آخر تحديث :السبت-16 أغسطس 2025-09:50ص

الحوار الجنوبي – مخاطر وإيجابيات نحو الطريق الصحيح

الإثنين - 01 مايو 2023 - الساعة 04:25 م
د. شادي باصرة

بقلم: د. شادي باصرة
- ارشيف الكاتب


 

د. شادي صالح باصرة

منذ ان تشرفت بلقاء قيادة وبعض اعضاء الحوار الجنوبي في عدن، وانا متابع باهتمام تحركاتهم الإيجابية، وقد التقيت ببعض أعضاء الفريق مؤخرا على هامش لقاء نظمه الأعزاء في منتدى التنمية السياسية في برلين - المانيا. شخصيا أرى ان الشخصيات التي رشحها المجلس الانتقالي لقيادة هذا الملف شخصيات متزنة وناضجة ولديها تاريخ نضالي كبير، والاهم انها تمتاز بعلاقات جامعة مع معظم الفصائل والمكونات الجنوبية.

ولا يخفى على أحد صعوبة وتعقيد مشروع الحوار الجنوبي كون اهم اهدافه شمولية الحوار ليضم شريحة جنوبية عريضة تمثل كل الاطياف الجنوبية والحقب المختلفة لتاريخ الجنوب السياسي، فصراعات الجنوب كثيرة ومعقدة وربما تفوق بعضها بحدته الصراع مع الشمال وكما يقول المثل طعنة القريب لا تخطئ القلب!

لقد استحضر الجنوب في صراعاته العنصر القبلي، والمناطقي، وجغرافيا الثروة، ومؤخرا ضُم له صراع التيارات الدينية وبالتالي ستكون مهمة هذا الفريق صعبة! شخصيا أتمنى من جميع التكتلات السياسية الجنوبية، بل وحتى اليمنية – ومنها مؤسسة الرئاسة المعترف بها دوليا – ان تدعم هذا الحوار، فأي حوار يسعى لتضميد الجراح داخل أي جزء من اليمن يُعد خطوة للأمام ليمهد لاستقرار وتعافي شامل لليمن الكبير بغض النظر عن شكل الدولة\الدول القادمة.

الأهم ان يعي القائمون على هذا الحوار مسؤوليتهم التاريخية، فهذا الحوار على رغم أهميته، وتوقيته الدقيق، لا يجب أن يُسيس ويُجير ليخدم تكتل جنوبي واحد او حتى هدف سياسي مرحلي، فهو يُعرض هذا الجهد الكبير للتسيس وبالتالي الفشل. ويكفي ان أوراق مهمة تم التلويح بها في غير وقتها اُحرقت دون تحقيق مكسب سياسي مجزي للجنوب – ومنها نظام الحكم الذاتي لعدن – والذي كان يمكن ان يروج له اليوم كحل أكثر قبولا على المستوى الدولي والإقليمي بالمقارنة بأي حلول أخرى ذات السقف المرتفع.

وبسبب هذه المسؤولية التاريخية التي يتحملها قادة هذا الحوار، ننصح ألا تُستعجل مخرجاته لتحقيق مكسب سياسي هش، وان تكون دائمة التواصل وتعمل بشفافية أكبر وتركز في عملها على اهداف مرحلية تنتهي بجبر الضرر فمشروع بهذا الحجم وهذه التطلعات قد يستغرق سنوات لإنجازه. وعلى تلك اللجان ان تسعى للاستقلالية ليتعامل معها الجميع دون تحفظ. فالحوار الجنوبي يجب ان يشمل كل جنوبي بغض النظر عن الانتماء السياسي. لهذا (برأيي) لم يكن من الضروري إقحام علم جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في شعار الحوار كونه يحصر الحوار بحقبة سياسية قصيرة في التاريخ الجنوبي، وقد يفهم منه انه يستهدف فقط الفئة الجنوبية التي تنادي باستعادة الدولة لما قبل ٩٠ – وهذا ايضا يُحجم من شمولية الحوار. اعتقد الحوار الجنوبي يجب ان يشمل كل الجنوبيين، دون استثناء، حتى الوحدويون منهم، وحتى تلك التكتلات الجنوبية المتحالفة مع صنعاء، كعمل استراتيجي لو أُتيح لهم تمثيل الجنوب في حوار يمني شامل بدعم دولي وإقليمي.

كما ندعوهم للتفكير بشكل جديد ومبتكر في عملهم. ولعل من المداخل للحوار هو النظر للصراع الجنوبي بشكل مزمن، على سبيل المثال ٢٠١٨، ١٩٩٤، ١٩٨٦، ١٩٦٩، ١٩٦٦ وما قبلها في اثناء حكم السلطنات. وبسبب التداخلات التاريخية والجغرافية والسياسية مع شمال اليمن وأثرها على صراعات الجنوب منذ الأزل، فأنا أشجع أيضا على استقطاب شريحة من المنصفين من الاخوة في المحافظات الشمالية ليكونوا جزء من عملية الحوار الذي يمثل قيمة إنسانية ستعود إيجابا على الكل دون استثناء.