آخر تحديث :الإثنين-22 سبتمبر 2025-11:01م

من تجارب الحياة ..لدى اليمنية ما تفخر به ، الحلقة 164

الثلاثاء - 04 يونيو 2024 - الساعة 02:56 م
اللواء ركن علي ناجي عبيد

بقلم: اللواء ركن علي ناجي عبيد
- ارشيف الكاتب





عُرفت شركة الطيران اليمنية بعدم إنضباط مواعيدها حتى أصبح ذلك من طبيعتها والعكس هو المخالفة ففي أحد أيام شهر أغسطس من العام 1998م كنت وعدد من الضباط في مطار دمشق في إستقبال أقارب وأصدقاء لنا، فإذا بأحد موظفي المطار السوريين يصرخ في وجوهنا بالعربية الفصحى قائلا ماذا حصل في اليمن؟ مما جعلنا ننزعج كثيرا، رأى علامات الإنزعاج على وجوهنا فابتسم ساخرا وقال بلهجته السورية( اليوم هبطت طائرة اليمنية على موعدها بالدقة المتناهية )مضيفا من سنين ما حصلت!!! انفرجت الأسارير لعدم حصول ما توقعناه عند سماعنا لصراخه الأول بل وضجت القاعة بالقهقهات العالية مما لفت إنتباه الآخرين وسخريتهم وربما إستهجانهم لتصرفنا الناجم عن حالات الفرح بأن الأمور بخير والأسف لما وصلت إليه أحوالنا. كتبت عن ذلك مرات ومرات منها رحلة على اليمنية من صنعاء إلى عدن استغرقت سبع ساعات وأوجه الشبه في القبح بين شركة فلاي ناس السعودية وطيران اليمنية والذي تعرض للحذف من على شبكة النت و.. و..
لا أقصد أن هذا ما امتازت به اليـــــــمـــنـــــية فهناك إمتياز إيجابي حق لها أن تفتخر به ووجب علينا الثناء عليه.
ربما تصعد إلى مقعدك في الطائرة وأنت في نفسك تسب وتلعن لتأخر موعد الإقلاع، لكن بمجرد أن ترى إبتسامات الترحيب الصادقة من طاقمها الذي يعاني هو نفسه من عدم الإنضباط في المواعيد وتلمس الصعوبات التي يعانيها من سلوك بعض الركاب إن لم يكن معظمهم، تصور على متن الطائرة وبعد توضع الغالبية على مقاعدهم ومقاعد غيرهم يأتي من يصرخ في وجه المضيفين بصوت عال " إحجزوا لي أربعة مقاعد مع بعض "وكأنه في فى فرزة باب اليمن" ليُقابل بإبتسامة من أحد أو إحدى طاقم الإستضافة. '' للعلم تلك الفوضى من قبل الركاب واحدة من أسباب التأخر في المواعيد ". وأنا على ذلك من الشاهدين مع الأسف الشديد.
لا شك إضافة إلى تلك العادة في التأخر تجد طائرة قديمة لا تتوفر فيها وسائل الترفيه من شاشات أو ما شابه الخ...
مما يزيد الأمر سوءا.
لكن ما الذي يعجبك رغما عنك وبه تمتاز اليمنية؟
لا شك أن ذهنك قد سبق إليه من خلال الإشارة إلى جهد طاقم الإستضافة / المضيفين/ إن لم تكن لمسته بنفسك. نعم تجد من التعامل الرائع من قبلهم مضيفين ومضيفات ما يعجبك وينسيك بعض ما عانيته بسبب الإنتظار أكثر من الوقت مع إنضباطك بوقت الحضور بالتقديم عن الوقت المحدد وكذا قلق السفر من تعامل في غاية الرقي من قبل طاقم الإستضافة،قبل أن تطلب يباشرك بما هو لك،تطلب ليس سرعة التلبية التي تعجبك وليس كلمة حاضر فحسب بل أيضا ما تلمسه من رغبة في تأدية الخدمة. يتكرر ذلك في كل الرحلات، لمست ذلك خلال رحلتين أخيرتين عدن القاهرة بتاريخ 27/4 رحلة رقم.iy 600 والقاهرة عدن بتاريخ 31/5/2024 رحلة رقم iy 613 التي كان من ظمن طاقمها الرجل الرائع ياسر الناشري الذي يشعرك بتعامله وكأنكم أصدقاء من سنوات خلت وكذا مضيفات ثلاث في غاية الروعة واللطف في التعامل رفيع المستوى.
أيضا يعجبك إمتياز آخر متمثل بموظفي مكاتبها وأثبت هنا المكاتب التي تعاملت معها وهي مكتب الرياض ومكتب القاهرة فالسرعة واليسر والبساطة والبشاشة يهيئك لتقبل ما تتوقعه من ضغوط الإنتظار الإضافي وقلق السفر وغيره، فعلى سبيل المثال مكتب القاهرة الذي يديره بكفاءة عالية الأستاذ عبدالله صالح الشاعري، يجيب على كل إتصال وفي أي وقت" وقا انتم دارين بمستوى الثقافة التي نتمتع بها والحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه "، لا يستعرض الأهمية التي يمثلها ولا أهمية الخدمة التي يقدمها، اتصلتُ به نريد حجز القاهرة عدن بعد أسبوع، يجيب ببساطة ما فيش زحمة هذه الأيام تعال قبل يوم من أي رحلة تختارها، ما عاد تمطط وتعنطز وقال والله في صعوبات كبيرة لكن من شانك با نشوف و.... والخ.قالها ببساطة ناجمة عن ثقة بالنفس.وهو الذي أصبح خبيرا بأصناف وأنواع الزبائن فعلى قصر الوقت الذي مكثنا فيه بمكتبه رأيت كيف تعامل مع أصناف وأنواع شتى( صادقون يعانون ومحتالون مستغلون ومتعالون )، من النوع الأول جرحى ومرضى يقرأ في ملامحهم قبل كلامهم يساعدهم بالحد الأعلى من صلاحياته وبيسر، النوع الثاني رأيت وسمعت نموذجا واحدا منهم ملحاح، لجوج، استغرق من الوقت ما يعادل وقت أربعة من النوع الأول مسلحا بحجج عديدة إلا أنه تعامل معه بحسم بحيث خرج خالي الوفاض، أما المتعالون من قيادات ومسؤولين وأقاربهم فله أسلوبه الأكثر فعالية وتأثيرا رغم أنه الأصعب في تقديري فهو لا يقلل من شأن أحد، لكنه يقلل من مستوى المساعدات المطلوبة إلى حدها الأدنى وفي الغالب عدم أدائها من خلال الإعتذار بلباقة عالية ــ عكس التعامل مع النوع الأول تماما ــ مع خروج المعني بالأمر بالرضاء التام( لا أخفي عليكم لقد كنت أحدهم ولا أخفيكم شدة إعجابي بهكذا أداء ). إنها الحنكة الناجمة عن الخبرة المكتسبة التي يجب نقلها إلى الآخرين والأجيال اللاحقة في هذا المجال وغيره من المجالات على إعتبار تراكم الخبرات واحدة من أهم أسباب تقدم الشعوب ورقيها.
عند كل هبوط مع طياري اليمنية يجعلني أتذكر الجملة( س مياخكيم بسجينيم ــ الروسية التي تعني هبوطا ناعما ) التي كان يودعنا بها الرفاق السوفيات عند كل رحلة جوية كأمنية تتحقق مع طيارينا على إعتبار مرحلة الهبوط هي الأصعب والأخطر في مختلف مراحل الطيران.
يعني ذلك أن لدينا كوادر عالية الكفاءة طيارين ومضيفين أي يوجد لدى اليمنية ما تفخر به.
إن واحدة من دوافع كتابتي لهذه الخاطرة، الشهادة بما تمتاز به اليمنية من صفات إيجابية هي المقارنة مع شركة الطيران التركية "تركش أير " التي تمتاز بأسوأ أنواع المعاملة المتصفة بالجلافة والبرودة وكمان السخرية بل وحتى الكراهية ربما للعرب بشكل عام ولليمنيين بشكل خاص ، لقد تورطنا معها برحلات القاهرة، استانبول، طرابلس لم تكتمل لسوء المعاملة في المكاتب مع معاناة كبيرة من تأخير في المطارات جنبكم الله شرورها، أما الإستضافة فكأنك في حلبة نزال أو مصارعة ولله في خلقه شؤون.
ولأن الدين النصيحة أنصح بتجنبها مهما كانت الضرورات.
والى الى اللقاء في حلقات قادمة بعونه تعالى.

عدن
2 يونيو 2024