آخر تحديث :الأربعاء-30 يوليو 2025-01:42م

حكايات.. من زمن الرفاق (3) مسدوس.. واحتراق الطائرة "فانتوم "السعودية

السبت - 18 مايو 2024 - الساعة 06:04 م
صالح ناصر سالم الحنشي

بقلم: صالح ناصر سالم الحنشي
- ارشيف الكاتب


حكايات.. من زمن الرفاق (3)
مسدوس.. واحتراق الطائرة "فانتوم "السعودية


*يكتبها/صالح ناصر سالم الحنشي

بعد معركة الوديعة ..انسحبت كتيبة (8) وحلينا محلها في شعب العراقيب قريب من جبل عفاريت!
كما ذكرت سابقا... كان معنا الجندي البطل آنذاك الفريق البطل اليوم// فيصل محمد رجب, وفي يوم الجمعة من أيام أيار سنة (( 1970م)) وفي تمام الساعة الحادية عشرة صباحاً تقريبا، فوجئنا بطائرة ـ فانتوم رقم "4" تحلّق في سماء الكثيبة, فأطلق عليها النيران كل من موقعه حتى أنني نظرت الى الطباخ، وكانت قامته قصيرة رأيته يصوّب مسدسه ويطلق النار؛ لأنها كانت على إرتفاع منخفض جداً، وكانت طائرة استطلاعية، تريد صور دقيقة من المواقع العسكرية، ولكن الذي أصابها كان صاحب الرشاش (م50 م ط) ومن ثمّ اشتعلت في مؤخرتها النار، والغريب أن الطيار عاد ودار وهي تشتعل من الذيل، ومر في نفس الخط الأول والنيران تطلق عليه بكثافة، ثم تحرك بإتجاه الخطوط السعودية، ولكن الطائرة ارتطمت بالأرض، على بعد (10 كيلو) ورأينا الدخان يتصاعد منها، بعدها وصل القائد// خشاع , ودخل عندي في الدفاع تحت الأرض، وكان المكان هو مكان الجهازس(11) حاولت أتصل بالعمليات للمحور في العبر ونطلق عليها (الرئيسية) لكن دون جدوى، كان جهازهم مغلق قلت له باحوّل عمليات الى الوزارة، قال: حوّل ، فحولتها ووجدت (29 يرسل رسالة للكثيبة في الضالع ) وقفته، قال: من قلت له: بالنداء, قال : أرجع شبكتك، قلت له: برقية(( ف)) قال : هل تقول ((ف)) قلت: نعم ، وتعني ((ف )) ـ فوري أعلى درجة في الاستنفار، ولا ترسل إلا في الخطورة القصوى، ولايمكن تأخيرها، بل يجب على العامل أن يسلمها فوراً للأركان، والركن يسلمها للقيادة العليا، وأرسلت له طائرة معادية حلقت في سماء الكتيبة وأطلقت عليها النيران واشتعلت فيها النيران وسقط الذيل فوق المعسكر، وتحطمت على بعد (10 كيلو) وتصاعد منها الدخان، قال لي : أنتظر...
قال لي: ( 29) ، قال : برقية (ف), قلت : أرسل،
قال: عليكم عدم التحرك وأخذ الحيطة والحذر حتى توجيهات اخرى.
بعد حوالي ساعة، برقية (ف)... عليكم التحرك الي موقع تحطم الطائرة، واحاطتنا بالنتيجة والبحث عن الطيار.
ذهبنا ووجدنا إن حرس الحدود السعودي تحركوا وبسرعة بسيارات وناقلات ولفوا قطع الطايرة ورحلوا بها، وبعد يومين جاء رئيس الأركان ومعه طاقم للصحافة ، وصورونا وشكرونا، وشلوا الذيل فيه علم المملكة، ووضعوه أمام باب المتحف العسكري بعدن، وجلس فترة طويلة، والآن أنا ذهبت إلى عدن قبل حوالي شهرين ولم أجده، أين أختفى؟!

كنا ننتظر أوسمة، وميداليات لأفراد الكتيبة البطلة، وإذ بالأخ والصديق الحميم // محمد حيدره مسدوس، يأتي إلينا من عدن في الطائرة (الداكوتا...) استقبلناه أنا والأخ// محسن خشاع, وعيوننا على الحقيبة الذي كنا نعتقد إن فيها الأوسمة وكان الأخ // مسدوس، مستشار الرئيس، وأكثر الضباط ثقة عنده
بعد إن دخل الخيمة حق القائد وقدمنا له الشاهي فتح الحقيبة وأخرج منها أوامر القيادة العليا بأن تتكسر (( ك7 البطلة وتوزع على كتائب المحور )) أعتبرناها مزحة...
كنت انظر الى القائد ( محسن خشاع) يضحك !!!
بعد إن قرأ التوجيهات .
لقد ماتت تلك الابتسامة وبدأت تتحول الي صفرا كالحة....
وبذكاء (مسدوس) أدخلنا مباشرة بدلاً من النقاش في العمل.
ويقول : السرية كذا تبع كذا والسرية كذا تبع كذا، وجلسنا نكتب ونوزع الكتيبة
وقال خشاع: جنودي بايتحولوا في كتائب وللأسف الشديد مابايعطوهم حقوقهم.

قال مسدوس: أجلس أنت والنائب السياسي ـ يعنيني ـ ورشحوا المستحقين بس، والذي رتبته ـ رقيب أول فقط ـ هذا الذي أقدر أعدكم به وأعطوني الأرقام وأنا باخلي الوزارة ينشروهم في أوامر ( قسم 2)
فعلاً أعتمدهم الذين رشحناهم ومنهم الأخ والصديق البطل، الفريق // بن رجب، ثم حولوا (محسن خشاع) قائدا (ك10) وأنا حولوني محور (العبر) في الصحراء، ولما همس لي الصديق الوفي ((مسدوس)) بأنه بايرسل برقية عند وصوله عدن بأن والدي مريض من أجل أن يسحبني من الصحراء الى عدن، ووفى في وعده ونزلت (عدن) وألحقني بلواء (عبود) . والأخ (مسدوس) نشأت الصداقة معه قبل الاستقلال حيث كان مسؤول عن العمل السري في (ك اللاسلكي), وكنت أنا شاب متحمس وضمن الذي نظمهم سريا... وأوكل إلي مهام بسيطة ونفذتها وارتاح مني... مثلا أرسلني ـ بيحان ـ عام1966م وأعطاني كلمة ((سر)) لمساعد أسمه (هزم) و ـ هزم ـ جمع لي الاشتراكات من الكتائب في (بيحان) طبعاً الاشتراكات كانت على كل عضو أن يدفع (5 شلن) في الشهر ورتبني في الطائرة وعدت الي (عدن) دون أن أخذ منها حتى قيمة، كأس من الشاهي، ووثق بي ورتبني مرة أخرى أحرس سيارة فيها ذخائر للشيخ عثمان ـ للثوار ـ وهنا نشأت بيننا علاقات نضال قوية.
كل ما أريد إن أعرفه الآن قبل أن أرحل من هذا العالم المليء بالمتناقضات والطلاسم؛ أريد أن أعرف لماذا كسّروا هذه الكتيبة البطلة ؟!!!

لا أحد يستطيع أن يجيب على هذا السؤال غير ، الصديق الحميم ((مسدوس))..؟!
فهل تعملها يا ابا جمال، قبل الفراق الأبدي؟!
وأخيرا أحب أن أوجه تحية إجلال وعرفان، وأقبّل جباه جنود وصف وضباط الكتيبة السابعة البطلة!
وكأني الآن أسمع طلقات بنادقكم...
التي لم ولن تتلبس بالعار!!!