آخر تحديث :الأحد-22 يونيو 2025-10:17ص

حكايات ذو شجون على الطريق بين صنعاء وعدن

الأحد - 19 مايو 2024 - الساعة 10:31 ص
عبدالفتاح الصناعي

بقلم: عبدالفتاح الصناعي
- ارشيف الكاتب


حكايات ذو شجون على الطريق بين صنعاء وعدن وليلتنان في عدن
الحلقة الأولى
الاهداء: إلى أسطورة الإعلام اليمني والروح الوطنية الملهمة الاستاذ والصديق فتحي بن لزرق

حكايات أو ملاحظات عابرة في طريق مسافر وكاتب صحفي وسياسي عابر..
لربما تحمل هذه الحكايات بعضا من الدلالات والأبعاد عن الوطن والحرب والسلام بكل مافي الأمر من أحزان وأشجان وآمال وأحلام..

قبل ثلاثه أسابيع كانت رحتي الى عدن الحبيبة مع أمي ومحمد اخي.. وكان هدفي من هذه الرحلة توديع امي واخي المسافران للقاهرة وتجديد او قطع جواز سفر جديد لي ..
ومن ساعات السفر التي تقارب العشر الساعات..التي تقتضي سلك الطرق البديلة عن الطريق الأصلية..و قضى ليلتان ويوم ونصف بعدن..أكتب لكم هذه الحكايات او المواقف..محاولا ترتيباها من الناحية الزمنية نوعاما..

الحكاية الأولى: نقيل حيفان

تبدا الحكاية الأولى من نقيل حيفان والذي طالما تكلمت وسائل اعلامية مختلفةعن معاناة المسافرين والمخاطر في هذا النقيل كون هذا احدى تداعيات الحرب التي يدفع ثمنها المواطنين..

وكغيري كنت قد شاهدت وسمعت واطلعت على بعض من هذا الذي قيل عن النقيل..ثم ها انا أعيش هذه المخاطر واقعا ..
فالخطورة تكمن في طبيعة الطريق المصممة شعبيا كأمعاء لجبل شاهق وخطير بضيق الطريق التي تشارف على الهاوية والمنعطفات الأكثر خطورة..
وبطبيعة الحال فهذه الطريق الفرعية الشعبية لا تتحمل الازدحام ولا القواطر والدينات ولا الباصات والسيارات الخفيفة ومرورها من هذه الطريق تعد مخاطرة ومغامرة كبيرة..

وقد كنا نستقل باصا صغيرا ووصلنا النقيل على مطر خفيف احدث لزوجة بالطريق ممايؤدي الى احتمالية انزلاق السيارات الخفيفة مثل الباص الذي نحن فيه.. وأنت ترى الباص يمر على مشارف الهاوية بالجبل الشاهق ويلف بالمنعطفات التي لاتعرف لحظتها انت نجوت أم سقطت.. تعيش الرعب والأكشن على اصوله..
أكملنا صعود النقيل ودخلنا مرحلة الهبوط في منحدر النقيل حيث تزداد الخطورة..وهنا بدا الازحام وتعالى الهلع المخلوط بالفوضى..
فقد وقع مايخافه السائقين والمسافرين وهو تعثر مقطورة تسببت في سد الطريق.. أرتسمت ملامح القلق والحيرة أكثر فاحيانا يكون التوقف لساعات طويلة حتى إصلاح الأمر..
ومع ذلك عمت فوضى اليمنين المعهودة في عمق المخاطر بدون أي مبالاة.. بكثرة الازدحام الناتج عن محاوله التسابق بكل عشوائية وتشابك دون أي أعتبار وتقدير للخطر..الذي يحتاج ادق معاني الحذر والتصرف بنظام وحكمة من قبل الجميع..
أنقشعت سحابة اليأس حيث توقع الناس طول فترة الانتظار فقد تم تجاوز الأمر سريعا.. وقد كنا على فوة التعثر اي على مقربة من تعثر المقطورة في راس الطابور المتوقف للخط النازل للمسافرين..
صعود المقطورة مخاطرة كبرى في منعطفات وعقبات ليست مناسبة اطلاقا لحجم القاطرة ناهيك عن حمولتها والازدحام والفوضى بالطريق..
ولكن هل تتوقف احتياجات الناس وحركة التجارة وأرزاق سائقي هذا النوع من المركبات؟؟؟!!
وهل هنالك حلا أوبديلا آخر ؟؟!

فأقل مايمكن من المخاطر وأسهلها التي تواجه المقوطرات والدينات المحظوظة هو أن تتعثر وتظل تراوح مكانها حتى يتم انقاذها بحيل اليمنيين المبتكرة والغريبه بغرابة شعب حياته بين المخاطر ومواجه الصعاب والمخاطر مكرها لا بطل..

وأكبر المخاطر هو أن تنقلب المقطورة أو الدينة باتجاه الطرف الاخر من النقيل المشارف على الهاوية لجبل شاهق.. وأقل من ذلك خطر هو الانقلاب الى باطن الجبل.. وقد رأينا حوداث هكذا لازلت كما وقعت..
اثناء العودة بعد تجاوز النقيل راينا طابور كبير وطويل للعشرات او المئات من المقطورات التي تأخذ دورها بانتظار عملية التفتيش بالنقطة المختصة..
بعث هذا المشهد فينا جميعا مشاعر مختلطة ومتضاربة ونحن نتأمل الطابور الطويل للقاطرات.. كمشهد غريب جدا مرعب ومحزن ومفرح بنفس الوقت.. غريب بغرابة كيف تجاوزت هذه المقطورات بطولها وعرضها وحمولاتها طريق النقيل المرعبة والضيقة.. محزن ومؤلم كيف يظطر اليمني للمخاطرة بحياته فكل سائق يعيل اسرة على الأقل وخاطر بحياته لأجلها وهو يعرف انه قد لاينجو واحتمالات أن يفقد حياته قد تكون أكثر..
مفرح بأن السائقين تجاوزوا مخاطر النقيل ووصولوا بحمد الله وفضله وبكل سلامه وبالتأكيد بأن السائقين قد اضافوا وعملوا بنظريات جديدة في علم قيادة المقطورات في طرق غير مؤهلة لذلك.. من حيث التحكم بتوازن المركبة في المنعطفات الصعبة والأكثر خطورة وصعود العقبات..
وأن هذا واقع حقيقي ينعكس على مختلف اليمنيين باختلاف مهنهم وأعمالهم ومسؤولياتهم واختلافاتهم في محاولة تجاوز أزمات ومحن ومخاطر هذه المؤلمه..
وأن شعبا هكذا يمتلك روح المغامرة والتضحية والابتكار لتحدي المخاطر وتجاوزها والخروج من عمق الأزمات وأكبر المخاطر منتصرا-غالبا- فأنه ولا بد في الأخير بأنه سيكون قادرا على هزم كل الصعاب والمخاطر ويتجاوزالعقبات والمحن والأزمات جميعها وينتصر للحياة والأمل والسعادة والسلام..



يتبع
عبدالفتاح الصناعي