آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-08:24م

الوساطة والفساد.. عقبات أمام كفاءة المؤسسات اليمنية

السبت - 23 نوفمبر 2024 - الساعة 09:42 ص
شهاب سنان

بقلم: شهاب سنان
- ارشيف الكاتب


في ظل الظروف المعيشية القاسية التي يعاني منها الشعب اليمني، تعمقت المعاناة نتيجة غياب الدولة، وهي الأزمة التي بدأت مع سيطرة جماعة الحوثي على المؤسسات الحكومية. على الرغم من جهود الحكومة الشرعية للحفاظ على وجودها في بعض المناطق، إلا أن فساد المسؤولين داخل الشرعية أدى إلى تفاقم الوضع وساهم في انهيارها. زاد الأمر سوءًا مع ممارسات ميليشيات الحوثي التي منعت تصدير المشتقات النفطية، مما فاقم الأزمات الاقتصادية. ومع وجود مصادر دخل أخرى للشرعية، إلا أن الوساطة والفساد المستشري داخل الحكومة يظلان العائق الأكبر أمام استقرار المؤسسات وتحسين أدائها.


رغم اعتبار الحكومة الشرعية الممثل الوحيد للشعب اليمني، إلا أنها تواجه تحديات داخلية تعيق دورها، أبرزها الوساطة والفساد. هذه الظواهر لا تؤدي فقط إلى تهميش الكفاءات، بل تسهم في ضعف الأداء المؤسسي، مما يفاقم معاناة المواطنين.

بينما يتمتع المواطنون بحرية التعبير النسبي في مناطق سيطرة الشرعية، مقارنةً بمناطق سيطرة الميليشيات، يبقى المطلوب من الحكومة أن تلتزم بمعايير العدالة والنزاهة لتحقيق تطلعات الشعب واستعادة الثقة في مؤسسات الدولة. إنها مسؤولية وطنية وأخلاقية لا بد أن تُنفذ بشفافية وإخلاص.


أثر الوساطة على الموظفين والمؤسسات،والتي تعد أحد موروثات الأنظمة السابقة، تسببت في تهميش الكفاءات وزرع الصراعات داخل المؤسسات. الموظفون المثاليون الذين كرسوا حياتهم لخدمة المؤسسات غالبًا ما يتم تهميشهم، بينما يحصل الموظفون الذين يمتلكون وساطات على الأولوية في الحوافز والترقيات، بغض النظر عن كفاءتهم أو إنجازاتهم.

هذا التمييز أدى إلى إحباط الموظفين المجتهدين وزعزعة بيئة العمل داخل المؤسسات، مما أثر سلبًا على الأداء المؤسسي وأدى إلى ضعف تقديم الخدمات للمواطنين.


وغياب الأمانة والمسؤولية كارثة وهما أساس نجاح أي مؤسسة. عندما تُقدّم الوساطات على الكفاءة، تصبح المؤسسات غير قادرة على أداء واجباتها بفعالية. اختيار القيادات في المؤسسات الحكومية يشكل حجر الزاوية في نجاحها، إذ إنها مسؤولة عن خدمة جميع فئات المجتمع.

لكن الفساد في اختيار القيادات وتجاهل معايير الكفاءة يؤدي إلى تفاقم معاناة الشعب اليمني، الذي يتحمل تبعات الفشل الإداري وضعف الأداء الوظيفي.


الله عز وجل ينعم على الأمم العادلة، حتى وإن كانت كافرة، بينما تُحرم الأمم الظالمة من البركة. الأمانة ذُكرت في القرآن الكريم لعظمتها، والمسؤولية جزء لا يتجزأ منها. يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته".


وأوجه ثلاث رسائل رسالتي الاولى للمسؤولين: "اتقوا الله في هذا الشعب المغلوب على أمره. أعطوا الموظفين حقوقهم، ولا تظلموهم، لأن الظلم يُضعف المؤسسات ويؤدي إلى تفشي الفساد."

الشعب اليمني يعاني من غلاء المعيشة وضغوط الحروب، ولا يمكن أن تتحسن الأوضاع إلا إذا التزم المسؤولون بالأمانة والعدالة في إدارة المؤسسات.


ورسالتي الثانية للمجتمع: لا للصمت عن الفساد. القبول بالفساد يعني المشاركة فيه، ولا بد أن يتحمل الجميع دورهم في مواجهة هذه الظاهرة من خلال التوعية وتسليط الضوء على الممارسات الخاطئة في المؤسسات.


ورسالتي الثالثة إلى الموظف :لكل موظف مظلوم: لا تتنازل عن حقوقك مهما كلفك الأمر. إذا لم يُنصفك أحد في الدنيا، فالله العدل المطلق، ولن يضيع حقك عنده.


الوساطة والفساد في المؤسسات الحكومية يشكلان تحديًا كبيرًا أمام اليمنيين في الوقت الراهن. العدالة والشفافية هما السبيل الوحيد لبناء مؤسسات قوية تخدم المجتمع بأسره. لذا، يجب أن يتحمل الجميع، من مسؤولين ومواطنين، مسؤولياتهم لتحقيق مستقبل أفضل تسوده الأمانة والنزاهة.