المناضل بين السجون والنفي..
الأول في عندما رفع العلم الإسرائيلي على مبنى سفارتها في القاهرة...
كان رد الفعل الجماهيري العفوي هو رفع الأعلام الفلسطينية من على كل شقة وعمارة حتى اكتست القاهرة بالأعلام الفلسطينية بما فيها صحيفة الأخبار التي أصدرت عددها مغطى بالعلم الفلسطيني وصاحب المذكرات المعروف بحيوته والبحث عن الفعاليات السياسية والثقافية لحضورها والإسهام بشكل فعال يصل إلى النارية.
ساهم ورفع علم فلسطين على مسكنه( أتوقع أنه نشط أكثر في الشارع وبين الرفاق بإستنكار التطبيع من جذوره) ليستدعى على إثر ذلك من قبل المخابرات ليدخل السجن وبعد وساطات من اللاجئين السياسيين في القاهرة منهم الرئيس عبدالله السلال والمناضل عبدالقوى مكاوي توصلت إلى ترحيله من القاهرة بعد أكثر من شهر إذ رُحل إلى دمشق.
ولم يطل به المقام كثيراً إذ على إثر مشاركة في ندوة بدمشق شارك بحماس بما لم يعجب بعض الحضور والأمن ،حيث تم استدعائه من قبل الأمن السوري ليدخل السجن حيث وجد الوحدة العربية متواجدة هناك وبعد أكثر من شهر يتم نفيه إلى الأردن .
أما في الداخل فقد نال نصيبه من السجن وأصبح
حـزبـي إبـن كلــب
وجـنِّـي حسب وصف المحققين لحضرته ، إلا أنه ترك تراثا يفيد المُهدَّدين بزيارة السجون من خلال تعامله بلباقة في الردود على الإتهامات وأساسها أنه حـزبـي بإعترافه بأنه يحب الفكر الناصري وجرت محاولات لكسبه إلى التنظيم الناصري إلا أنه رفض لأسباب أقنعت المحققين وأيضاً بمساعدة أحد أعضاء الجبهة الوطنية الديمقراطية ،عندما حذره من شخص مدسوس من الأمن يتقرب إليه وهو مقيد بثلاثة قيود وأنه جنوبي إلخ والذي اشتكى حالته وسأله كيف يمكن أن يتصرف مع المحققين ،فقال له ببساطة إعترف وأوبه تكذب على الأمن مثلي فهم يعرفون كل شيء والذي اختفى اليوم الثاني بعد ان توقع صاحب المذكرات بأنه رفع تقرير بما دار بينهما مما أقنع الأمن بنقله إلى سجن آخر ومن ثم أطلق سراحه.
أشار إلى أن معظم المسجونين وأصحابه النصيب الأكبر من التعذيب منهم هم من أعضاء الجبهة الوطنية الديمقراطية ومع ذلك لم يجد الوحدة الوطنية كما وجد الوحدة العربية في سجن دمشق.!!؟؟وربما حتى اليوم فلم يقصر في حق الجبهة القومية ووريثها الحزب الإشتراكي ويمكن إيراد أمثلة على ذلك:
عند قيام الزعيم الحمدي بحركة التصحيح كان الطلاب الناصريون (الرابطة الطلابية) أول من أيد الحركة ببيانها المحتوى لعشر نقاط أسميتها في حلقة سابقة بالوصايا العشر
نقطتها السابعه....
فيقول إن المتمركسين وبعض قوى أخرى وقفوا في الضد.
مع إن الحقيقة عكس ذلك إذ لم تكتف الجبهة الحاكمة في عدن بالحركة بالتأييد بل وجرت الحركة بالتنسيق المسبق مع الحمدي كصديق قديم للرئيس سالمين وسينشر توضيحا حول ذلك لاحقا و أصدق من أن نهاية الزعيم الحمدي جاءت لمنع زيارته لعدن وكذا موقف سالمين بحضور الدفن رغماً عمن ارتكبوا جريمة الإغتيال البشعة وغيرها.
كما اختصر موقف الحزب الإستراكي بتحقيق الوحده بإكتفاء قياداته وكوادره ببدل السكن والأثاث والسيارات أبو دبة إلخ.
لم يسمع أحد أن هناك قوى معترضة على الوحدة بشكلها العاجل الذي أدى إلى قتلها والتضحية بالشعب اليمني جنوبه وشماله ولم يزل يعاني كثيراً والحبل على الجرار.الا ذلك الإعتراض الواضح الذي سيرت مسيرات كبرى رافضة من قبل ( فرع الإخوان المسلمين في الشمال) وقوى قبلية ،رافضة الوحدة مع الإشتراكي الملحد والذي استمر الإعتراض من خلال التحريض بإستغلال منابر المساجد حتى وصل إلى حد الإغتيالات الذي أشار إليه المناضل علي الضالعي بإغتيال أكثر من 150 من قيادات وكوادر الحزب وإستهداف قياداته العليا بدء برئيس مجلس النواب د ياسين سعيد نعمان وبعده عضو مجلس الرئاسة سالم صالح ورئيس مجلس الوزراء حيدر العطاس ولم يوفروا الأمين العام للحزب نائب الرئيس الرفيق علي سالم البيض على طريق إشعال حرب 1994م المدمرة والظالمة.
يمكن لي أن أشير إلى أن عناصر قيادية ناصرية كانت أكثر قربا بالإشتراكي وكأصدقاء شخصيين صادقين بالنسبة لي مهمومين بهم الحفاظ على الوحدة وسلامة البلاد وأهلها (مخلصين له الدين ) منهم الشيخ مجاهد القهالي ، اللواء علي عبدربه القاضي صاحب مشروع الـ 16 نقطة قدمها بـ 18 نقطة التي أصبحت أساس وثيقة العهد والإتفاق المغدورة ، الفريق عبدالله عبدالعالم ، اللواء نصار حسين ، اللواء حاتم ابو حاتم والأستاذ علي سيف حسن وآخرين ،ستشملهم حلقات من تجارب الحياة التي تعتبر جزءا من مذكراتي قريباً إن شاء الله.
لن أقول أعود إلى مذكرات الضالعي فنحن نخوض في صميها ، فقد قدم عصير خبرات شخصية وجماعية ستكتمل من خلال دعوة المناضلين والمشاركين والمعاصرين للأحداث بتدوين شهاداتهم على إعتبارها رافداً لعملية تراكم الخبرات التي تعد واحدة من أهم تقدم الشعوب.
أذكر أنه تعرض للنفي في الداخل بعد السجن الذي تخلص منه بتجربة تستحق التدوين والدراسة ،إذ نُفي من تعز إلى ميدي في حجة بوظيفتين مخالفة للقانون دون عمل وهي أقرب إلى تجربة النفي الجماعي الداخلي الذي تعرض له الجنوبيين وأعضاء وكوادر الحزب الإشتراكي ( الجبهة الوطنية الديمقراطية) في الشمال من خلال الحرمان من المستحقات المادية والمعنوية والتقاعد غير القانوني والطرد القسري من الوظائف المدنية والعسكرية وإبقاء راتب البعض بوظيفه إسمية ما أظهر (حزب خليك في البيت ) الذي لم يطل صبره على تقاسم المهام المنزلية حتى أشعل الحراك الجنوبي والأخير هو أكثر شبها بحالة النفي إلى ميدي التي أبقت نار الإتقاد في نفسية المنفي تعلوا وتزداد كلما طالت مرحلة النفي الداخلي وما أصعبها.
قدم خبراته في الـمـشـارعـة وهو يشارع ويصارع من ؟ أكثر الهيئات والمؤسسات نفوذاً في البلاد أولا المؤسسة الإقتصادية العسكرية التي خاف منها القضاء ذاته وكان الآتي بعدها الأمانة العامة لرئاسة الجمهورية ،هنا تبرز أهمية الإرادة في المواجهة لإستخلاص الحقوق.
عاد من الفساد الذي عانى منه بدء بالطرد من الوظيفة كما كان صريحاً بعرض تقريباً كلما إستفادته منه خاصة وهو غير الساعي إليه ، فالصدف هي التي خدمته ،وفي هذا السبيل يعلق على القوانين ذات الأوجه المتعددة التي تفسر بحسب الوساطات.
يعتذر أنه أدخلنا في قضايا شخصية في قلب مذكراته ،أقول كقارئ ليست شخصية فهي رئيسيه في الصميم كونها تستعرض أسلوب حياة عامة في مرحلة/ مراحل من حياة شعب لم يكن صاحب المذكرات إلا أحد نماذجه الحيوية.
هذه هي الحلقة الأخيرة من القراءة العاجلة التي لها خصائصها من عنوانها التي لم يقف المناضل علي الضالعي عندها بروية للتفريق بين القراءة المتأنية و الدراسة أو التحليل ،مما جعلني أستنتج بل وكل قارئ سيستنتج لا من خلال الردود الحادة بل ومن خلال إستعرض المذكرات ولو سريعا التي تتعارض على الأقل جزئياً إن لم يكن كليا مع صناعة التسامح الملتقية مع صناعة الوعي المتصفة بهما مدينة عــدن بشهادة علي عبدالله سعيد الضالعي بإختياره الموفق عنوان مذكراته.
أدعو القراء إلى الإستفادة القصوى من سفر هذه المذكرات.
وفقنا الله وإياكم إلى ما فيه كل خير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
