مقارنة أولى بين اللغتين العربية والانجليزية
الإثنين - 03 يونيو 2024 - الساعة 01:25 م
هذه دراسة وجيزة للمكونات العامة و بعض الجزيئات اللغوية و مناحي أوجه التشابه و التضاد و الاختلاف و المزايا التي تتصف بها كل من اللغتين العربية و الإنجليزية في كثير من المجالات بعد ان استعرضت بعض ما تقوله وسائل المعلومات الغربية من زيف و افتئات على اعظم لغة عرفتها البشرية وهي اللغة العربية . و رغم صعوبات الدراسة التي تحتاج الى جهد كبير و مال وفير و عقول نيرة كثيرة فاني رأيت انه لابد من قول شيء صادق في حقها امام الاخرين . و لن يتسنى لاحد ذلك الا اذا قارنها باللغة السائدة عالميا وهي اللغة الإنجليزية . و اليكم بعض المقارنات الأولية :
الاتجاه المتضاد بين كتابة اللغتين:
تختلف اللغة العربية عن اللغة الإنجليزية في كتابتها من ناحيتين الاولى من حيث الاتجاه يمينا او يسارا والثانية من حيث التماسك والتفارق بين حروف الكلمة الواحدة. فاللغة العربية تكتب من اليمين الى اليسار وهو ما يوافق فطره الغالبية العظمى من الناس في استخدام اليد اليمنى في حركاتهم واعمالهم بمهاره اكثر من مهاره اليد اليسرى.
اما اللغة الإنجليزية فأنها تكتب من اليسار الى اليمين وهو ما يتفق مع فطره الأقلية من الناس التي تستخدم اليد اليسرى بمهاره كامله. وليس معنى هذا ان الايمن يجد صعوبة في الكتابة من اليسار او ان الايسر يجد صعوبة في الكتابة من اليمين ولكن القاعدة العامة للقدرات الجسدية ان الحركة هي من اليمين بقوة ومهارة نحو اليسار والاستثناء هو للحركة بقوة ومهاره لليسار نحو اليمين.
التشابه والاختلاف بين اصوات حروف اللغتين:
يبلغ عدد حروف اللغة العربية ثمانية وعشرون حرفا عند بعض علماء اللغة العربية غير انها تبلغ عند البعض الاخر من العلماء تسعة وعشرون حرفا باعتبار ان الهمزة حرف مستقل لأنها تتميز بمخرج صوتي يختلف عن مخرج حرف الالف. اما اللغة الإنجليزية فان عدد حروفها تبلغ ستة وعشرون حرفا. وتكاد نصف حروف اللغة الإنجليزية تتشابه كليا في اصواتها ومخارجها مع حروف اللغة العربية المشابهة لها كما يقرر الدكتور W.Wright في كتابه" من نحو اللغة العربية" باللغة الإنجليزية على النحو التالي:
ان الحروف الانجليزيه التي تتشابه مع الحروف العربيه في مخارجها ونطقها واصواتها هي ثلاثة عشر حرفا: (
فحرف ب يشبه حرف b
وحرف د يشبه حرف d ولكن الدال أرق
وحرف ر يشبه حرف r ولكن الراء أفصح نطقا
وحرف ز يشبه حرف z
وحرف س يشبه حرف s حينما تكون مهموسة
وحرف ف يشبه حرف f
وحرف ك يشبه حرف k
وحرف ل يشبه حرف L
وحرف م يشبه حرف m
وحرف ن يشبه حرف N
وحرف ه يشبه حرف h
وحرف و يشبه حرف w
وحرف ي يشبه حرف y
اما بقية حروف الإنجليزية الاخرى فإنها تختلف قليلا او كثيرا عن مثيلاتها العربية حسب مخارج نطقها غير ان معظم حروف الانجليزيه تتحكم في نطقها الكلمات بصفه عامه.
تغيير رسوم الأحرف العربية المكتوبة وثبات رسوم الأحرف الانجليزية :
إن كتابة الكلمات في اللغة العربية تختلف اختلافاً عن كتابة الكلمات في اللغة الانجليزية. فإذا تصفحت كتاباً باللغة الانجليزية لوجدت أن الأحرف لا تتصل ببعضها البعض مطلقاً وحتى إن اتصلت ببعضها شكليا كما في بعض الكتابات الخاصة فإن حروف الكلمات لا تتغير صورتها مطلقاً إلا حين يستخدم الحرف الكبير في أول كل جملة وهو لا يعتبر تغييراً في صـورته وإنما استخداماً للأحرف الكبيرة من الأبجدية الانجليزية. أما إذا تصفحت كتاباً باللغة العربية فإنك تجد أن حروف الكلمات متصلة وملتحمة ببعضها البعض ولا تنفر من الاتصال إلا بعض الأحرف مثل (ا-د-ذ-ر-ز-و) التي تقبل الاتصال بما قبلها وترفض إلحاق أي حرف بها وما يهمنا هنا هو أن صورة الحرف العربي تتغير من حال إلى حال حسب موقع الحرف في الكلمة فهو يختلف رسماً في بداية الكلمة كما يختلف في وسطها و يختلف ايضا في أخرها عنه في أولها أو وسطها وهذا يوجب أن تقرأ الكلمة حسب حروفها حتى يتعرف القارئ على صورها المختلفة وفق علامات تشكيلها.
وهذا الالتصاق و الالتحام بين الحروف العربية اصبح ميزة في كتابة اللغة العربية فقد دفع بالخطاطين المسلمين من عرب و عجم الى التفنن في أساليب الكتابة العربية فابتكروا فنونا مختلفة للخط العربي في مختلف الأقطار الإسلامية و أنشئت مدارس له في كتابة المصاحف بطرق فنية جميله فنتج عن ذلك جماليات تشكيلية منوعة للخط العربي حتى اصبح جزءا من الفنون التشكيلية اليوم لا يضاهيه في ذلك أي خط اخر. فالخط الإنجليزي لم يستطيع ان يتجاوز ميلان احرفه و انعطاف رؤوسها قليلا عند تجميلها بالحروف الكبرى
رسم واحد ولفظ واحد للكلمة الانجليزية ورسم مشكل ولفظ مختلف ومعنى مختلف للكلمة العربية:
إن الكلمة الانجليزية تحتفظ بصورة واحدة ولفظ واحد لا يتغيران مطلقاً مادامت دلالتها اللغوية واحدة. أما الكلمة العربية فإن لفظها يتغير تغييراً كثيراً بعلامات التشكيل وأما معناها فيتغير كلياً من حال إلى آخر فيمكن أن تتحول نفس الكلمة من اسم إلى اسم آخر ومن فعل ماض إلى فعل أمر ومن فعل إلى اسم ومن اسم إلى فعل وإليك المثال:
1) عَلِمَ = knew 3) عَلَمَ = marked 4) عَلَّمَ = taught
4) عَلِّمْ = teach 5) عِلْمٌ = science 6) عَلَمٌ = flag
يبين المثال أعلاه أن تشكيل حروف الكلمة في اللغة العربية هو الذي يحدد حالتها الإعرابية ودلالتها اللغوية مما يؤكد أن الحرف هو الأصل في اللغة العربية أما في اللغة الانجليزية فان الحرف بصورته الجامدة لا يغير من دلالة الكلمة أو اجروميتها وهو ما يؤكد إن الأصل في اللغة الانجليزية هو الكلمة ولذلك لابد من تعليم قراءة اللغة العربية بحروفها المتحركة بينما يجب تعليم اللغة الانجليزية بكلماتها التي تسمى الطريقة الكلية والتي لا تصلح للغة العربية الفصحى أبداً.
ان تغير رسم الكلمة في اللغة العربية حسب تشكيلها بعلامات المد المختلفة له عدة فوائد أهمها: (1) إعطاء الكلمة دلالات مختلفة و عديدة في معانيها حسب تشكيلها (2)اثراء اللغة العربية بالمعاني العديدة باستخراجها من نفس الترتيب لأحرف الكلمة الواحدة دون تغيير في رسمها . (3)التنويع الصوتي لنفس الكلمة برسمها الواحد مما يجعل اللغة العربية ذات انغام و ايقاعات موسيقية مختلفة عند سماعها . وهو ما أثار اعجاب كثير من المستشرقين الذي عبروا عن اطرائهم لها . اما اللغة التي تتصف الكلمة فيها بجمود الرسم و جمود اللفظ فيها كالإنجليزية فإنها لا تتمتع بالدلالات المختلفة لمعاني كلماتها ولا تستطيع اثراء مفرداتها بالمعاني المستخرجة من نفس الكلمة الجامدة كما ان اصواتها المحددة في النطق تحد من موسيقاها والحان حروفها.
تحكم الحروف العربية و حركاتها في الإملاء والنحو والصرف بخلاف الإنجليزية التي تتحكم الكلمة فيها بكل ذلك:
تعتبر قواعد الإملاء من الخصائص الهامة في اللغة العربية وهي تعتمد بصفة خاصة على الحروف. فهناك اللام الشمسية وما يلحقها من حروف واللام القمرية وما يلحقها من حروف وهناك التاء المربوطة والتاء المفتوحة ثم هناك علامات التشكيل المختلفة من فتح وكسر وضم وتنوين وشد, وهناك الهمزة وكيف تكتب في مواضعها المختلفة من الكلمة ثم هناك حذف الحروف وزيادتها وأخيراً ثمة حالات الفصل والوصل في بعض الحروف ومواضع كتابة الألف اللينة.
إن حروف اللغة العربية لا تتحكم في الإملاء فقط ولكنها تتحكم في قواعد النحو العربي الذي يبدو جلياً في تغير حركات الحروف أو حذف الحروف ذاتها أو زيادتها أو تغيرها حسب موقعها من الإعراب. وفضلاً عن ذلك فإن قواعد الصرف في اللغة العربية تختص ببنية الكلمة وكلما يطرأ عليها من تغيير سواء بالزيادة أو النقصان فمعظم الكلمات العربية ثلاثية الحروف ولذا اعتبر علماء الصرف أن أصول الكلمات ثلاثة أحرف ووضعوا نظاماً لضبط بنية الكلمة وقابلوها عند وزنها بالفاء والعين واللام (فعل). ان كاتب العربية اذا استطاع اجادة تهجي الكلمة حسب مخارج حروفها فانه قادر على انزالها كتابة مهما كبرت او تشكلت دون صعوبة تذكر اذا كان ملما بقواعد الهمزة حسب مواضعها النحوية في الكلمة.
أما اللغة الانجليزية فان الحرف في الكلمة لا يؤثر على إملاء أو نحو أو صرف في اللغة لان الكلمة التي هي الأساس فيها هي التي تؤثر فقط حسب وضعها السياقي على إملائها ونحوها وصرفها. فما على كاتبها سوى ان يحفظ ويستذكر غيبا صورة كل كلمة حتى يجيد املاءها. و لن يجد صعوبة الا في الكلمات الكبيرة أحيانا و تلك التي تتدخل فيها حروف العله كثيرا فتختلف او تتشابه مع بعض الكلمات الأخرى.
الكلمة لتعليم الإنجليزية والحرف لتعليم العربية:
(أ)الكلمة لتعليم اللغة الانجليزية (الطريقة الكلية):
إن الأصل في تعليم اللغة الانجليزية هي الكلمة وليس الحرف وذلك للأسبابلا التالية:
أن الحرف في الكلمة الإنجليزية قد يلفظ مختلفاً من كلمة إلى أخرى وأحياناً قد يلفظ لفظاً مختلفاً في نفس الكلمة الواحدة ولذلك لا يمكنك أن تعتمد على صوت واحد دائم للحرف الانجليزي وإنما ينبغي الاعتماد على الكلمة كوحدة أساسية في اللغة الإنجليزية لنطقها.
تلفظ بعض الحروف المختلفة لفظاً واحداً أو متشابهاً في كثير من الكلمات بحيث لا يمكنك الاعتماد على نطق الكلمة حسب حروفها وإنما عليك تهجي الكلمة ككل كما يعلمونك بها. كما أن بعض الحروف في كثير من الكلمات لا تلفظ أصلا وما عليك إلا أن تقرأ الكلمة كما تحفظها وتستذكرها دون أن تستطيع قراءتها حسب حروفها.
أن عدم ثبات صوت الحرف في اللغة الانجليزية يجعله غير قادر على التحكم بلفظ الكلمة بل إن العكس هو الصحيح فالكلمة الانجليزية هي التي تتحكم في تحديد أصوات الحروف لأنها فاقدة لجذورها بسبب اندراس أنسابها ولان جهاز النطق غير مكتمل ومصاب بالاختلال فهو كما يقول الأستاذ محمد المبارك" قد تجد في لغات أخرى غير العربية حروفاً أكثر عدداً، ولكنها محصورة مخارجها في نطاق أضيق، وفي مدرج اقصر قد تجدها مجتمعة متكاثرة في جانب الشفتين، وما والاهما من الفم أو الخيشوم في اللغات الكثيرة الغنة، أو تجدها متزاحمة في جهة الحلق، وفي كلا الحالين ضيق في الأفق الصوتي، واختلال في الميزان الصوتي، وفقدان لحسن الانسجام، بسبب سوء توزيع الحروف".
أن عدم ثبات أصوات الحروف في اللغة الإنجليزية قد جعل متعلمها لا يعتمد على الحرف وإنما على الكلمة فهي تتغير دون اقتضاء من جهاز النطق وإنما حسب أعراف واصطلاحات متوارثة لا تأبه بأصوات الحروف المكونة للكلمة. ولذلك وضع في بعض قواميس اللغة الإنجليزية قاموس للتهجي أمام كل الكلمات التي لا تلفظ حسب حروفها رتبت فيها حروف الهجاء حسب لفظها وقراءتها.
(ب)الحرف لتعليم اللغة العربية (الطريقة الحرفية):
أما اللغة العربية فإن الحرف العربي فيها هو الأصل لتعليمها وليس الكلمة وذلك للأسباب التالية:
أن الكلمات الأساسية في اللغة العربية تعتمد على جذورها من الحروف الأساسية التي تساعدها على التوالد والتكاثر بحيوية اشتقاقية تفتقدها اللغات الحية بالإضافة إلى موسيقية الحروف العربية التي تكتسبها من اكتمال جهاز النطق لديها حسب ما يصفها العقاد بقوله: "وتظل اللغة العربية بعد ذلك أوفر عددا في أصوات المخارج التي لا تلتبس ولا تتكرر بمجرد الضغط عليها، فليس هناك مخرج صوتي واحد ناقص في الحروف العربية، وإنما تعتد هذه اللغة على تقسيم الحروف حسب موقعها من أجهزة النطق، ولا تحتاج إلى تقسيمها باختلاف الضغط على المخرج الواحد؛ كما يحدث في الباء الخفيفة والباء الثقيلة التي يميزونها بثلاث نقط من تحتها بدلا من النقطة الواحدة، أو كما يحدث في الفاء ذات النقطة الواحدة أو ذات النقط الثلاث، أو كما يحدث في الجيم المعطشة، وغيرها". وعلى هذه الصور تمتاز اللغة العربية بحروف لا توجد في اللغات الأخرى؛ كالضاد، والظاء، والعين، والقاف، والحاء، والطاء، أو توجد أحيانا ولكنها ملتبسة مترددة لا تضبط بعلامة واحدة".
ب- أن أصوات الحروف العربية تلفظ لفظاً واحداً في جميع الكلمات ولا تتأثر بمواقعها في الكلمات وكل حرف له صوت متميز لا يتشابه مع غيره أبداً. يقول الأستاذ العقاد عن موسيقية الحروف العربية في كتابه (اللغة الشاعرة): "ليست الأبجدية أوفر عدداً من الأبجديات في اللغات الهندية والجرمانية، أو اللغات الطورانية، أو اللغات السامية. ولكنها على هذه الزيادة في حروفها لا تبلغ مبلغ اللغة العربية في الوفاء بالمخارج الصوتية على تقسيماتها الموسيقية.
وقد كانت سليقة اللغة العربية هي الهداية النافعة لعلمائها فيما اختاروه من ترتيب الأبجدية على وضعها الأخير، فإن هناك تناسباً موسيقياً فنياً بين الحروف المتقاربة لا مثيل له في الأبجديات الأعجمية التي تلحق فيها السين بالباء، أو التي يمكن ترتيبها على غير هذا الوضع دون تغيير في دلالات الألفاظ أو دلالات الأشكال".
ج- الحرف العربي حرف حركي وهو ليس ساكناً إلا في بعض الحالات فهو بالإضافة إلى سكونه يتحرك تسع حركات أخرى حسب علامات التشكيل فضلاً عن تحركه بالمد حسب أحرف العلة ولذلك فالحرف العربي عند قراءته يتحرك عشر حركات حسب إعراب الكلمة وهذه الميزة ,بالإضافة الى صحة مخارج حروفها الصوتية ودقتها, جعلت إمكانية وجود كثير من الكلمات في اللغة العربية التي تخلو من أحرف العلة بينما لا تستطيع ان تجد كلمة إنجليزية واحدة بغير حرف علة الذي تعتمد عليها في تحريكها. وعليه فإن تعلم اللغة العربية حسب حروفها المتحركة يصبح أمراً لازماً.
د- لا توجد في معاجم اللغة العربية قواميس داخلية تعلمك كيف تلفظ الكلمات لأنها لغة تقرأ كما تكتب وتكتب كما تقرا وليست كالإنجليزية التي لا تقرأ كما تكتب ولا تكتب كما تقرا.
(6) وجود حروف أساسية للاشتقاق الواسع في العربية وضيق الاشتقاق في اللغات الأوروبية لانعدام الأحرف الأساسية:
تتميز اللغة العربية بالاشتقاق بين الألفاظ التي تشترك في الحروف الثلاثة الأساسية التي يجمع بينها قدر مشترك من المعنى. يقول الأستاذ/ محمد المبارك في كتابه الشهير (فقه اللغة وخصائص العربية) الصادر عن دار الفكر: "ولاشك أن هذه الطريقة في توليد الألفاظ بعضها من بعض تجعل من اللغة جسماً حياً تتوالد أجزاءه ويتصل بعضها ببعض بأواصر قوية واضحة وتغني عن عدد ضخم من المفردات المفككة المنعزلة التي كان لابد منها لو عُدم الاشتقاق وان هذا الارتباط بين الألفاظ العربية الذي يقوم على ثبات عناصر مادية ظاهرة وهي الحروف أو الأصوات الثلاثة وثبات قدر من المعنى سواء كان بادياً ظاهراً أو مختفياً مستترا خصيصية عظيمة من خصائص هذه اللغة تشعر متعلمها بما بين ألفاظها من صلات حين تسمح لنا بالقول: أن ارتباطها حيوي وان طريقتها (حيوية توليدية) وليست آلية جامدة. أما الاشتقاق في اللغة الأوروبية فهو آلي أكثر منه توليدي وهو محدود جداً ويعتمد على طريقة النحت وإلصاق الكلمات بعضها ببعض".
ويضيف الأستاذ/ محمد المبارك أن الاشتقاق في اللغة العربية وسيلة رائعة لتوليد الألفاظ للدلالة على المعاني الجديدة وذلك باشتقاق لفظ جديد من مادة قديمة كما أن الاشتقاق مظهر من مظاهر منطقيتها وموافقتها للطبيعة في إرجاع الجزئيات إلى كليات وربط الأجزاء المبعثرة بالمعنى الجامع. ويدلنا الاشتقاق على أصول الألفاظ فيمكننا من ربط الكلمة بأخواتها وأفراد المجموعة التي تنتسب إليها وذلك مما يثبت معناها أو يوضحه. والاشتقاق هو الطريق إلى حسن فهم اللغة والتفقه فيها ومعرفة أسرارها ويدخلنا في صميم اللغة ويشعرنا بارتباط هذه المعاني ويجمع الصور المتماثلة والمعاني المتشابهة في بعضها بعضاً وينير الواضح منها الغامض والحسي المعنوي. ويبين الأستاذ/ محمد المبارك "إن الألفاظ العربية رتبت في المعاجم العربية وجمعت بحسب أنسابها وأصولها فجمعت في مادة (ض ر ب) مثلاً جميع مشتقاتها المتولدة عنها. أما معاجم اللغات الأخرى فقد تعذر عليها بسبب ضياع أصول الألفاظ (الحرفية) واندراس معالم أنسابها ولذلك رتبوها ترتيباً فردياً لا جماعياً راعوا فيه ظاهر اللفظ لا حقيقته وأصله". لكن الأبحاث المعاصرة تؤكد كل يوم نظرية عباس محمود العقاد بأن اللغة العربية قد انتقلت من الحضارة السورية بألسنتها القديمة من فينيقية وسريانية وآرامية إلى بلاد الإغريق والرومان حيث تكونت منها اللغة اللاتينية التي تفرعت معظم اللغات الأوروبية الحية منها فضاعت جذور الكلمات عن أصولها العربية عند النقل والتحول. ولذلك فان الاشتقاق في اللغة الإنجليزية لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة في معظم الأحوال للكلمة الواحدة بينما الاشتقاق في اللغة العربية قد يصل الى اكثر من مئة كلمة مع التصاريف المختلفة.
(7).ما خالف رسمه لفظه في اللغة العربية واللغة الانجليزية:
(أ) ما خالف رسمه لفظه في العربية:
من امثله ما يلفظ ولا يكتب في اللغة العربية كلمات الذين التي تكتب بلام واحده وتلفظ بلامين لأنها مشدده والكلمات المبدوءة بلام كلبن ولحم ولجين التي تدخل عليها فتجتمع فيها ثلاث لامات فلا يكتبن كلهن بل يكتفى بلامين فقط مثل "للحم فوائد ومضار" ومثل اللذان واللتان واللواتي واللاتي واللائي حين تدخل عليهن اللام ولا تحذف الالف في الله والرحمن واله ولكن ولكنّ كما تحذف الالف في هذا او هذه وهؤلاء وذلك وذلكما وذلكم وذلكن.
ومن امثله ما يكتب ولا يلفظ من الحروف في اللغة العربية كلمات عمرو فقد زيد فيه الواو في حاله رفعه وجره وحذفت في حاله النصب للتفرقة بينه وبين اسم عمر كما زيدت الالف في كلمات مئة ومئتين وثلاثمئة واربعمئة وخمسمئة.. كما زيدت الف بعد واو الضمير مثل كتبوا ولم يكتبوا واكتبوا وزيدت الواو في اولو واولئك كما ان اللام في ال الشمسيه لا تلفظ بالكلمات التابعة لها.
و من النادر وجود امثله على ما يلفظ على خلاف رسمه باللغة العربية سوى ما رسم ياء مما تلفظ ياءه الفا. كرمى واستدعى والرحى والهدى والمسعى والمصطفى والمستشفى فهو مما يلفظ على خلاف رسمه.
(ب) ما خالف رسمه لفظه في الإنجليزية:
اما في اللغة الإنجليزية التي لا تعتمد على الحرف وانما على الكلمة فقد جعلت اصوات الحروف تتغير دون اقتضاء من جهاز النطق وانما حسب اعراف واصطلاحات متوارثه لا تأبه بأصوات الحروف المكونة للكلمة بسبب فقدان جذورها وانسابها الأصلية.
ولذلك فان ما يلفظ ولا يكتب وما يكتب ولا يلفظ وما يلفظ بخلاف رسمه في اللغة الإنجليزية تتداخل كثيرا في أكثر المفردات للغة الإنجليزية بحيث يصعب حصرها كما في العربية في دراسة كهذه. الا ان الاعجب من ذلك كله ان في اللغة الإنجليزية حروف تلفظ على خلاف رسمها عده مرات بأصوات مختلفة فمثلا حرف C يلفظ سينا في city وكافا في capture وتاء في church وحرف t تلفظ تاء في tight ويلفظ ذالا في this وثاء في three وحرف s يلفظ سينا في save وشينا في shall وزايا في refuse وحرف x يلفظ أكس في oxford ويلفظ جيما وزايا في example ويلفظ زايا في xerox وحرف p تلفظ باء معطشه وتلفظ فاء في معظم الكلمات حينما يسبق p حرف h.
غير أن كثيرا من حروف الانجليزية حينما تتجاور في بعض الكلمات تتشابه اصواتها مع حروف اخرى فمثلا حينما تتهجى au في كلمة taught تقرأه كحرف o. ان معظم حروف العله التي لا تخلو منها كلمه انجليزيه لا تستطيع قراءتها الا بالسماع لأن اصوات حروفها يتغير نطقها بين الكلمات دون سبب. اما الحروف التي تكتب ولا تنطق فهي كثيره جدا في اللغة الإنجليزية وخاصه احرف العله مثل e الذي يكون في اواخر الكلمات مثل there. اما حرفا gh حينما يكونان في وسط الكلمة فانهما لا يلفظان في كثير من الكلمات مثل ought, brought . اما في كل الكلمات الاشتقاقية التي تنتهي بأحرف tion مثل application فأنها تلفظ (شن) اي انها لا تلفظ الاحرف الثلاثة tio.
اننا لا نستطيع تقصي الكلمات التي تلفظ بخلاف رسمها في اللغة الإنجليزية فهي كثيره جدا لأنها كحاله كل اللغات التي فقدت جذور كلماتها ولهذا فان نطق بعض الكلمات يختلف عن بعضها البعض في البلدان الأنجلوسكسونية كإسكتلندا واستراليا وامريكا وانجلترا وايرلندا. وقد حاول الامريكان اختصار بعض الكلمات بشطب الحروف التي لا تنطق من الكلمات لكنهم وجدوا انها قد تصطدم بكلمات اخرى فتوقفوا عن التوسع في الامر. وبما ان اللغة الإنجليزية مأخوذة اصولها من اللغة العربية فان الحل المناسب لها هو كتابتها بالحرف العربي للقضاء على اضطراب التهجي والنطق.
(9 )الضمائر في اللغتين العربيه والانجليزيه:
1- الضمائر في العربيه تصنف الى سبعة انواع:
منفصله ومتصله وبارزه ومستتره ومرفوعه ومنصوبه ومجروره. فالضمائر المتصله تسعه وهي: "التاء ونا والواو والالف والنون والكاف والياء والهاء وها". اما الضمائر المنفصله فهي اربعه وعشرون: انا، نحن، انت "بفتح التاء", انت "بكسر التاء", انتما, انتم, انتن، هو، هي، هما هم، هن .و(إياي، إيانا، إياك "بفتح الكاف", إياك "بكسر الكاف", إياكما، إياكن، إياه، إياها، إياهما، إياهن)، وعليه فان عدد الضمائر المتصله والمنفصله في العربية هي ثلاثة وثلاثون ضميرا.
2-الضمائر في اللغه الانجليزيه يمكن تصنيفها إلى ثمانية أنواع:
شخصيه و امتلاكية واشاريه وانعكاسيه واستفهاميه ونكره ونسبيه وتوزيعيه. وهذه الضمائر تعتبر ثابته ويبلغ عددها ثلاثة وثلاثون بالاضافه الى بعض الضمائر غير الثابته التي تتحول من صفات او ظروف او غير ذلك الى ضمائر في بعض الاحيان. كما ان الضمائر الثابته يقوم بعضها مقام اسماء الاشاره وبعضها يقوم مقام الاسماء الموصوله. وهذه الضمائر الثابته هي:
I, we, me, us, thou, you, thee, you (plural), he, she, it, one, they, them, him, her, it, one, mine, yours, his, hers, ours, theirs ,this that, such , myself, yourself, himself, herself, itself, oneself, ourselves, yourselves, themselves , who, what, which, whose.
3- تنقسم الضمائر في اللغه العربيه الى مفرد ومثنى وجمع. اما في الانجليزيه فان الضمائر تنقسم الى مفرد وجمع فقط وليس فيها مثنى. فاذا كان المفرد يدل على شيء واحد في اللغتين العربيه والانجليزيه فان المثنى في العربيه يدل على شيئين فقط اما الجمع في اللغه العربيه فيدل على اكثر من شيئين بينما الجمع في الانجليزيه يدل على اكثر من شيء واحد. كما ميزت اللغه العربيه بين المذكر والمؤنث في المفرد والمثنى والجمع من الضمائر بينما اقتصر التمييز في اللغه الانجليزيه على مفردات الضمائر. فالمؤنثات من الضمائر في الإنجليزية هي: she, her, hers, herself والمذكرات من الضمائر في اللغة الإنجليزية هي: he, him, his, himself أما بقية الضمائر فهي مشتركة للمذكر والمؤنث ولما يسمى المحايد الذي لاوجود له في العربية.
" وقد انعكست هذه الحاله اللغويه على وجود اختلاف وتشابه فيما بين الضمائر واسماء الاشاره والاسماء الموصوله واسماء الاستفهام في كل من اللغتين ودلالاتها حسبما تقتضيه تركيبات كل لغه.
4-الضمائر في اللغتين العربيه والانجليزيه هي ما يكنى به عن المتكلم او المخاطب او الغائب فهي قائمه مقام ما يكنى به عنه، غير ان الانجليزيه لم تكتف بوظيفه الكنايه للضمائر بل جعلت بعض الضمائر تقوم مقام اسماء الاشاره وبعض الضمائر تقوم مقام اسماء الاستفهام اذ لا توجد اسماء اشاره او استفهام مستقله عن الضمائر كما في العربيه. وبالاضافه الى ذلك فان الانجليزيه تستخدم بعض كلمات الصفات كضمائر في احوال معينه مثل I have two pens ;they are both new : فكلمه Both التي تعني كلا او كلتا للدلاله على المثنى في اللغه الانجليزيه كما تجعل بعض الضمائر تستخدم كصفات في احوال اخرى وهو ما يثير بعض الارباك لدى مستخدم اللغه وخاصه حينما يكون من خارجها كما تفاجئنا ضمائر صريحه مثل our, his, my وغيرها كصفات وليست كضمائر في تركيبات معينه حينما تكون قبل الاسم في الجمله مثل: that is my car
اما اللغة العربية فانها تختلف عن الانجليزية في سعة مصطلحاتها ووفرتها وعدم اختلاط وظائفها بين الضمائر واسماء الاشاره واسماء الاستفهام والاسماء الموصوله، فثراء المفردات في اللغه العربيه ووفرتها قد جعلها في غير حاجه الى استعارة المصطلحات من قاعده الى اخرى مع تغيير وظائفها ودلالاتها كما في الإنجليزية .
يقول العقاد في مقارنته اللغويه عن ضمائر الجنس والعدد " وبهذا القياس ايضا يمكن ان يقال ان اللغه العربيه أعرقها تطورا وتدرجا في الاستعمال على حسب الحاجه، فليست ميزتها الكبرى انها قديمه معرقه وحسب ولكنها تضيف الى ذلك مزيه اخرى وهي تمام التطور في استعمال الضمائر حيث تظل اللغات الحيه ناقصه او جامده لا تقبل النمو على جذورها الحيه من جديد .اما انها اقدم اللغات الحيه بدلالة الضمائر والاسماء الموصولة فهو ظاهر من احتوائها عليها جميعا وبقاء اصولها جميعا فيها الى اليوم مستعمله لاغراضها التي تناسبها.
فالضمائر في اللغات الجرمانيه واللاتينيه هائيه او ذاليه او لاميه، ونعني بالهائيه ما يظهر فيها حرف الهاء وبالذاليه ما يظهر فيها حرف الدال ومقابلاته في اللغات الاخرى، وباللاميه ما يظهر فيها حرف اللام كما يظهر في الالف واللام الموصوله عندنا.
ففي اللغه الانجليزيه تستعمل he (هي) لضمير المذكر الغائب (هو) باللغه العربيه وكانت هيو تستعمل لضمير المؤنث الغائب heo الى القرن الثاني عشر مقابله (هي) باللغه العربيه.
ومن اسمائهم الموصوله what (هوات) بضم الهاء و whose (هوز) وهي تستعمل عندهم كثيرا في مواضع الذي والتي والاضافه للملكيه.
ويدل هذا على انها اصيله في اللغه العربيه مستعاره او عرضيه فيما وردت فيه من اللغات الاخرى. وعلامه التطور اظهر من علامه القدم في استعمال الضمائر وتحديد مواضعها كما هو ظاهر في الدلاله على الجنس والدلاله على العدد ولا مثيل للغه العربيه في كلتا الدلالتين. في الجنس في الاغلب الاعم من اللغات الهنديه الاوروبيه ينقسم الى ثلاثه اقسام مذكر ومؤنث ومحايد اي ليس بالمذكر ولا بالمؤنث.
وهذا وضع عقلي مخطئ لان التقسيم الصحيح في الجنس المتميز انه مذكر ومؤنث وليس هناك جنس ثالث متميز يسمى بالمحايد بل هناك اشياء لا جنس لها اصلا يستعار لها الجنس على سبيل المجاز، فتلحق بالمذكر او بالمؤنث على حسب المناسبه عند وضعها وليس هناك جنس ثالث ولو على الشذوذ كما يعرض للذكر المشكل او للانثى المشكل فانهما في حقيقه التقسيم ذكر غير متميز او انثى غير متميزه ولا ثالث للجنسين يسمى بالجنس المحايد بينهما.
وفي اللغه العربيه تمييز بين الضمائر في حالات الافراد والجمع لا يعرف لغيرها بعمومه ودقته وتنوع تصريفاته، ف (هم) لجمع المذكر و(هن) لجمع المؤنث و(انت) بفتح التاء للمخاطب المفرد و(انت) بكسرها للمخاطبه المفرده و(انتم) و(انتن) للمخاطبين والمخاطبات، وهذا عدا التمييز بين علامات جمع الاسماء كالمؤمنين والمؤمنات والمتكلمين والمتكلمات وعدا التمييز بين الضمائر في حالات الفعل النحويه والصرفيه بالنسبه للجنسين.
ولا توجد لغه حيه تلتزم التفرقه على قواعدها المطرده كما تلتزمها اللغه العربيه.
ومن ادق الفوارق العقليه الملحوظه في مساله الجنس ان اللغه العربيه لا تفرق بين الدلالات الجنسيه بتقسيمها الى مذكر ومؤنث او محايد بين الجنسين ولكنها تفرق بينها بتقسيمها الى ما يدل على العاقل وما يدل على غير العاقل وهذا هو التقسيم العقلي المنطقي الصحيح مستقرا في تكوين اللغه لانها لغه متطوره بالاستعمال الى ما يناسب الكلام والتفكير فالفرق بين (من وما) في اللغه العربيه هو فرق بين عاقل وغير عاقل وليس فرقا بين جنس مذكر او مؤنث وجنس محايد بينهما لا هو بالمذكر ولا بالمؤنث ولا بالمشكل الذي يحسب مذكرا تاره ومؤنثا تاره اخرى.
ومن علامات التطور في ضمائر اللغه العربيه دلالتها الصحيحه على العدد كدلالتها الصحيحه على الجنسين اصلا واستعاره. فالضمائر في اللغات الهنديه الجرمانيه لا تعرف غير حالتين للضمير العدد هما حاله الافراد وحاله الجمع. ولكن اللغه العربيه تعرف لها حاله ثالثه هي حاله المثنى وهو من وجهه التفكير المنطقي ليس بالمفرد ولا بالجمع، فان اثنين لا يكونان جماعه من الناس او غيرهم، والواحد لا يقابل حاله الجمع وحدها بل يقابل ايضا حاله الواحد مع واحد اخر لا اكثر، وليس واحد وواحد بالكثره الجماعيه، ولكنهما واحدان غير منفردين.