آخر تحديث :الجمعة-26 ديسمبر 2025-12:33ص

جـامعة عـدن .. فـنار ضوء مُـهـدد بلإنـطفـاء

الأحد - 16 فبراير 2025 - الساعة 09:59 ص
علوي شملان

بقلم: علوي شملان
- ارشيف الكاتب


اثـارة درجـة الماجستير التي منحتها جامعة عـدن قـبل أيام لطالب بموجب بحث مطابق لبحث طالب اخـر، اثارة ضجة كبرى واعتبرها بعض المختصـين الاكاديـمـين والنشطاء فضيحة اكــاديمية وعلمية مـدوية ، ومسلكاً فاســـداً وخطـيراً ، وليس فقط انتهاكًا لأخلاقيات البحث العلمي، ولكن ماحدث أيضًا يعكس انهيارًا أخلاقيًا وإداريًا داخل بعض دوائر العمل الأكاديمي في البلاد ...

في اصــداء هـــذه الفضيـحة المثيرة وتـبعاتها ، هـناك كـلام يتم تداوله ــ لاادلة قاطعة تؤكـده ــ عـن تورط الجامعة في منح درجات ماجستير ودكتورا وفقا لطبيعة الجهات التي ينتمي اليها الباحثين والطلاب، وليس وفقا لطبيعة البحوث والرسائل العلمية التي يقدمونها، والتي تاتي في اطار المنافسة بين الكيانات التي افـرزتها الازمات والحروب ....

والى سنـوات قـريبة كانت جامعة عـدن تُـعــدُّ من أبرز المؤسسات الأكاديمية في اليمن، حيث لعبت دورًا رئيسيًا في نشر المعرفة وتطوير المهارات العلمية منذ تأسيسها. وبفضل كلياتها المتنوعة وبرامجها المتميزة التي ساهمت في تخريج كوادر مؤهلة أسهمت في إدارة مختلف مجالات التنمية في البلاد.. وكـانت مـؤهــلة للعمل كمؤسسة مسؤولة عن تقديم الدراسات والاستشارات الفنية والمتخصصة لمختلف أجهزة الدولة ومؤسساتها العامة والمختلطة الصحيحة التكوين المعرفي والعلمي القويم. وكـذا رفع مستوى ونوعية الإعداد والتأهيل...

يُـعـد تأسيس كلية التربية العليا في عام 1970م وكلية ناصر للعلوم الزراعية في عام 1972م الخطوة الأولى لانطلاق جامعة عـدن ،حيث كانت هاتان الكليتان تخضعان ادارياً لوزارة التربية والتعليم ، وقد ارتبطت أهداف تأسيسهما بالحاجة الملحة لسد جزء من متطلبات الإدارة والتحديث والتنمية يومها ، والمتمثلة بإعداد المتخصصين لعدد من مرافق الدولة.. وفي عام 1973 تأسست كلية الاقتصاد وكانت كل كلية تشكل وحدة إدارية بذاتها .. وفي سبتمبر 1975م صدر القانون رقم 22 لعام 1975م والخاص بإنشاء جامعة عدن كمؤسسة علمية ذات شخصية اعتبارية ..

ورغم تحـديات كثيرة منها تقلبات الأوضاع السياسية في البلاد وشحشتة الموارد والاعتمادات المالية ، إلا ان جامعة عـدن ولاكثر من أربعين عـاماً كانت تواصـل العمل على تطوير برامجها التعليمية وتعزيز البنية التحتية لتحافظ على مكانتها كمؤسسة أكاديمية رائدة...

مايُـحسب للعهود والأنظمة المتعاقبة على حكم البلاد منذُ تاسـيس الجامعة وحتى ماقـبل الانهيار الوطني الكبير وسقوط الدولة 2015 م انها لم تكن تتـدخـل بشكل سـافـر اوفـج وضـاغـط في جـوهـر وصلب العمـل العلمي والاكاديمي للجامعة ، ولابأس مـن بعض التدخلات الإدارية ...

فـعـلى الررغـم مـن الزوابع الثورية وعُـتـُو رياح الايدلوجيا اليسارية التي هبت على الجنوب في سبعـينات وثمانينات القرن الماضي قـبل قبل قيام دولة الوحدة 1990م ، إلا ان السلطات لم تتدخـل لتـكيـيف العملية التعليمية والأكاديمية للاهــواء الثورية والايدلوجية التي حكمت البلاد بـل تركت الشأن التعليمي والاكاديمي لمختصين مهنيين دون أي تدخـل او فرض أي توجهات ، وهـــذا مامكن الجامعة من ان تـغـدو مركز إشـعاع علمي وثقافي ومعرفي محترم .. وبعد العام 1990م واصلت الجامعـة نمو وتطويروتمتين هياكلها الإدارية ومساراتها الاكاديمية ، دون تدخــل يُذكر خصوصاً في العملية التعليمية ...

ومــع حـلول الكارثة الكبرى والانهيار الوطني المخيف الذي ابتدأ قبـل عـشر سنوات ويتواصـل حتى هــذه اللحـظة ، يـبدو ان جـامعـة عــدن كغـيرهـا مـن معـالم التحضر والتمدن في البلاد لن تستطيع الصمود في مواجهة الانواء المتلاطمة مـن كل الاتجاهات ..

فبلإضـافة الى تـدخـلات الكـيانات ومـراكز القوى الجديدة السلطوية في الرسائل والاطاريح العلمية ونـيل الدرجات بحسب الامزجة والاهـواء ، والتي لاتعي خطـورة تدخـلاتها في العمل الاكاديمي ، هـناك تحديات أخـرى مـثل نقص الموارد المالية ، والتدني المخيف لرواتب المعلمين والأساتذة وأعضاء هيئة التدريس ، وغـياب الدولة الحقيـقية ، والنتائج الخـرافية اللا منطقية في نتائج الثانوية العامة التي تصل 99% ولا تتوائم مع تدني المستوى الحقيقي لطلاب التعليم العام .. كــــل هــــذه الانواء والتحـديات مُجتمعة اوصـلت الى تدني شديد في معايير الجودة التعليمية ، وغـياب الرصـد والـتـقـيـيم ، وتـسطيح مناقشات الرسائل العلمية وبحوث التخرج وخضوعها للصفـقات والامزجة .. وهــــذه النتائج المخيفة التي وصل اليها جامعة عـدن وجميع الجامعات اليمنية ،هي التي اخـرجت اليمن إلى جانب خمس دول عربية أخرى من مـؤشـر التقييم العالمي لجودة التعليم ، و سوف يضع قيوداوصعوبات على سياسات القبول للطلبة المبتعثين مستقبلا، وتهميش الشراكات الدولية مع المؤسسات التعليمية في اليمن ولن يتم الاعتراف بها أو تجديد البروتوكولات، الأمر الذي سيضع قيودا على استكمال الطلاب دراستهم في الخارج.