آخر تحديث :الثلاثاء-06 مايو 2025-02:29ص

عن زوال حكم طاغية سورية

الثلاثاء - 10 ديسمبر 2024 - الساعة 09:38 م
جلال ناصر المارمي

بقلم: جلال ناصر المارمي
- ارشيف الكاتب


**إضاءة**

((عن زوال حكم طاغية سورية))


لا يختلف اثنان من أهل العدل و الإنصاف في أن الطاغية بشاراً الأسد ليس له من اسمه و لقبه نصيب.

فلا فيه بشر و لا منه بشارة بل شر و خشارة بصريح القول لا الإشارة.

و أما لقب الأسد فيصدق فيه قول الشاعر:

أسد عليّ و في الحروب نعامة…فتخاء تجفل من صفير الصافرِ

هلّا برزت إلى يهود في الوغى…بل كان قلبك في جناحي طائرِ

و فيه و في أمثاله من ذوي الألقاب الذين تسلطوا على الرقاب و كأنهم في مأمن من القصاص و العقاب أقول مقتبسا و هاتكا زورا كان بالحق ملتبسا:

مما يقززني من حكم طاغية… ألقاب تعظيم زورا و عن عمدِ

ألقاب تفخيم في غير موضعها…كالجحش يحكي نهيقا صولة الأسدِ


و ما يرجو مسلم من ربيب الباطنية و سليل القرامطة الذين غلظ كفرهم و اشتد شركهم حتى كانوا من اليهود و النصارى أضل و أكفر و من أعداء الإسلام الظاهرين أشد و أخطر و من سائر ملل الكفر على أهل الإسلام قديما و حديثا أخبث و أفجر.

و مع ما هم فيه من الكفر و النجاسة و الشرك و الرجاسة فقد جمعوا إلي ذلك دناءة و خساسة و رذالة كأنما هم للبشر كناسة.

فكان الأمر كما قيل:ضغثا على إبّالة،فمن لم يفرح بزوال دولتهم فلا أبَ له.

فالفرح بهزيمتهم و انكسارهم و ضعفهم و اندحارهم سنة ماضية النصوص بها قاضية و النفوس بها راضيةو يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.


و جرائمهم من نشر الكفر البواح و الشرك الصراح و الفجور الوقاح و حمل الناس على ذلك و إجبارهم عليه ترغيبا و ترهيبا و هتك أعراض النساء و الشيوخ و الأطفال و الرجال و إزهاق الأرواح و سفك الدماء و تعذيب المسلمين نساء و رجالا و صغارا و كبارا و غصب و نهب الأموال و كثير من القبائح و الأهوال أكثر من أن تحصر و أشهر من أن تذكر و كثير منها محفوظ مسطور مكتوب منشور معروف مشهور في هذه الفانية العاجلة فكيف بالباقية الآجلة و لكن الظالمين بآيات الله يجحدون.


فلا يبكي عليهم إلا من كان منهم أو من ملتهم فملة الكفر واحدة أو عبد باع دينه بدنياه و آثر العاجلة على الآجلة و مثله تعس بائس و خسيس يائس لا يضر إلا نفسه و كأنه حفر قبره و رمسه.


إلا أنه يجب التنبيه و التنويه بأن الفرح لا يعني التأييد بدون تقييد كما هو فعل المغفل البليد مع كل قادم جديد.

فلا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين.

فينبغي أن يقف المسلم العاقل اللبيب و المؤمن الفطن الأريب عند الفرح بزوال ملك و حكم الباطنية الكفار و تسلط القراطمة الفجار ثم يراقب بعد ذلك الأفعال قبل الأقوال و لا يغتر ببداية الحال حتى يرى الثمرة و المآل.


و كم قد هلل و ابتهل كثير من الناس بعد هلاك الطاغية الأب و استخلافه الطاغية الابن بحجة أنه من أبيه أعدل و منه بمراحل أفضل؟!

و لو فقهوا لعلموا أنه:

كيف يأتيك بخيرٍ…بيضة من بيض حيّة

أشبه الفرخ أباه...و العصا من العصيّة

فسبحان الله هل تلد الحيّة إلا الحيّة؟!


ثم لم يكتف بعض المغفلين دع عنك المغرضين ممن في عقله خفة و في حكمه هفة

و عنده عجلة و لهفة يريد أن يكون من المتصدرين فكان للشر و أهله من المصدرين!

فقام بمدح الابن و تنفيقه و تزيين أمره و تزويقه حتى بيضوا سواد كفره و جملوه بعجره و بجره فكان الأمر كما قيل بتصرف مني:

كان في الناس حمار…فاستراحوا من أذاه

خلف الملعون حجشا…فاق في النهق أباه


و إنا و إن كنا لنفرح بفضل الله عز و جل بزوال ملك الظالمين الطغاة و الجبابرة العتاة و نعلم أن إزالة الظلم من المهمات إلا أن الأهم بعد إزالة الظلم إقامة العدل و الميزان بعد زوال الظلم و الطغيان.

فكم من ظالم أزيل بظالم أشد منه أو مثله فكان الأمر كما قيل:

رب من ترجو به دفع الأذى…سوف يأتيك الأذى من قبله

و كما قيل أيضا:

المستجير بعمرو عند كربته…كالمستجير من الرمضاء بالنار


و معلوم أن بناء الحصن أصعب من هدمه و رعايته و صيانته أصعب من بنائه و قوام ذلك كله العدل فما فشى العدل في بلد إلا عمر و ما غاب عنه إلا دمر.


و أخشى ما أخشاه أن يصال صولة و يجال جولة ثم تقوم بعدها دولة يصدق فيها قول الشاعر:

تخذتكُمُ درعا و ترسا لتدفعوا…نبال العدا عني فكنتم نصالها

و قد كنت أرجو منكم خير ناصرٍ…على حين خذلان اليمين شمالها


و الله أسأل أن يولي على المسلمين خيارهم و ألا يولي عليهم شرارهم و أن يرفع عن هذه الأمة الكرب و الغمة و أن يهديها إلى العمل بالأسباب التي ينزل بعدها نصر رب الأرباب إنه على كل شيء قدير و بالإجابة جدير و آخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.


كتبه:أبو الحسن جلال بن ناصر المارمي.