آخر تحديث :الخميس-04 سبتمبر 2025-01:43ص

سوريا ..المشهد ذاته عربيا

الأربعاء - 11 ديسمبر 2024 - الساعة 08:07 م
انسام عبدالله

بقلم: انسام عبدالله
- ارشيف الكاتب


سقطت دمشق بيد "معارضة النظام السوري " ، بشكل دراماتيكي غير مُفاجِئ كعادة الأنظمة "السابقة" منذ صدام العراق ! .


لقد أُلحقت الأنظمة العسكرية الجاثمة على صدور الشعوب العربية إلحاقا ..فما أشبه الليلة بالبارحة ..حين امتطى هؤلاء صهوة جواد الثوار العرب في منتصف القرن الفائت ، ظلوا يحكموننا بالحديد والنار عقودا طويلة ، مصدرين صورة ذهنية انطبعت لدى أجيال ممتدة منا ..كانت تلوح بأن لا نجاة إلّا بوجودهم ، وأنهم الوطن بذاته ..


بالمقابل لم تستطع النخب العربية تكوين جبهات معارضة سياسية حقيقية ..فقد استولى هؤلاء على ملكية التصرف بشؤون البلدان العربية بيعا وشراءا ، بحق انتفاع مشروع من قبلهم لكل شيء ..


إن أحداث سوريا الأخيرة أعادت لأذهاننا نفس مشاهد سقوط بغداد و صدامها ..وانهيار طرابلس حين القبض على القذافي ، ومثله باقي العسكريين ..وإن نجت مصر كونها درة التاج العروبي القومي "العسكري" ..ربما بما تملكه من خبرات "فرعونية" متراكمة ومتجذرة فيها حضاريا منذ ما قبل سبعة آلاف سنة ..حيث يعمل نظام الدولة العميقة المسيطر هناك ككتلة واحدة وطنية بحذر من كل أعداء مصر ..


المعادلة البسيطة تتكرر في كل مرة يسقط فيها أي نظام عسكري عربي ..


اختفاء الجيش الوطني+ ظهور مليشيات المعارضات المسلحة = سقوط الدولة



وسوريا سقطت بيد إسرائيل بعد عشر سنين من المناورات مع نظام الأسد و ملحقاته من المليشيات الشيعية ..سقطت وسقط معها عتاد الجيش السوري النظامي العسكري دفعة واحدة ..فقد صبت المقاتلات الحربية الإسرائيلية حمم نيرانها على القواعد العسكرية السورية برا وبحرا ..وأتت على سلاح الجو السوري من أساسه ،حتى لم يعد له وجود ..وأصبحت سوريا جاهزة أخيرا للدخول في أتون المجهول كدولة نظامية "ممانعة" ولو صوريا .


فبينما تُجْهز إسرائيل "ومن خلفها الدول المناوئة للوجود العربي" على سوريا ..بكل التزام تام بخطة تصفية شاملة ..لازالت الشاشات والمواقع العربية تروج لآلام المعتقلين السوريين " الأبرياء" في سجون الدولة البائدة ..متأثرين بكون "المُعذّبين" لم يكونوا ممن شاركوا في أحداث 2011 وما بعدها ..


إننا كشعوب نُحارب الفوضى الخلّاقة بالغوغائية "الهدّامة" ! ولولا مخزوننا الحضاري المدني والديني - بعد الله ـ لانقرضنا من فرط " العته " ..


إنّ سوريا كدولة محورية في المشرق العربي لم تكن لتسقط هكذا وببساطة لو لم تكن هناك تداعيات مرسومة بِدءا من سيطرة آل الأسد وطائفتهم على كل تفاصيل الحياة هناك ،رغم ما صاحب الأربعين سنة " الأسدية " من حروب دفاعية عربية ،ورفاه اقتصادي وإن ذهبت لهذا بدون الجولان !

بالإضافة إلى تآكل لُحمتها الوطنية على مدار العقد المنصرم ..


في وسط قلق باقي الشعوب العربية على مستقبل سوريا وشعبها "المُحب للسلام والإنتاج " ..نستمر نحن في اليمن بتربعنا على عرش الصدارة بإنجازنا للخطط المعدة لنا سلفا ..فنحن نسبق العرب دائما بخطوة..ربما لأننا " الأصل " كما يُقال ..


فالربيع العربي لم يبدأ عندنا في 2011 بل في 2007 ، وسقوط الدولة المركزية كان قبل ذلك بعشرين سنة ! وإن كانت تتأرجح على رجل واحدة مكسورة ، كانت قد قُصّت وأصبحنا نزحف بعد 2015 ، بفعل وضع اقتصادي صعب طال الشعبين هنا وهناك ..وإن أحكمت قياداتنا وقياداتهم العسكرية الوضع أمنيا بصورة تُحسب لهم ..فلم نغرق في الدم بحمد الله ..ربما لِلين قلوبنا ، فالموت جوعا أرحم !


نعلم جميعا كموحدين مؤمنين بالله ..وموعودين بالنصر في نهاية المطاف ..أن كل شيء يسير وفق إرادة الله سبحانه وتعالى للوصول إلى مُراده بنصر الصالحين ..ونعلم أن فلسطين منصورة ببعض خيارنا عقب كل هذه الإرهاصات المُرهقة لتجربتنا الإنسانية تاريخيا ..إلّا أن فاتورة النصر كانت باهضة جدا ..بمئات الآلاف جثث المدنيين الذين كان يُحارب الأنبياء خارج المدن لأجل ألّا يصلهم أذى في ديارهم ..


نتمنى لسوريا ما نتمناه لبلادنا ..النجاة والإستقرار ، فالمجهولُ شرٌّ وإن بدا ساحرا في البداية ..