آخر تحديث :السبت-16 أغسطس 2025-09:50ص

التشكيليون وعيد العمال

الأربعاء - 07 يونيو 2023 - الساعة 08:50 م
محمد كليب أحمد

بقلم: محمد كليب أحمد
- ارشيف الكاتب




كتب / محمد كليب أحمد
يعتبر الفن التشكيلي – في نظر البعض – أداة تعبيرية فنية للواقع الاجتماعي والسياسي للشعوب ، يعكس من خلالها طموحات وتطلعات المجتمع ، ويوثق أسلوب حياة لحقبةٍ زمنية عايشها في هذا المجتمع أو ذاك .. 
 ومنذ سنوات طويلة ، ساهم الفنان التشكيلي في كل مراحل الحياة السياسية والاجتماعية في الجنوب العربي بما في ذلك احتفالات الشعب بالمناسبات الوطنية والعالمية المختلفة .. 
ولا زلت أتذكر جيداً المشاركات الكبيرة للفنانين التشكيليين في مثل هذه المناسبة العمالية العالمية بالذات ، من خلال الملصقات السياسية واليافطات القماشية التي كانت تملأ العاصمة الحبيبة عدن وتتصدر واجهات كل المرافق العمالية والإنتاجية ابتهاجاً بهذا الحدث العظيم .. ناهيك عن اللوحات الفنية العملاقة ، والمجسمات الفنية في المعارض الانتاجية والمهرجانات الاحتفالية وغيرها .. 
 وقد حظي الفنانين التشكيليين بقسط جيد من اهتمام الدولة ، حيث أنطوى أغلبهم – إن لم يكن جميعهم – في عضوية اتحاد الفنانين التشكيليين الذي تأسس في 1972م في عدن ، وفي جمعية التشكيليين الشباب .. وكانت تخصص لهم الدولة حصة رئيسية وثابة في الوظائف الحكومية والمنح الدراسية الخارجية وبقية الحقوق ، باعتبارهم شريحة فاعلة في المجتمع لا تقل أهمية عن بقية الشرائح والطبقات والتي كانت تمثل بدورها 90% منهم من الطبقة العاملة . 
وبالتالي أصبح الفنان التشكيلي فرداً موظفاً حكومياً ذو حقوق تكفلها له الدولة ، بعيداً عن الحاجة والعَوَز ، يعيش بكرامته ، ويقدم أجمل ما لديه من إبداع ، تعبيراً عن هذا الامتنان ، وكان لزاماً عليه أن يكون حاضراً في مختلف الفعاليات الوطنية والعالمية وبكل طواعية ، للتعبير عن مكانته الفاعلة التي أتيحت له ليساهم في بناء هذا الوطن وفي مختلف المجالات والمراحل السياسية للبلد . 
من منا لا يتذكر اللوحات الكبيرة والمجسمات الني كانت زين الشوارع و"الجولات" ومداخل الشوارع وغيرها والتي تعبير عن احتفالية اليوم العالمي للعمال في الأول من مايو من كل عام ، والرسومات الكاريكاتورية الجميلة لفناني الكاريكاتير وأبرزهم المبدع الكبير عدنان جُمـَّـن ، التي لا تخلو أي صحيفة أو مجلة من أعماله الفنية والتي تركت صداها يتردد لدى الدولة لما تحمله من رسائل وانتقادات لاذعة لبعض الظواهر السلبية التي يتوجب الوقوف عندها واصلاح الخلل هنا أو هناك .. 
ولا أذيع سراً إذا قلت أن للفنانين التشكيليين في عدن كان دوراً رئيسياً في تنفيذ وانجاح كافة الكرنفالات الاحتفالية التي كانت تقام في مناسبة عيد العمال أو بقية المناسبات الوطنية والعالمية .. 
ومن منا يستطيع أن يتغاضى عن وجود الفنانين التشكيليين في كل مرافق الدولة كموظفين يقومون بمهام مختلفة إضافة إلى ملكتهم الفنية التي يسخرونها لخدمة هذه المرافق الرسمية .
ومن منا لا يتذكر مصنع الغزل والنسيج ، وطباعة الأنسجة .. حيث أُرسِل عدد من الفنانين للدراسة في الخارج للاستفادة منهم في الرسومات النسيجية التي ينتجها المصنع ، وكان على رأسهم الفنان الكبير علي عبده يحيى كمصمم رسمي للأنسجة الوطنية والمطبوعات هناك .. 
 القائمة تطول ، ولسنا بصدد استعراض الأفراد بقدر ما أردنا الإشارة للدور الكبير الذي يلعبه الفنان التشكيلي في الحياة العامة جنباً إلى جنب مع بقية أفراد وفئات الطبقة العاملة في عدن وعموم الجنوب العربي الذي كان الرائد في كل المجالات منذ الاستقلال الوطني وحتى اليوم ..