آخر تحديث :السبت-10 مايو 2025-01:15ص

قيمة الود

الجمعة - 15 نوفمبر 2024 - الساعة 08:09 ص
القاضي عبدالناصر سنيد

بقلم: القاضي عبدالناصر سنيد
- ارشيف الكاتب


ما قيمة الود؟ هل يقاس قيمة الود بالأموال ؟ كم من الأموال ينبغي علينا أن ندفع في سبيل الحصول على المودة. و هل قيمة الود تقاس بالمصالح؟ واي أنواع من المصالح الذي ينبغي علينا تقديمها كقرابين في سبيل الحصول على المحبة أو أن الود هو عباره عن نوع خاص من المشاعر ليس له وجود سوى في كتب الخيال العلمي ،

مثل هذه الأسئلة تستحق الوقوف عندها و التفكير قليلا في مقاصدها ، لأجل اكتساب المزيد من المعرفة ليس من خلال تبني ردود بكلمات هي اقرب إلى كتب الفلسفة منها إلى الحقيقة ، فالود هو من اجمل المشاعر أن لم يكن أفضلها على الاطلاق ، فهو يعتبر مزيج راقي من مشاعر عده تكون أقرب إلى الحب وأرقى من الاحترام ، هذه المشاعر لا تختص بأحد ما إنما هي نصيب يختص به البعض تجاه البعض الآخر بشيء من التفضيل ، فالقلوب لها نواميس احيانا لا نستطيع ان نفهمها ، فالبعض يمتلك قلب رحيم عامر بالمحبة بينما البعض الاخر لديه قلب متعدد الالوان مثل الحرباء يتكيف مع كل وجه ، بينما هناك نوع نادر من القلوب ملئ بكل انواع المشاعر لا يعرف إليه الكره سبيلا يعود الفضل في هذه المشاعر إلى إنسان يعيش في سلام مع النفس يتبنى مبدا ينبذ فيه الكره ، فهو محب وان كان اظهار مثل هذه المحبة يصنف في زماننا بنوع من أنواع السذاجة ، فالإنسان وفقا لنواميس حياتنا الحالية يجب أن يكون شديد الباس ومهندم ولا ضير أن حمل عقل فارغ ولا جناح عليه لو استخدم كلمات سوقيه تسوق له بأنه رجل عالي الشكيمة ومعصور القرون ، بينما الود على النقيض تماما من ذلك ، لذلك أصبح مجتمعنا عدائيا ، لقد فقدنا الود الذي كنا في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي نعيش في ظله ، لازلت اتذكر بحسره كل ذلك الود والمحبة التي انتشرت بين الناس اختفت بسبب انتشارها كل الجرائم والشجارات وان وجدت كانت تصنف ضمن الهامش المقبول ، وحتى العبارات التي تؤدي المشاعر لم نكن نسمع بها ، لقد كنا عباره عن مجتمع اقرب إلى المثالية انتشر الود بيننا كانتشار النار في الهشيم ، لم نكن نعرف مطلقا بأن هذا من اصل هندي أو ذاك من اصل صومالي ولم نكن نعرف بأن هذا سيد من سادات قريش وذاك قبيلي من القبائل القوية والمسيطرة ، لم نكن نؤمن وقتها مطلقا بثقافة الكراهية ولم نكن مدججين بكل انواع الاسلحه والقنابل حتى أخمص قدمينا ،كان الود فقط هو من يؤلف بين قلوبنا ، كنا نضحك بسعادة و بقهقهة عالية يتردد صداها في المقاهي و نحن نحتسي الشاي العدني اللذيذ ، كانت حياتنا بسيطة وكانت احلامنا متواضعة ولكننا كنا في غاية السعادة ، أما الآن فقد اصبحنا اقرب إلى الوحوش الضاربة لقد تخلينا بفعل الواقع وبشكل طوعي عن انسانيتنا واصبح الكره والبغضاء هو السلوك الذي نتباهى به ، واصبحنا نغرق في مجتمع مادي يوزن كل شيء بالأموال لا يكترث أن كانت مصدر هذه الأموال من رزق حلال أو أن هذه الاموال عبارة عن هبشة من غير قصد من مال حرام ، المهم أن يكون الجيب عامرا بالأموال فلاشي أكثر قيمة وبهاء من الاموال ، فقد أصبحت الأموال سيد وصنم هذا الزمان ، لأن الأموال اصبحت تعطي لبعض الوجوه بشاشة وتعطي لصاحبها هيبة لا يستحقها ، لذلك نستحق كل هذا الغلاء وكل هذا الابتلاء.