آخر تحديث :الأحد-20 يوليو 2025-03:58م

لماذا يدعم الغرب دولة الصهاينة؟

الخميس - 12 أكتوبر 2023 - الساعة 09:02 ص
د.عبدالرحمن الهاشمي

بقلم: د.عبدالرحمن الهاشمي
- ارشيف الكاتب


ربما يبدو السؤال غريبا فكثيرون يدركون الحقيقة، لكن تفصيلا لذلك فالغرب لا يقف مع الصهاينة ارتجالا بل هو خيار استراتيجي ومبدأ لا يحيدون عنه، مهما خاطروا بمصالحهم وتشوهت صورتهم وخسروا من المال والسلاح الرجال، وأسياب ذلك عسكرية وسياسية واقتصادية ودينية، وهذه إشارة سريعة لذلك:

_ الغرب هو من أنشأ كيان الصهاينة، وعام ١٩٠٥م وضع اللورد كامبل رئيس وزراء بريطانيا نظرية الدولة الحاجزة، وأنه لا ضمان لمصالح الغرب إلا بزرع دولة في قلب العالم الإسلامي، تجهض وحدته وتمنع نهضته، وتكون قاعدة عسكرية غربية متقدمة في قلب الأمة.
وهم ضامنون وملتزمون بتسليح هذه الدولة بما تتفوق به على العرب مجتمعين.
ولهذا يمنحون الصهاينة أحدث التكنولوجيا ويمنعونها حتى عن حلفائهم من العرب.
كذب الغرب على العرب وأوهمهم بالاستقلال والحرية وقاتلوا معه في الحرب العالمية ثم كافأهم بوعد بلفور ومنح اليهود أرض فلسطين.
مع هذا لا زال هناك من يطالب الغرب بموقف انساني أو عادل، وهم من زرع هذا الباطل ويدعمه.
_ هناك سبب سياسي واقتصادي فدور هذه الدولة هو تمزيق الأمة والعرب خصوصا وبث الفرقة والفتنة، ونهب الثروات، وتدمير الاقتصاد ومنع التقدم العلمي والتكنلوجي، وتسليط العملاء واستبعاد الكفاءات في جميع المجالات أو اغتيالها وحرمان الشعوب من حقها في الحرية والنهضة وتسليط الفسق والفساد والشبهات على أجيال الأمة.
ومن يتابع جذور المؤامرة في كل هذه الموبقات سيجد وراءها اليهود وداعمبهم وعملائهم 
وما مشروع برنارد لويس الصهيوني الامريكي في تقسيم الدول العربية إلى ستين دولة واضعافها في جميع المجالات وبث الفتنة بينها إلا حلقة من هذه المؤامرات.
_ هناك سبب ديني معلن في تأييد اليهود، مع أن كل الأناجيل مليئة بلعن اليهود، وأنهم ألد أعداء المسيح، والتلمود يقول في المسبح وأمه قولا عظيما، وعبر تاريخ بيت المقدس كان من تمكن اليهود أو النصارى قتل الآخر وشرده وعبث بمقدساته.
لكن الصهيونية المسيحية دخلت على النصارى المتدينين من باب  أن دعم  كيان اليهود يعجل بعودة المسيح، وأثرت هذه العقيدة على كثير من الرؤساء الساسة والقادة العسكريين في الغرب، وهذه حقيقة عليها شواهد كثيرة جدا، انظر مثلا: كتاب (النبوءة والسياسة في أمريكا) لجريس هالسل.
وهم يصرحون بهذا اليوم علنا كما فعل السيناتور الأمريكي جراهام في حرب غزة هذه.

وربما بعضهم اتخذ هذا ستارا لكسب جماعات الضغط (اللوبي) الصهيوني في الغرب، والذي يملك ثروات طائلة ويتحكم في الشركات العالمية الكبرى، ويدير ناصية الاقتصاد العالمي، ويملك تأثيرا سياسيا وإعلاميا مهولا خصوصا في أمريكا وبريطانيا.

لم ينس الغرب الحملات الصليبية رغم مضي أكثر من سبعة قرون عليها، وبعد الحرب العالمية الأولى ودخول جيوش البريطانيين فلسطين ومعهم العرب المخدوعبن قال اللورد اللنبي قائد الجيش: البوم انتهت الحملات الصليبية.
وكتبت الصحافة البريطانية عن ذلك انها الحملة الصليبية الثامنة، رغم أن الحملة السابعة على مصر والشام كانت قبل قبل أكثر سبعمائة سنة وفشلت حينها، وأسر الجيش المصري قائدها لويس التاسع.
ولما دخل جيش فرنسا سوريا بعد الحرب العالمية الأولى سأل قائده الجنرال غورو عن قبر صلاح الدين وذهب إليه وخاطبه (ها قد عدنا يا صلاح الدين)
رغم أن صلاح الدين قد مات قبل ثمانمائة سنة لكن الغرب لم ينس ثأره معه.
رحم الله مراد هوفمان (ويلفريد هوفمان) المستشرق المسلم الذي كان رئيس قسم المعلومات والإعلام لحلف النبتو، فلما عاصر حرب البوسنة وموقف الغرب المخزي من المجازر، والسكوت من الأمم المتحدة والنيتو عن جرائم الصرب بل دعمها، وذلك يناقض كل ما يتشدقون به من قيم، قال: إن أوربا لا زالت تحركها الروح الصليبية.

هذا ما يتكرر اليوم، ولا عجب .
لكن العجب موقف المسلمين المتخاذل وخصوصا الأنظمة ومواقفهم الهزيلة، ولا زال لدى كثيرين في الأمة ضعف البصيرة وتقديس الأجنبي وعقدة الخوف والخور والهزيمة النفسية التي هي أشد من العسكرية.

لكن غزة البوم تحرر الأمة من تلك العقد، وتبعث أملا في أشد الساعات ضعفا وحرجا.
إن ما يجري آية ظاهرة من آيات الله تهز الكون بأسره، وتؤذن بفجر جديد، وتذكر المسلمين بما نسوه وغفلوا عنه من أن النصر ليس بكثرة عدد أو عتاد، ولكن (وما النصر إلا من عند الله) (إن ينصركم الله فلا غالب لكم) (ولينصرن الله من ينصره إن الله قوي عزيز)..

يا قدس.. والتفت إلي واقسمت
وبربها لا تحنث الأيمان
والله لن يجتاز بي بحر الردى
إلا شبابا زاده الإيمان

د.عبدالرحمن الهاشمي