آخر تحديث :الإثنين-01 سبتمبر 2025-07:01م

ستارلينك.. سلاح الحكومة الجديد لكسر احتكار الحوثيين للاتصالات

الأربعاء - 18 سبتمبر 2024 - الساعة 01:51 م
فارس النجار

بقلم: فارس النجار
- ارشيف الكاتب


لطالما كانت الاتصالات شريانًا حيويًا لمليشيا الحوثي منذ استيلائهم على العاصمة صنعاء في 2014، حيث استغلوا هذا القطاع ليس فقط لتمويل عملياتهم العسكرية، ولكن أيضًا لتعزيز سيطرتهم على تدفق المعلومات والتجسس على الخصوم.

الآن، مع تفعيل الحكومة الشرعية لخدمة "ستارلينك"، يتوقع أن يشهد قطاع الاتصالات في اليمن تحولاً جذريًا، مما سيؤثر على الحوثيين من النواحي الاقتصادية والأمنية، ويفتح الباب أمام الحكومة لجني مكاسب جديدة تعزز من الاستقرار والنمو في البلاد، فمنذ انقلاب الحوثيين، حققت الجماعة أرباحًا طائلة من سيطرتها على قطاع الاتصالات، إذ جمعت ما يقارب 305 مليارات و316 مليون ريال يمني خلال خمس سنوات فقط تحت بند "الضرائب والزكاة"، وفقًا لتقارير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية. لكن مع تفعيل "ستارلينك"، من المتوقع أن تتغير هذه المعادلة بشكل كبير. فيما يلي، سنناقش تأثير هذا القرار على إيرادات الحوثيين، وكيف سيساهم في تحسين الوضع الاقتصادي والأمني للحكومة الشرعية.في هذا المقال، سنستعرض أهم المحاور المرتبطة بهذا القرار وتأثيره على الحوثيين والحكومة الشرعية
الإيرادات المالية للحوثيين من قطاع الاتصالات:
وفقًا لتقارير مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، جمعت مليشيا الحوثي حوالي 305 مليارات و316 مليون ريال يمني خلال خمس سنوات فقط من الضرائب المفروضة على قطاع الاتصالات، تحت بند "الضرائب والزكاة" بالإضافة إلى ذلك، تقدر تقارير اقتصادية أن إجمالي العائدات التي حققها الحوثيون من سيطرتهم على القطاع العام، بما في ذلك الاتصالات، بلغ حوالي 14 مليار دولار حتى نهاية عام 2021
في عام 2018 وحده، بلغت الإيرادات من قطاع الاتصالات نحو 280 مليون دولار، أي ما يعادل 162.4 مليار ريال يمني، وفقًا لصحيفة الشرق الأوسط. هذه الإيرادات شهدت زيادة ملحوظة نتيجة فرض الحوثيين ضرائب جديدة، بعضها معلن والآخر سري، مما أدى إلى تعزيز مكاسبهم المالية
التجسس والاستخدام العسكري لقطاع الاتصالات:
لم يقتصر استغلال الحوثيين لقطاع الاتصالات على جمع الإيرادات فقط، بل استخدموه كأداة قوية للتجسس والمراقبة. عبر سيطرتهم على شبكات الاتصالات مثل "يمن موبايل" و"سبأفون"، تمكن الحوثيون من مراقبة المكالمات والرسائل وجمع معلومات استخباراتية. إضافة إلى ذلك، استخدموا تقنيات مثل Deep Packet Inspection، التي سمحت لهم بمراقبة حركة البيانات على الإنترنت، مما أتاح لهم تعقب المعارضين واستهدافهم
هذا الاستخدام الواسع للتجسس أسهم في تعزيز قدرة الحوثيين على التحكم في المعارضة السياسية وتعزيز قبضتهم العسكرية. لكنه الآن يواجه تهديدًا كبيرًا مع تفعيل خدمة "ستارلينك" التي ستمنح الحكومة اليمنية والمستخدمين القدرة على تجاوز شبكات الحوثيين.
كيف سيتغير الوضع مع تفعيل "ستارلينك"؟
مع دخول "ستارلينك" إلى المناطق المحررة، ستشهد مليشيا الحوثي تراجعًا كبيرًا في عائداتها من قطاع الاتصالات. حيث سيتمكن المستخدمون من الاتصال بالإنترنت دون الحاجة إلى استخدام الشبكات التي تسيطر عليها المليشيا. هذا التغيير سيؤدي إلى:
تراجع الإيرادات المالية للحوثيين:
ستفقد الجماعة جزءًا كبيرًا من إيراداتها المالية المستمدة من الضرائب والرسوم على خدمات الإنترنت والاتصالات. ومع تحول المستخدمين إلى خدمات "ستارلينك"، سيتقلص دخلهم بشكل ملحوظ.
فقدان القدرة على التجسس:
باستخدام "ستارلينك"، سيفقد الحوثيون القدرة على التجسس على الاتصالات في المناطق المحررة. هذه الخطوة ستقلل من قدرتهم على مراقبة الخصوم واستهدافهم، وستساهم في تعزيز الخصوصية والأمن للمستخدمين
المكاسب الاقتصادية والأمنية للحكومة الشرعية:
من الناحية الاقتصادية، ستحقق الحكومة الشرعية مكاسب كبيرة من خلال استغلال خدمة "ستارلينك". مع إمكانية فرض الضرائب والرسوم على استخدام هذه الخدمة، يمكن للحكومة تعزيز إيراداتها وتوجيه هذه الأموال نحو تحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، سيعزز وجود إنترنت عالي الجودة من فرص الاستثمار في المناطق المحررة ويدعم الاقتصاد الرقمي، مما سيخلق فرص عمل جديدة ويحفز النمو الاقتصادي.
من الناحية الأمنية، ستتمكن الحكومة من بناء بنية تحتية اتصالية مستقلة عن الحوثيين، مما سيساعد في تحسين التنسيق مع الجهات الدولية وتطوير قدرات الأمن القومي. هذه الخطوة ستسهم في تحسين قدرة الحكومة على مواجهة التهديدات الإرهابية والأنشطة غير القانونية التي تعتمد على الشبكات الحوثية.
في الاخير تفعيل "ستارلينك" في اليمن يمثل نقطة تحول استراتيجية في قطاع الاتصالات، حيث سينهي احتكار الحوثيين لهذا القطاع الحيوي، ويمنح الحكومة الشرعية فرصة لتعزيز إيراداتها وتحسين الأمن الوطني. مع تراجع قدرة الحوثيين على التجسس وجمع الإيرادات، ستستفيد الحكومة من هذا التحول لتطوير الاقتصاد وتعزيز استقرار البلاد. هذا القرار لا يمثل فقط تحررًا من قبضة الحوثيين على الاتصالات، بل هو أيضًا بداية مرحلة جديدة من التنمية والتقدم في اليمن.