د. شمسان عبيد
حينما يرحل المناضلون العظماء تبقى ذكرياتهم النضالية شاهدة لهم على مرّ السنين، وتبقى سِيَرهم الحافلة في العطاء والتضحية تتناقلها الأجيال جيلاً بعد جيل؛ فأعمار المناضلين العظماء لا تنتهي بمجرد مفارقة أرواحهم الأجساد، وإنَّما يعيشون عمرهم الثاني وهو الأطول، في قلوب محبيهم ومن سار على طريقهم وكل من اقتدى في تاريخهم وأخلاقهم وقيمهم السامية ومآثرهم التي تبقى حاضرةً في الذاكرة عصية على النسيان، لاسيما لدى رفاق النضال الذين عايشوهم، فالعبرة بعِظَم المواقف النضالية التي لا ينال منها مرور الأيام ولا تعاقب الأيام والسنوات.. وكل ما ذُكِر من قيم أخلاقيّة وبصمات نضالية نجدها في حقِّ الفقيد الراحل، مدرسة العطاء والنضال الدكتور عبدالله أحمد بن أحمد النسري...
حيث بدأ الفقيد مسيرته النضالية ضد الاستعمار البريطاني حتى نال شعبنا الجنوبي الاستقلال في 30 نوفمبر 67، إضافة إلى دوره النضالي الكبير في حرب 94م وما بعدها حتى وافاه الأجل قبل أيام...
حقيقةً إننا مهما كتبنا عن دوره النضالي فلن نستطيع أن نفيه حقه ولن تتسع الصفحات للكتابة، إذ لم يقتصر دوره النضالي على الجانب العسكري الحربي، بل كانت له أدوار نضالية سياسية وإعلامية.. وأبرز تلك الأدوار النضالية بعد حرب صيف 94م، تمثلث في تشكيل ورئاسة حركة التجمع اليمني الديمقراطي "تاج" في المملكة المتحدة ، علاوة على تأليفه للعديد من الكتب عن الجنوب العربي وهويته وتاريخه..ولقد ظل الفقيد الراحل عبدالله أحمد النسري ثابتاً شامخاً رافضاً جميع المغريات وأساليب الترغيب التي عرضت عليه من حكومة صنعاء، واستمر في تشكيل ودعم الحركات التحررية الجنوبية بقوة وعزيمة لا تلين، كان لها الدور الأكبر في استمرار النضال الجنوبي بعد حرب 94 الظالمة..
ولقد كان للحركات التحررية المذكورة آنفا مصدر إلهام في تشكيل جمعية المتقاعدين العسكريين الجنوبيين والتي شكلت النواة الأولى لانطلاق الحراك الجنوبي في العام 2007م...
الفقيد الثائر كان شعلة ثورية متقدة، تارة نجده محلل سياسي في القنوات الفضائية وتارة كاتب صحفي في مواقع التواصل الإجتماعي وتارةً كاتب في الصحف..الخ
إنَّ ما خلّفه الفقيد المناضل الدكتور عبدالله أحمد النسري الحالمي من مآثر وبصمات أخلاقية ونضالية جديرة بأن تُضم في كتاب وتدرس للأجيال.
نسأل الله له الرحمة والمغفرة، والفردوس الأعلى في الجنة، مع الأبرار والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا...