آخر تحديث :الخميس-25 ديسمبر 2025-02:10ص

وداعاً .. عبدالغني، المبدع والزميل الإنسان

الأحد - 11 أغسطس 2024 - الساعة 02:48 م
أنور العنسي

بقلم: أنور العنسي
- ارشيف الكاتب




أنور العنسي

باستثناء اتصالٍ واحدٍ تلقيته منه وقد أصبح سفيراً لليمن في إندونيسيا، فقد تقطَّعت أسباب التواصل بيننا منذ تركت العمل في الإعلام الحكومي، ومغادرتي بعد ذلك للبلاد أيضاً منذ نحو ربع قرن.

الطريف أنه تحدث في إتصاله معي من رقمٍ إندونيسيٍ لم يكن مسجلاً لدي، وذلك بوصفه باحثاً أكاديمياً من السودان ، مستخدماً اللهجة السودانية التي كان، رحمة الله عليه، يجيدها بسبب اختلاطه المكثف بزملائه السودانيين خلال زمالته لهم أثناء دراستهم جميعاً في إحدى الجامعات السعودية.

خلال أقل من نصف دقيقة أدركت أن هذا صوته لكثرة دعاباته ومقالبه الظريفة لي ولغيري من أصدقائه بإستخدامه تلك اللهجة..صحت فرحاً "هذا أنت، عبدالغني" فانفجر بضحكةٍ مدوية، تبادلنا بعدها الأسئلة واستدعينا الذكريات الجميلة خلال عملنا في تليفزيون صنعاء في ثمانينيات القرن الماضي.

عرفت عبدالغني بعد تخرجه والتحاقه بنا نحن المحاربين القدامى (حسين عقبات، امة العليم السوسوة وأحمد الذهباني، رحمه الله، وهدى الضبة، وعلى صلاح ، وغيرنا) وذلك مع صهره ورفيق دربه المرحوم (يحيى علاو) وكلاهما شكّلا ثنائياً مبدعاً ومثيراً للدهشة والإعجاب.

أتذكر هنا أنهما واجها في البداية بعض العراقيل والتحفظات من قبل بعض زملائنا اليساريين وأدعياء (الوطنية) الآخرين بدعوى أنهما "خريجان من جامعة سعودية"!
بقدر جهدي وما استطعت حاولت مساندتهما والوقوف إلى جانبهما حتى أخذا فرصتهما وشقَّا طريقهما، يل وتقدَّما علينا بالكثير من أعمالهما المميزة.

رحل الحبيب (علاو) في ذروة عطائه ومجده المهني، تاركاً وراءه صديقه الوفي عبدالغني، الذي التحق به اليوم إلى بارئهما، لكن الشميري إستمر في ذات الدرب بذات الذكاء والحيوية والحماس، منجِزاً النجاح تلو النجاح.

ربما، لهذا السبب، كان عبدالغني محظوظاً أكثر من زملائنا السابقين أو اللاحقين الذين أمدهم بالعون والمساندة من خلال كل المواقع الوظيفية التي تولاها.

الرحيل المؤلم لعبدالغني، بعيداً عن أهله وصحبه وبلاده، أثار لديَّ الكثير من الشجون والأحزان على آخرين من زملائنا الذين عانوا خلال السنوات الأخيرة من الظلم والعسف والإهمال والإقصاء وشظف العيش ومكابدة المرض.

أعان الله من لا يزال منهم على قيد هذه الحياة الضنكى، يعاني من القهر والتسلط في الداخل، أو من الغربة والتشرد في الخارج، والرحمة لمن توفاه الله، مغبوناً ، وكان في عون عائلاتهم، ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله.