آخر تحديث :الأحد-25 مايو 2025-08:53ص

تحليل وتذوق لابيات شعرية من قصيدة،، حب الوطن،، للشاعر محمد علي الصالح

الأحد - 08 أكتوبر 2023 - الساعة 05:13 م
علوي سلمان

بقلم: علوي سلمان
- ارشيف الكاتب


 

وطني وهبتك باقتناع مهجتي 
ودمي فداك ماعشت لا أتردد 
لك في الجوانح نبع حب دافق 
في كل ثانية تمر يجدد 
أنت مدرستي التي أحببتها 
أنت أستاذي الوحيد الأعظم

هذه الابيات الشعرية مطلع لقصيدة وطنية للشاعر الكبير محمدعلي الصالح، من مواليد مديرية قعطبة محافظة الضالع، وهو من الشعراء البارزين والأوائل الذين عجت الساحة الأدبية والثقافية اليمنية بشعرهم الجزل البليغ وكتاباتهم الأدبية
ذات القيمة الرفيعة، أستخدم الشاعر في بداية البيت الأول كلمة وهبتك ولم يقل اعطيتك أو منحتك وتحمل دلالة انه وهب وطنه مهجته أي روحه أو دمه وشرايين قلبه الرئيسية التي توصل الدم إلى القلب ويتوقف عليها حياته بمحظ إرادته ودونما غصب أو اكراه ويؤكد كلامه بكلمة باقتناع أي وهبتك مهجتي ياوطني بكل قناعة، فهناك من يفدي وطنه بروحه، لكن يدفع دفعا أو يسير سيرا بدون قناعة، لكن الشاعر يخالف هذه القاعدة فهو الذي وهب ومنح وطنه روحه رخيصة فداء لوطنه وسيظل دمه يحمل الفدوى ماعاش على وجه هذه الأرض، ولايمكن لنفسه أن تحدثه يوما بان يتراجع أو يتردد على ماعزم عليه،من جعل نفسه ودمه فداء لوطنه، ماحيا وعاش من عمر في هذه الحياة على تراب وطنه. 
ويقول الشاعر في بداية البيت الثاني لك في الجوانح نبع حب دافق، أي لك في قلبي وخافقي الذي يتغطى بقفص صدري في جناحي الأيسر منبع للحب الدائم الذي لاينتهي أو يتعرض للنفاد والنشوع،  وهنا أستخدم الشاعر صورة بلاغية نوعها أستعارة مكنية ،حيث شبه الحب بانه ينبع ويتدفق مثل الماء الذي يتدفق من منابع وعيون الغيول، حذف الشاعر كلمة الماء وجاء بمعناها أو لازم من لوازمها وهي النبع فكانت صورة بلاغية من أرقى الصور والاستعارات، 
وأيضا أستخدم الشاعر تعبير بليغ بقوله في كل ثانية تمر يجدد، فهو يريد أن يوضح ان حبه لوطنه من طراز أخر ليس كالحب المعروف الذي يزداد يوما وينقص يوما أخر تتخلله احيانا الزعل والمشاكسات وتعصف به احيانا الخلافات الأسرية، هذا حب أخر يجدد في كل ثانية فلا الأيام والشهور ومضي السنوات تؤثر عليه أو تقلل منه مادام هوه يتجدد في كل ثانية. 
أستخدم الشاعر في البيت الثالث تعبير رائع جدا يحمل مدلول عميق،  حيث قال أنت مدرستي التي أحببتها، أنت أستاذي الوحيد الأعظم
جاء الشاعر بكلمة مدرستي، أستاذي وفي ذلك دلالة عميقة، أراد الشاعر أن يجمع حبه كامل في وعاء واحد، ولو قال مدارسي ، أساتذتي لتبعثر حبه وتفرق بين المدارس، فهناك أكثر من مدرسة درس فيها الشاعر أساسية وثانوية وهناك أكثر من أستاذ تعلم الشاعر على يديه، ولو وزع هذا الحب بين مدارسه وأساتذته لتشتت وأصبح مفعوله ضعيف، لكن جمع حبه ليكون له مفعول قوي جدا، ويظل مستدام مدى الحياة، وفي ذلك إشارة إلى التوحد ولم الشمل وجمع الرأي والكلمة فلاوطن يستحق كل هذا الحب وهو متشتت تتجاذبه الصراعات والخلافات والحروب طول سنوات مضت.

# علوي سلمان