آخر تحديث :الخميس-25 ديسمبر 2025-02:10ص

للعقلاء فقط! تأملات في مآلات الحرب وفرص السلام

الأحد - 25 أغسطس 2024 - الساعة 02:43 م
أنور العنسي

بقلم: أنور العنسي
- ارشيف الكاتب



أنور العنسي
لا فائدة من أن تصمت المدافع إذا ظل هناك جمرٌ تحت الرماد، إذ لابد من سلام شجاع ولو بقدرٍ من التنازلات المؤلمة، حتى تستمر الحياة .. ما تبقى من حياتنا وحياة أبنائنا وأحفادنا من بعدنا.. ولكن كيف لذلك أن يحدث؟ أنَّا لنا أن يتحقق اليوم في واقعنا قول الشاعر :
اذا احتربت يوما وسالت دماؤها
تذكرت القربى فسالت دموعها
أن تقبلني بما أنا عليه، وأقبلك بما أنت عليه، وأن نلتقط نقاط الإتفاقً ونعمل على تطويرها، ونترك نقاط الخلاف لحوارٍ مرحليٍ فقد يكون في هذا فرصة للاعتراف المتبادل والتعايش بسلام وشراكة حتى في ظل الاختلاف ..
أن تقترب مني خطوة وأقترب منك مثلها، ونمد أيدينا لمصافحة أيدي بعضنا فربما أمكن الجلوس على طاولات الحوار ، وأن ندرك أنه حتى وإن كان شائكاً وطويلاً، فإن ألف يومٍ من الحوار أهون بكثيرٍ من ساعةٍ حربٍ واقتتال، فقد نصل ذات يومٍ إلى حلٍ ربما لا يكون مثالياً لكنه أقل سوءاً من أن لا نبلغ أي حل.
أغلب الحروب تندلع من أجل تغيير قواعد الصراع (الأبدي) بين البشر ، أملاً في إعادة تسوية الملعب تمهيداً لصراعٍ سياسيٍ أقل كلفة يؤدي إلى حوارٍ يقود إلى اتفاق ..
إذا طال أمد الحروب دون ذلك فإنها تفقد معناها ومنطقها وهدفها، وتنتفي بذلك مشروعية استمرارها، بل وتصبح عبثيةً ونوعاً من العدمية، فحتى لو توقفت فإنها حتماً سوف ستولِّد من رحمها حروباً أخرى.
علينا أن نقرَّ بأنه في كثير من الأحيان تنتهي الحروب بمنتصرٍ يضع شروطه على الطاولة إن كان عاقلاً وبمهزومٍ شجاع يدرك أن ترك التجارة الخاسرة تجارةٌ أيضاً.
على الجميع أن يعي أنه لا نهاية حقيقية للحرب يمكن أن تأتي من الخارج المتربص لتحقيق مصالحه فقط، أو من الأمم المتحدة التي لم تضع يوماً نهايةً لأي نزاع، مالم تجيئ هذه النهاية من الداخل .. أكرر أنه لا حلول تنزل حتى من السماء، ذاك أن الله لا يساعد إلاَّ من يساعد نفسه .. الحلول الجادة والواقعية هي التي يصنعها الإنسان بذاته مثلما صنع قرار الحرب أو اضطر إليها.