بقلم: صالح علي الدويل باراس
في الفضاء الإلكتروني، قد يكون لديك خطاب شعبوي تحريضي، لكن من الصعب أن يكون لديك شعبية. فالانتقالي ليس مجرد مغرّد في منصة X، ولا حائط على فيسبوك، ولا موقع إخباري إلكتروني يكتب فيه الصادق والكاذب، ولا منبر تلفيقي شعبوي يكيّف الأخبار حسب أجنداته. فمثل هذه الأدوات تنجح في صراعات الأحزاب السياسية، لكنها تقل جدواها في الصراعات الوطنية. ومع ذلك، فإن النشاط المحموم في ذلك الفضاء، وتوزيعه بين مجادلين ومرجفين، ليس صدفة، ولا يعبر عن معاناة الناس - فهم يعلمون من سبب المعاناة - بل يأتي في سياق حرب شرسة لضرب المعنويات الجنوبية، لإعادة الجنوب إلى مربع الفوضى والشكوك، بهدف إعادة إنتاج شركاء 94.
رغم الرفض لسياسات الانتقالي في سياق الشراكة، فإن أشد معارضيه لا يريدون إسقاطه، بل إصلاح أخطائه. أما الحملات الأخرى، بإرجافها ومجادلتها، فلم تغيّر المزاج العام الجنوبي، ولم تدفعه لاختيار مشاريع معادية لمشروعه. وهذا هو الفرق بين شعبوية أعدائه وشعبيته، التي تنبثق من كونه مشروعًا وطنيًا جنوبيًا واسعًا، بقدر سعة قضيته وتجذّرها. مشروع حاولوا تحطيمه أمنيًا وعسكريًا وإعلاميًا وفشلوا، والآن يديرون حرب الخدمات، ويجندون لها كل وسائلهم المتعددة... وسيفشلون.
في صراع الأجندات والتدافع الشرس، والحرب التي تستهدف المواطن العادي من خلال خلخلة المجتمع في الجنوب المحرر عبر حرب الخدمات وانهيار العملة، فإن أولى أولوياتها وأهدافها تيئيس الجنوبيين من مشروعهم، من خلال شيطنة حامله واتهامه بأنه سبب كل معاناتهم. وبالمقابل، يعلم الجنوبيون أن هناك أهدافًا وحقوقًا جنوبية، إن لم يتشبثوا بها الآن، مهما كانت الظروف، ويدافعوا عنها وينتزعوها، فلن ينتزعوها أبدًا، لأن الحرب تستهدفها بشكل مباشر. وفي هذا السياق، فإن الولاء لقضية الجنوب مسألة مبدأ، خُضبت حواشيه بدماء الشهداء، وليست معروضة في سوق لايكات منصة X كما يتوهم البعض.
والانتقالي، كحامل للقضية الجنوبية، نقرّ بأنه لديه أخطاء توجب التصحيح اليوم قبل الغد، لكننا مع مشروعه قلبًا وقالبًا، ولن نتخلى عنه.
19 فبراير 2025م