آخر تحديث :الأحد-22 يونيو 2025-09:59ص

حكايات ذو شجون على الطريق بين صنعاء وعدن (٣)

الخميس - 30 مايو 2024 - الساعة 10:38 ص
عبدالفتاح الصناعي

بقلم: عبدالفتاح الصناعي
- ارشيف الكاتب


حكايات ذو شجون على الطريق بين صنعاء وعدن (٣)
  الحلقة الثالثة 

الحكاية الرابعة: مشاعر الوحدة الوطنيةوالسلام

 في منطقة التماس يسحرك الجمال حتى لاتكاد تعرف هل لازلت تحت سيطرة صنعاء أو دخلت نطاق عدن..وتذهل بحالة الإلتحام الشعبي..

وانت تطوي رعب النقيل ومتاعبه تعرف إنك دخلت منطقة التماس فتفيق من الرعب وتستمتع بجمال الطبيعة.. قرى جميلة وساحرة بالماء والخضرة وكثر الأشجار وتنوعها لاسيما النخيل الباسقات..وخرير الماء وتباعد وتقارب البيوت والقرى التي تراها منثورة كحبات لؤلؤ على صدر حسناء تتبختر بجمالها بعض هذه البيوت والقرى بالسهول وبعضها على القمم والجبال..تضاهي جمال النجوم المضيئة في السماء..على أكمل وأدق وجه ترى  جمال الريف اليمني بنقاء الجو وسحر الطبيعة الفاتنة والهدواء الذي يعيد للحياة مذاقها ورونقها..

تساورك العديد من الافكار والملاحظات في أحلام وطن لم تستغل إمكانياته الطبيعية كما يجب..وسرعان ماتعود للواقع واشكالياته وتحدياته الرئيسية اليوم بنوعا من الواقعية.. ولكن دون أن تتخلى تماما عن حقك في الأحلام
..
ولربما وانت تضيع وسط هذه الغابة من الجمال تجد بأن الواقع قد تماهى معك وضاع كما ضعت في حضرة جمال الطبيعة حتى تناسى أو تعافى من أكبر جراحاته.. 
الجميع حولك يتسأل  هل خرجنا من حدود الشمال؟ هل دخلنا الجنوب؟ لاشيء إطلاقا يجعلك تميز ويشعرك بأنك تجاوزت حدود سلطة صنعاء الى مناطق سلطة عدن.. مهما أجهدت نفسك بالبحث في وجوه الناس وتعامل النقاط.. واختلاف الطبيعة والطقس.. فتعامل النقاط هو نفسه والعلم اليمني هو نفسه بكل النقاط والناس هم الناس والطقس بتشابه كبير.. 
غابت الكثير والكثير من مظاهر الشطط والتعصبات والممارسات المتشددة التي كانت حد العدائية أوالشبه العدائية بالاحتياطات الأمنية التي كان مبالغ بها في النقاط بالمراحل السابقة..و يمكننا اليوم القول انها أوشكت على الأنتهاء شكلا ومضمونا.. 
وهذا من الجانبين في النقاط.. وهذه نعمة كبيرة من الله وله الحمد والشكر..لأن مثل هذا ليس أمرا بسيطا وسهلا بأي حال من الأحاول.
 قال تعالى(وألف بين قلوبهم لو أنفقت مافي الأرض جميعا ما الفت بين قلوبهم).

  ليس تعبيرا أدبيا وكلاما شكليا وأنشائيا.. أقول هذا وأكتبه وأشهد به خالصا لله وللوطن عن خبرة وتجربة..فقد سافرت ولاحظت شدة التعامل وتأثيرات الاحتقانات والصراعات السياسية وما أنتجت من الممارسات.. في أهم وأكثر المراحل خطرا وحساسية..وكيف تغيرت الأمور اليوم بشكل ايجابي..

 كنت الاحظ شدة الفجوة واحتقانات العداء والتعصب السياسي بالرغم بأن الحروب في كل مراحلها كانت بين نخب سياسية وبشكل مختلط وانقسامات النخبة من الشمال والجنوب ولم تكن الحروب بين نخبه سياسية شمالية وجنوبية خالصة قبل أنها لم تكن ولن تكن بين الشمال والجنوب..
 وقد ظلت غالبا  تتنامى حالة تعاطف الشمال مع الجنوب والاعترافات بما لحق بهم من تداعيات الحروب بقيادة شمالية وليس حربا شمالية ضد الجنوب.. و كانت التداعيات التي أثرت سلبا بالشعب الجنوبي غير مقصوة وانما تعد نتاج لحروب معقدة..كما كان ولازال التعاطف مع القيادات الجنوبية ومبادراتها وتضحياتها لأجل الوحدة وماواجهت من ظغوط وانصدامات تبرر انفجارها الأخير.. 
وهكذا ظل التعاطف بالشمال مبنيا على حقائق وبحق وباطل..ويكفي أن هذا برهانا ودليلا على وحدة الجسد اليمني وحدة مشاعره والتي كانت ولازلت بالرغم من الانقسام السياسي في تركيبة نظامين مختلفين ومتناقضين كلا يحكم شطر وله ولائات وأدبيات مختلفة.. كما هي الانقسامات التأريخية باليمن الى دويلات متصارعه في مختلف جغرافيتها المتقاربة والمتشابكه..

ومع هذا أنتهت هذه الدويلات بكل خصوماتها وصراعاتها وظلت وحدة اليمن هي الأصل أرضا وإنسانا..

وهكذا اليوم تشعر بأنه بعيدا عن السياسة وصراعاتها وشعاراتها..فإن هنالك حراك شعبي عفوي وطبيعي يحدث حالة من الحوار الغير المباشر لإعادة توحد وتعافي كيان الانسان اليمني البسيط بتجاوز التخندقات وتداعيات الحرب لاسيما في قضية الشمال والجنوب..
 الشعور الشعبي المشترك بوحدة المأساة شمالا وجنوبا بمرارة الحروب التي يعاني منها الجميع والخيبابات وضيق الميشعة وبؤسها..فتجد الشمالي يسأل عن حال انسان الجنوب بعيدا عن توظيف هذاالسؤال سياسيا وهكذا ايضا الجنوبي..
كلا سؤاله   عن الاخر كأنه يتفقد جزء أصيل من كيانه ومن دمه ولحمه..كمعراجعة ذاتية هي أشبه باللحظات الأولى لبداية التعافي بتجاوز أزمةصحية  واستفاقة بعد غيبوبة أوبعد التعرض لإنصدام وسقوط.. والافاقة تجعل الانسان يتحسس  جسده ويعيد ترتيب ذاكرتهبشكل تلقائي وعفوي..
هكذا بالسوق والساحل وفوق الباص..على خلاف المراحل السابقة تجد غياب الجدل السياسي..
يسأل الشمالي عن الحر  وعن الكهرباء وانقطاعها وكيف يعاني الجنوبي..كتعبير عن التضامن..
ويسأل الجنوبي عن الجو والطقس بالشمال تعبيرا حزينا عن الشوق كما يسأل عن الأحوال المعيشية تعبيراً عن التضامن والمأساة العاة للحرب  ..

يتبع..
عبدالفتاح الصناعي