صحيح أن البكاء حول ضريح الدولة الميتة قد لا يحقق شيء لكنه يُبقي فينا روح الانتماء للأرض وللماضي العريق ولعلها تحدث معجزة وتقوم السيادة المدفونة في التراب وينهض النظام والقانون من اللحد وتُبعث الدولة من قبرها من جديد فلا شيء مستحيل، اتذكر هنا مثل شعبي يقول، لا تأمن الدولة ولو كانت رماد.
الوضع اليوم هو بسبب تجربة التغيير السياسي التي أعقبت أحداث عام 2011 فيجب المحافظة على الشكل السياسي الفاشل الذي يحكم البلاد اليوم لأن أي تغيير جديد دون وعي قد يتسبب في أن نخسر ضريح الدولة الذي نبكي حوله اليوم.
صحيح أن الوضع كارثي لكن عند النظر للبدائل تجد أن لا أحد جاهز ليقود دولة مدنية بعقلية مدنية تتبنى المدنية و الحداثة كل من في الساحة لا يحملون وعي مدني للسلطة بل يسعون للسلطة لأجل التكسب ولأجل الاستحواذ عليها بقوة السلاح أو بقوة الجماهير الغير واعية بحقوقها فهذه الجماهير سبق وأن أسقطت أنظمة حاكمة لكنها لم تستطع أن تؤسس نظام مدني يؤمن بتداول السلطة والشراكة السياسية والتوزيع العادل للثروة وتحقيق العدالة والمساواة ودائماً ما تعود الجماهير للمربع الأول وهذا مكلف جداً فهي تضحي بالدماء والجهد ثم لا تحقق شيء فالأولى أن تبقى الجماهير في مربعها الحالي وتحاول أن ترفع من وعيها وتنخرط في تكتلات حزبية و نقابية وجمعيات مدنية تنظم نفسها وتعمل على تحديد مطالبها وتضع آليات سلمية لتحقيقها.
يجب أن تعي الجماهير أولاً أنها هي من تملك السلطة وأن السلطة هي أداة بيد الشعب قبل الذهاب إلى أي تغيير.