آخر تحديث :الأحد-06 يوليو 2025-12:22م

الرئيس العليمي.. وملكوت الدولة اليمنية

الإثنين - 12 أغسطس 2024 - الساعة 11:08 ص
مصطفى محمود

بقلم: مصطفى محمود
- ارشيف الكاتب


للمرحلة الانتقالية فضائلها ورذالها بوصفها الوحدة الضرورية التي يجري عبرها تذليل القديم الشائخ ومن ثم تهيئة الأرض لنبتات حية.
وحالة اليمن منذ الانقلاب الحوثي ولحد الآن هي إحدى الصيغ النموذجية لهذه المرحلة الانتقالية. لكنها صيغة تتسم أيضا بقدر هائل من الخراب المادي والمعنوي الذي مسّ كل مفاصل الدولة والمجتمع والجماعات والأفراد والقيم. من هنا غلبة الطابع المؤذي فيما يجري فيه، وبالتالي صعوبة رؤية ملامح البدائل الحية والجميلة والمستقبلية. وقد تكون الفكرة الوطنية، والدولة الوطنية، والأبعاد الاجتماعية للفكرة السياسية من بين أكثرها تعرضا للانتهاك. ولا غرابة في الأمر على خليفة الانحطاط الشامل الذي "أنجزته" المليشيا الحوثية على مدار عقد من الزمن. مع ما ترتب عليه من صعود مختلف أشكال ونماذج واليات البنية التقليدية، اي بنية ما قبل الدولة الحديثة. وهو أمر جلي في الموقف من فكرة الدولة والنظام السياسي. بحيث لا نرى فكرة، بل مواقف فقط. وهذه بدورها مجرد أهواء ومصالح جزئية وضيقة تعكس من حيث الجوهر طبيعة البنية التقليدية في الشعور والوعي.

وقد يكون الموقف للرئيس العليمي على استعادة الدولة اليمنية هي من بين أكثرها بروزا الآن. بحيث تحولت فكرة الشرعية إلى رقم وليس إلى مظهر من مظاهر التوافق الوطني و الفكرة الديمقراطية والنظام السياسي الجديد. وذلك لان حقيقة فكرة رئاسة العليمي منظومة وبدائل مرتبطة بالحفاظ على شرعيه الدولة وإرادة المجتمع واختياره للقوى السياسية وشخصياتها.
إن الحملات الإعلامية المكثفة والممنهجة لاغتيال الرئيس العليمي معنويا من قبل الاعداء والاصدقاء والشركاء.... الخ وكل المختلفين يجمعهم استهداف شخص الرئيس العليمي
وذلك لان كل ما كان زمن الانقلاب الحوثي هو جزء من منظومة الانقلاب ) يعكس الخلاف والصراع بين مشروعين ورؤيتين، بين الماضي والمستقبل، بين الفكرة والأهواء، بين النظام والفوضى، بين المصالح العائلية و المناطقية الجزئية والمصالح العامة، بين الغريزة والعقلانية. وفي هذا يكمن سر الصراع ومحدداته.

إن قضية الحملة الإعلامية المسعورة ضد الرئيس رشاد العلي التي يجري تحويلها إلى قضية شخصية هو مجرد غطاء مثقوب لتغطية حقيقة الصراع بين ما يمثله (كشعب وفكرة وشخص) وبين مليشيات وتشكيلات مسلحة ، اي صراع بين فكرة المنظومة والبدائل المستقبلية للدولة وبين غريزة الفوضى و البنية التقليدية (سلالة طائفة قوية عائلية حزبية وحثالة السياسة والارتزاق....ألخ ). وهو أمر جلي في هذا الكم الهائل ممن يقبل أن يكون رئيسا لليمن في احلك مرحلة تاريخية سودا وقفره
والسبب يكمن في إنهم لم يتوصلوا إلى إدراك الحقيقة القائلة، بان الرئيس رأس اليمن وليس زعيم مليشاوي طارئ انتجته الفوضى و بفعل تقاليد العائلة. والسلالة والقرية والصدفة! وهذه بدورها ليست إلا الصيغة غير الواعية لنمط الذهنية المليشياوية التي تعتقد
بان السيطرة با الملشنة اقوى من إرادة الشعب ومن أي شرعية ويمكن ان يحولوا العليمي من رئيس اليمن الى زعيم زعماء المليشيات المسلحة يدير عجلة المصالح فيما بينها . كما نعثر عليهم أيضا في ظاهرة تحول نفسية وذهنية العداء (للعليمي) إلى القوة الوحيدة الجامعة عند معارضيه.

لقد تحسست هذه القوى ومازالت تحس بغريزتها التقليدية بخطر الرئيس العليمي ومعه الشرفاء فيما يتعلق بتذليل نمط النفسية والذهنية التقليدية في الموقف من استعادة الدولة والنظام السياسي. فقد ارتبطت شخصية الرئيس العليمي بفكرة العمل من اجل بناء دولة شرعية محكومة بالدستور تذلل حالة الانحطاط.

لقد استطاع الحفاظ على مشروعية الدولة اليمنية وانتزاع اعتراف المجتمع الدولي بها، حيث كانت الدولة في حالة انهيار، والحوثيون يسحبون البساط من الحكومة الشرعية ، وخلال هجمات الحوثيين في البحر الأحمر استطاع الرئيس رشاد العليمي أن يعيد وصل كثير من الحبال التي انقطعت مع المجتمع الدولي الذي كان قد بدأ يتحدث عن مساع لإلغاء قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 في سياق الاعتراف بالأمر الواقع الذي فرضه الحوثيون في اليمن.

أيضا استطاع بالفكرة السياسية والقانونية، والعمل على تذليل حالة الفوضى والتشرذم الهائلة بسبب الانحطاط المريع للدولة والمجتمع. ومن ثم جمع ما يمكن جمعه بصورة تدريجية على كافة المستويات وبمختلف الأشكال عبر مشروع توحيدي سياسي اجتماعي وطني (من استعادة بناء مؤسسات الدولة من قضاء وتعليم ....ألخ )، اي كل ما يهدد نماذج سلطات الامر الواقع المتخلفة. وليس مصادفة أن تكون بداية هذا التحسس من جانب سلطات الامر الواقع التي اصطدمت بعصامية ووطنية ونجاحه فعجزة عن سباكة أي اتهامات فساد او تهم أخلاقية الى درجة انهم صوروا الفاصوليا والروتي تهمه للتشويه الرجل.

أما في الواقع فقد كانت وما تزال حقيقة أفعاله تصب ضمن سياق تأسيس الدولة اتحادية بحكم محلي كامل الصلاحيات . أما مسيرة العملية الحالية فتقوم في وضع فكرة المرجعيات الثلاث بوصفها الصيغة الواقعية لتذليل التجزئة وإعادة توحيد الدولة والنظام السياسي والجغرافي والمجتمع على أسس وطنية جديدة ومستقبلية.

وذلك لان المضمون الكامن في فكرة التوافق الوطني يقوم في تذليل شركة السرقة والابتزاز (المحاصصة والشراكة).ومن ثم تعبيد الطريق الفعلي صوب بناء النظام السياسي الديمقراطي الحقيقي.

إن حصيلة ما جرى ويجري بهذا الصدد تقوم في نفي التقاليد السياسية للملكية والجمهوريات العسكرية التي سقطت في الربيع اليمني و كذلك نفي الجمهور امامية سلالية المضادة لليمن ارض وانسان.. ونفي التسلط القاروي والحزبي والعائلي ونفي دكتاتورية الحثالة الاجتماعية والهامشية السياسية.

فإذا كانت نهاية الحمدي وسالمين غير سعيدة وما بعدها خراب وتخريب فان مسير ة الرئيس العليمي تحتوي على احتمال كبير لان تكون بداية الصيرورة الفعلية لملكوت الدولة الوطنية الحديثة ومشروعها المستقبلي في اليمن.