غزةُ، يا مدينةَ الجمالِ والجهادِ، يا ساحلَ الأملِ المُحاصَر، يا رمزًا للصمودِ، والتّضحيةِ، والفداء! تُطلّينَ علينا من بينِ أنقاضِكِ، كأنّكِ وجهٌ بهيٌّ جار عليه الزمان، فظهرتْ عليه آثارٌ من تحطيمٍ ودمار، لكنّه لا يزال يُشعُّ بجمالٍ داخليٍّ لا يُمكنُ إخفاؤه، جمالٌ يتجلى في روحِ شعبِكِ المُقاوم، وفي إصرارِكِ على الحياةِ رغمَ كلّ ما حلّ بكِ من دمار. في شوارعِكِ، تَتَهادى الذّكرياتُ، وتَتَجَلّى ملامحُ الزّمنِ الجميل، رغمَ كلّ ما حلّ بكِ من دمار، تلك الشوارع التي شهدتْ أفراحًا وأحزانًا، انتصاراتٍ وتضحيات، ولكنّها لم تشهدْ استسلامًا. أكبرُ شوارعِكِ، شارعُ صلاحُ الدّين، يُحكي قصّةَ صمودِكِ، ويُجسّدُ روحَ مُقاومتِكِ، ويُرمزُ إلى البطلِ صلاح الدين الأيوبي، رمزِ النّصرِ على الظّلمِ والطّغيان.
يا غزةُ، أنتِ ليستِ مجردَ مدينة، بل أنتِ حضارةٌ شامخة، وثقافةٌ غنية، وتاريخٌ عريقٌ حافلٌ بالبطولاتِ والتّضحيات. أنتِ مهدُ العلماءِ والمفكّرين، ومُنشأُ المُجاهدينَ والمُخلصينَ، من أبناءِ الشعبِ الفلسطينيّ الأبيّ، الذي تحدّى الصّعاب، وتغلّب على الظّروف، وكتبَ ملحمةً من الصّمودِ والتّحدّي. من أرضِكِ، انطلقتْ أفكارٌ أضاءتْ العالمَ، وخرجتْ شخصياتٌ سطّرتْ أروعَ ملاحمِ البطولةِ والتّضحيةِ والفداء، وقدموا أرواحهم فداءً لقضيتهم العادلة. أنتِ رمزٌ للثّباتِ، وللإيمانِ، وللأملِ في عالمٍ متغير، لتكون الغلبة والنصر لكم بإذن الله، وبإرادةِ شعبِكِ المُقاوم.
ولكن، يا غزةُ، أنتِ اليومَ تُواجهينَ عدوانًا همجيًا، قصفًا مُمنهجًا من قبلِ العدوّ الصّهيونيّ، يُحاولُ طمسَ هويتِكِ، وتدميرَ عمرانِكِ، وإخمادَ روحِكِ النّابضةِ بالحياة، في حملةٍ ممنهجةٍ لتدميرِ البنيةِ التحتية، وإرهابِ السّكان، وإضعافِ المُقاومة. إنّهم يُدمّرونَ بيوتَكِ، ومُستشفياتِكِ، وجامعاتِكِ، ومُحلاتِكِ التّجارية، بكلّ بُنيةٍ تحتية، في محاولةٍ يائسةٍ لكسرِ إرادتِكِ، وإخضاعِ شعبِكِ، لكنّهم لن ينجحوا، لأن روح الصمود في قلوبكم أعمق من أي قصف.
لكنّهم واهمون، يا غزةُ! فأنتِ أقوى من قنابلهم، وأعمق من غاراتهم. فأرضُكِ المقدّسة، وهممُ أبنائِكِ الأبطال، وروحُكِ النّابضةُ بالحياة، ستُقاومُ هذا العدوانَ، وستُحافظُ على هويتِكِ، وستُبقى رمزًا للصمودِ، والتّضحيةِ، والفداء، ونبراسًا للأملِ في مستقبلٍ أفضل. فمزارعُكِ الخضراء، التي تُزيّنُ جوانبَكِ، تُجسّدُ روحَ الحياةِ التي لا تُمكنُ إخمادُها، وتُمثّلُ إصرارَ شعبِكِ على البقاءِ والإنتاج، رغمَ كلّ الصّعاب. وشوارعُكِ، التي تُحكي قصصًا من الصّمودِ، ستُبقى شاهدةً على بطولاتِ شعبِكِ، وتُخلّدُ في صفحاتِ التّاريخ.
يا غزةُ، كلّ حجرٍ يُدمّرُ فيكِ، يُمثّلُ انتهاكًا لحقوقِ الإنسان، وجريمةً ضدّ الإنسانية. ولكن، صمودُكِ، هو نصرٌ، وصمودُكِ، هو إرادةٌ لا تُقهر. وسنبقى ندافعُ عنكِ، ونُقاومُ من أجلكِ، حتى نُعيدَ إليكِ مجدَكِ، ونُحافظَ على هويتِكِ، ونُخلّدَ اسمَكِ في صفحاتِ التّاريخ، كرمزٍ خالدٍ للصمودِ، والتّضحيةِ، والفداء، ونبراسًا للأملِ الذي لا يموت. فأنتِ، يا غزةُ، أيقونةُ الصبرِ، ونبضُ الحياةِ، ورمزٌ خالِدٌ للحريةِ والكرامةِ، وسيبقى صوتُكِ يُردّدُ أنشودةَ الصمودِ، رغمَ كلّ جراحِكِ، ويُلهمُ العالمَ أجمع.