تساءلت ما هو الصبر؟ بعد أن وجدت الكثير من الناس يتغنون بالصبر بل إن البعض تمادى واصبح يروي القصص عن الصبر ، فتساءلت وبشكل عفوي ما هو مذاق الصبر ؟ وهل يمتلك الصبر لائحة منيو خاصة تعبر عن مذاقات الصبر المختلفة ؟ وكيف لنا أن نصف الصبر في كلمات معدودات ؟.
الصبر لغة هو حبس النفس على فعل شيء أو تركه ابتغاء وجه الله ، فهذا التعريف اللغوي وان كان نوعا ما متواضعا فهو يعطينا إشارات بأن الصبر أنواع شتى وان مذاق الصبر يختلف من شخص إلى آخر قياسا على قوة الإيمان بالله ، اول أنواع الصبر هو الصبر على الإيمان و العمل الصالح لقوله تعالى﴿وَقالَ الَّذينَ أوتُوا العِلمَ وَيلَكُم ثَوابُ اللَّهِ خَيرٌ لِمَن آمَنَ وَعَمِلَ صالِحًا وَلا يُلَقّاها إِلَّا الصّابِرونَ﴾ [القصص: ٨٠] ويمتاز هذا الصبر بالثبات على الإيمان بالله والاجتهاد بالأعمال الصالحة حتى وإن كنت تعيش في وسط بيئة فاسده ومفسده ، فالإيمان هو النور الذي يسكن في القلب يشد اركان الجسد كله بالأعمال الصالحة لذلك اختص الله تبارك وتعالى هذا الصبر بعباده المؤمنين ،
هناك نوع من الصبر يسمى بصبر على المكائد لقوله تعالى ﴿إِن تَمسَسكُم حَسَنَةٌ تَسُؤهُم وَإِن تُصِبكُم سَيِّئَةٌ يَفرَحوا بِها وَإِن تَصبِروا وَتَتَّقوا لا يَضُرُّكُم كَيدُهُم شَيئًا إِنَّ اللَّهَ بِما يَعمَلونَ مُحيطٌ﴾ [آل عمران: ١٢٠] و ينبه الله تبارك وتعالى إلى فئات من المنافقين والمشركين والذين يرون بأن الحسنات التي يكسبها المسلم سواء بأداء العبادات مثل الصلاة والصوم وذكر الله والتسبيح وتمتع المسلم بالأخلاق الحميدة تصيب المشركين والمنافقين بالضيق الشديد لأن كل مسلم هو داعيه الى الله تبارك وتعالى ليس من خلال إلقاء الخطب والمواعظ ولكن من خلال رؤية الاسلام في شخصه وفي اجتهاده بالعبادات وحسن الأخلاق والتعامل بحسن النية مع عامة الناس وقد شهد التاريخ حدثا فريدا بأن سبعه من تجار حضرموت كانت دماثة أخلاقهم و سماحة وحسن معاملاتهم سبب في إعتناق دولة إندونيسيا الاسلام ، لذلك عندما يصيب المسلم تقصير أو يقع في الإثم نرى فرحه عارمه من أهل الكفر والنفاق الذين ينشطون بشكل أو بآخر لتشويه صورة المسلمين وكان هذا الإثم يمثل الاسلام وقد قال تبارك وتعالى تأكيدا لذلك ﴿لَتُبلَوُنَّ في أَموالِكُم وَأَنفُسِكُم وَلَتَسمَعُنَّ مِنَ الَّذينَ أوتُوا الكِتابَ مِن قَبلِكُم وَمِنَ الَّذينَ أَشرَكوا أَذًى كَثيرًا وَإِن تَصبِروا وَتَتَّقوا فَإِنَّ ذلِكَ مِن عَزمِ الأُمورِ﴾ [آل عمران: ١٨٦].
هناك نوع من الصبر يسمى. الصبر على العبادات ، الصبر على العبادات هو الصبر على أداء الصلاة في وقتها والصبر على مشقة الصيام والصبر على مشقة الحج والعمرة والصبر على سوء اخلاق الناس لقوله تعالى ﴿وَاستَعينوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبيرَةٌ إِلّا عَلَى الخاشِعينَ﴾ [البقرة: ٤٥] وقوله تعالى﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا استَعينوا بِالصَّبرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصّابِرينَ﴾ [البقرة: ١٥٣] ان الله تبارك وتعالى في هذه الآيات قد ربط الصبر والصلاة برباط وثيق لا ينفصم فكل الأعمال الصالحات خصوصا تلك التي ترتبط بالعبادات تحتاج إلى اراده وعزيمه وصبر لذلك قال الله تبارك وتعالى رب السَّماواتِ وَالأَرضِ وَما بَينَهُما فَاعبُدهُ وَاصطَبِر لِعِبادَتِهِ هَل تَعلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥]
هناك صبر يعرف بصبر على المرض و الصبر على المرض عبارة عن ابتلاء شديد يصيب الجسد وتختلف الإصابة من شخص الى آخر قياسا على الإيمان وقصة نبي الله ايوب عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام و الصبر الذي كان عليه من أعظم القصص الذي رويت في الصبر وقد قال تبارك و تعالى في صبر ايوب ﴿وَخُذ بِيَدِكَ ضِغثًا فَاضرِب بِهِ وَلا تَحنَث إِنّا وَجَدناهُ صابِرًا نِعمَ العَبدُ إِنَّهُ أَوّابٌ﴾ [ص: ٤٤].
أن الصبر له مذاق خاص وان كان فيه الوان من المشقة ومن اجمل الوان الصبر على هجر المعاصي لذلك شرف الله تبارك وتعالى واختص بهذا الصبر عباده المؤمنين ، فالصبر حتما يقود المؤمن ليرتقي من عالم الايمان إلى عالم الاحسان وكفى بالله حسيبا.