حضرموت اليافعية

نعم، حضرموت لديها خلفية تاريخية قوية ككيان مستقل، سواء في العصور القديمة أو الحديثة. وعودتها كدولة تستند الى عوامل صحيحة سياسية واقتصادية وثقافية، وتستند الى دعم إقليمي، تماشيا مع المصالح الأمنية والسياسية المشتركة، دعم إقليمي غير معلن في الوقت الحالي لأسباب تتعلق بخلق توازن نفسي لدى الأطراف المتصارعة داخل تحالف الشرعية، ومنع اتساع الفجوة و الانقسام بين تلك الأطراف، اللذان يخضعان ويقبلان مكرهين بشكل الاتحاد الفيدرالي وفقا للاستراتيجية التي ترعاها السعودية لتحقيق الاستقرار في اليمن.

كانت مملكة حضرموت واحدة من الممالك العربية الجنوبية القديمة، بحدودها الجغرافية والثقافية التي تمتد غربا الى ميفعة المنفصلة تماما عن الممالك المجاورة في اليمن سبأ وقتبان ومعين وحمير، وتعرضت أجزاء منها للاجتياح ومن قبل مملكة حمير في القرن الثالث الميلادي، أما في عهد الخلافة الإسلامية فقد احتفظت حضرموت بطابعها المستقل الى حد كبير .

وفي القرون الوسطى سيطرت بعض السلالات القادمة من ممالك اليمن ومنها ال يافع، على أجزاء من حضرموت، ثم استوطنت تلك الاقوام واصبحوا حضارم كحال الحضارم من أصول افريقية، لكن المقلق في الآونة الأخيرة ظهور اصوات " حضرموت اليافعية "، وهو تطاول على هوية وسيادة حضرموت، ويبدوا انه اسواء من تطاول تنظيم الجبهة القومية بقيادة عبدالفتاح إسماعيل وتلاميذه من المثلث. هناك تشابه في المشهد ينبغي ان يفطن له الجميع، عندما استوطن أصحاب تعز عدن اصبحوا عدنيين ولكن تم اتهامهم مؤخرا بسبب وحدويتهم ، فتم وضعهم أمام خيارين اما الصمت او الترحيل من قبل بعض المتشددين في المجلس الانتقالي، وهنا ينطبق نفس القول، فكل من أراد أن يكون حضرمي عليه ان يكون حضرمي .

الاطماع تتشابه، وكما تدين تدان، فما يقوله الجنوبيين بحق الشماليين سيقوله الحضارم بحق الجنوبيين، فحضرموت ليست فرع يجب ان يعود للأصل، ولا يمكن فرض وحدة حضرموت مع الجنوب بالقوة، ولو عدنا للتاريخ والتراث فيافع والضالع ترتبط باليمن وبالذات تعز واب والبيضاء ارتباطا وثيقا، ومنفصلة تماما عن حضرموت، من هنا عندما استلم تنظيم الجبهة القومية عدن كانت تدار من تعز وكان اكثر قياداتها ينتمون الى الحجرية، وجنودها ينتمون للمثلث، و اول الخطوات التي قام بها إنشاء مكتب لتنظيم الجبهة القومية في حضرموت، فاسقطوا حضرموت قرابة أربعين سنة لحكم الجبهة القومية اليمنية، ثم سلموا عهدتهم لصنعاء، الان بدأت الأصوات تنادي بضرورة اخضاع حضرموت، بنفس الأسلوب الذي مارسه الشمال مع الجنوب وفلسفة الأصل والفرع، وحكاية حكم يافع وحمير لأجزاء من حضرموت ، لإسقاط مشروع دولة حضرموت وضمها مجددا لورثة تنظيم الجبهة القومية وتلاميذ عبدالفتاح إسماعيل.

وما لا يعلمه الكثير ان من مصلحة السعودية إقامة دولة حضرموت، فالسعودية تمتلك حدودا طويلة مع حضرموت، مما يجعل استقرارها أولوية قصوى لها. وقد ترى في دولة حضرموت كيانًا صديقًا يحقق لها الاستقرار الأمني والاقتصادي، وكيان متجانس مع المنظومة الخليجية ويمكن قبوله ضمن دول مجلس التعاون الخليجي، لامتلاكه كل الخصائص التي تؤهله لذلك. فحضرموت غنية بالنفط والغاز، ما يجعلها قادرة على الاستقلال اقتصاديًا، كما أن السعودية قد تستفيد من علاقات اقتصادية قوية مع هذه الدولة الجديدة.