تجد نفسك عائدا إلى صلالة ومنها إلى الغيضة حتى تهبط بك (السعيدة )في مطار عدن.

بحق أن الكتاب يشد القارئ بصورة عجيبة قل أن تجد نظيرا لها إﻻ في كتب الروائيين العمالقة،.

وقد قرأت للكاتب مجموعته القصصية (كريستيانا الفاتنة) إﻻ أنها مختلفة عنها من جهة تقنياتها ومقاصدها، وﻻ أبالغ إن أنا قلت أنك حين تنهمك في قراءة الأنهار الخمسة تجد نفسك بين أنهار ستة وليس خمسة. 

النهر السادس هنا هو الكتاب نفسه فإنك ترى فيه ينبوع وتدفق وغزارة معلومات الكاتب التي  تأتيك من كل اتجاه (دينية وأدبية وتاريخية) وهي مترابطة ببعضها منصهرة في بوتقة واحدة وكأن وظيفتها السيطرة التامة على جوارح القارئ، والمدهش أن هذه السيطرة تحصل للقاريء بسلاسة وانسيابية تشبه عملية التنوم المغناطيسي.

وحقيقة أني لم أكتب يوماً عن مدح الكتاب والمبدعين ﻻ شعرا وﻻ نثرا إﻻ أنني هنا أمام كتاب فرض على خواطري أن تفيض بما شعرت به، فهو عبارة عن نهر متدفق من المعلومات أوجدتها خبرة واطلاع الكاتب ومعرفته بالدين واﻷدب والتاريخ.

بدون إطراء أو مبالغة كل من يبحر في اﻷنهار الخمسة، سيجد زورقه لا شعوريا يمخر عباب النهر السادس.