آخر تحديث :الثلاثاء-01 يوليو 2025-05:20م

محبوس على ذمة الضمان مخالفة للدستور تتسبب في اكتظاظ السجون.

الجمعة - 28 مارس 2025 - الساعة 04:10 م
عبدالرحمن الزبيب

بقلم: عبدالرحمن الزبيب
- ارشيف الكاتب



بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب

اعلامي مستقل ومستشار قانوني

[email protected]

كل متهم برئ حتى تثبت ادانته بحكم قضائي بات.

ما ورد أعلاه هو نص المــادة(47) من الدستور اليمني الذي يؤكد بوضوح أن البراءة هي الصفة القانونية لجميع الأشخاص وأنه لاتنتزع منه هذه الصفة إلا بعد صدور حكم نهائي وبات وما قبلها حتى إذا كان الشخص متهم بارتكاب جريمة فيجب ان يعامل معاملة البريء حتى صدور حكم نهائي وبات .

ووفقا لهذا النص الدستوري والقاعدة الدستورية يستوجب التوسع وتسهيل إجراءات الافراج عن المتهمين بضمان محل اقامتهم في حدها الأقصى لتحديد المحل الذي يقيم فيه المتهم لكي يتم إعلانه بإجراءات التحقيقات وجلسات المحاكمة ولكن ؟

في الواقع تكتظ السجون ومراكز الاحتجاز بمتهمين لم تصدر عليهم أحكام قضائية نهائية وباتة أي انه يتم حبس أبرياء وفقا لما نص عليه الدستور ولتشخيص المشكلة والسبب والحلول نوجز الموضوع في النقاط التالية :

أولاً : عدم الافراج عن متهمين بعد التحقيق معهم وبضمان محل اقامتهم ...


حيث يستمر حجز حرية المتهمين لسنوات طويلة بسبب تعقيد إجراءات الافراج عنهم والمتطلبات المطولة الذي تستوجب النيابة العامة على المتهمين الإيفاء بها للإفراج عنهم بحسب ما تراه النيابة وفقا للصلاحيات المخولة بها وفقا لقانون الإجراءات الجزائية الذي خول للنيابة العامة الافراج عن المتهمين بضمان او بدون ضمان .

وتسببت هذه الصلاحيات الواسعة في تراكم واكتظاظ السجون .


ولمعالجة هذه المشكلة وتخفيف اكتظاظ السجون نقترح :


تسهيل وتبسيط وتسريع إجراءات الافراج عن المتهمين فور استكمال التحقيق معهم وبعد اخذ التعهدات اللازمة منهم وضمان محل اقامتهم بإفادة من عاقل الحارة او قسم الشرطة الذي يقيم فيها المتهم لكي يتم إعلانه بإجراءات التحقيقات وجلسات المحاكمة وبعد صدور حكم نهائي وبات يتم عقبها حجزه وايداعه الحبس اذا كان الحكم ينص على عقوبة الحبس.


ثانيا : عدم الافراج عن المتهمين الا بضمان حضوري أو ضمان تجاري مسلم


وهذه مشكلة أخرى السبب فيها رفض النيابة العامة الافراج عن المتهمين بضمان محل اقامتهم واشتراطها ضمانات محددة للإفراج عنهم يعجز الكثير من المتهمين عن احضارها وتكتفي النيابة العام بتقرير الافراج عن المتهم بضمان حضوري او تجاري مسلم وتعقيد الضمانات لتعجيز المتهم عن توفيرها ليستمر في الحبس ولكن تحت مبرر عدم تقديمه ضمان للإفراج عنه ويتم توضيح ذلك في قرارات النيابة بأن المتهم محبوس على ذمة الضمان وتتباطأ إجراءات التحقيقات والمحاكمة على المتهمين المحبوسين على ذمة الضمان كونهم مسؤولين عن احضار الضمانات اللازمة للإفراج عنهم وعدم تقديم الضمانات اللازمة هي من تسببت في استمرار حجز حريتهم.


ولمعالجة ذلك نقترح :

تقييد صلاحيات النيابة في اشتراط ضمانات حضورية او تجارية محدده ووجوبيه تسهيل إجراءات الافراج عن المتهمين بضمان محل اقامتهم كونهم في نظر القانون أبرياء ومن أهم حقوق البريء عدم حجز حريته الا بعد صدور حكم نهائي وبات في مواجهته .


ثالثاً: ضمناء ليس لهم علاقة بالجريمة محبوسين ومعطله محلاتهم على ذمة الضمان


بسبب توسع النيابة العامة في اشتراط ضمانات محددة على المتهمين للإفراج عنهم وقد تكون ضمانات حضورية وقد تكون تجارية مسلمة لتقوم النيابة العامة فور الافراج عن المتهم بتباطؤ إجراءات التحقيق والاحالة للمحاكمة في ملف قضية المتهم والمحاكم أيضا تتباطأ في عقد جلسات المحاكمة بمبرر أن المتهم مفرج عنه بالضمان ولكن ؟

بعد سنوات يتفاجيء الضامن بحضور جندي من المحكمة يطالبه بإحضار المضمون عليه ويتم حجز حرية الضامن على ذمة الضمان وان تهرب وتخفى يتم اغلاق محله وقطع مصدر رزقة بسبب قضية لا ناقة له فيها ولا جمل سوى أنه ضامن عن متهم في نظر الدستور أنه بريء وتم الضمان عليه في مرحلة البراءة وقبل صدور الحكم عليه ولا تتوقف المشكلة في هذا النطاق بل يحصل ما هو أكبر في حال عدم احضار المضمون عليه يتم حبس الضامن اذا كان الضمان حضوري حتى احضار المضمون عليه اما اذا كان ضمان تجاري مسلم فيتم حجز حرية الضامن حتى يدفع ما حكمت به المحكمة ضد المتهم حتى لو احضر الضامن المتهم ترفض النيابة اخلاء سبيل الضامن بل يستمر حجز حريته واغلاق محلاته حتى دفع الضامن المبالغ المحكوم بها على المتهم وهذه مخالفة واضحة للدستور وشخصية الجريمة والعقوبة.


ولمعالجة ذلك نقترح :

تقييد صلاحيات النيابة العامة في عدم حجز الضامن على المتهم ويكتفى فقط في اقصى الحالات بإشعاره لإشعار المتهم للحضور دون التعرض للضامن بحبس او حجز حرية وعدم اغلاق محلات الضامن وأيضا نؤكد على وجوبية توسع النيابة العامة في الافراج عن المتهمين بموجب تعهد فقط وفي اقصى الحالات بضمان محل اقامتهم دون اشتراط ضمانات حضورية او تجارية مسلمه .


رابعاً : حبس المتهمين فور صدور الحكم الابتدائي او الاستئنافي رغم الطعن فيه


ما يحصل في الواقع انه فور صدور حكم قضائي ابتدائي أو استئنافي ضد متهم يتم إيداعه الحبس حتى لو طعن فيها بالمخالفة للنص الدستوري بأنه مازال في مرحلة البراءة مالم يصدر ضده حكم نهائي وبات بمعنى اذا اصبح الحكم نهائي بعدم الطعن فيه خلال الفترة القانونية او صدر حكم استئنافي وحكم محكمة عليا فهنا يستلزم حجز حريته تنفيذا للحكم النهائي والبات ويمنع حجز حريته قبل ذلك وفقا لما نص على ذلك الدستور .

ولا تتوقف المشكلة في هذا النطاق بل قد يصدر حكم قضائي ابتدائي او استئنافي ببراءة المتهم ولكن يستمر حبسه بمبرر أن النيابة طعنت في حكم البراءة وهذه مخالفة مركبه للنص الدستوري فالأصل البراءة للمتهم قبل صدور حكم نهائي وبات وفقا للدستور وأيضا استمرار حجز حرية المتهم حتى لو صدر حكم ببراءة المتهم بمبرر أن النيابة طعنت في الحكم.


ولمعالجة ذلك نقترح :

احترام الدستور وعدم إيداع المتهم الحبس فور صدور حكم ابتدائي او استئنافي ولا يتم ايداعه الحبس الا بعد صدور حكم نهائي وبات.

والافراج الفوري ودون أي ضمانات عن المتهم الذي صدر حكم ابتدائي او استئنافي ببراءته كون ذلك الحكم أأكد على براءة المتهم الي هو في نظر الدستور بريء حتى صدور حكم نهائي وبات بإدانته واذا حكم ببراءته فلا مبرر لاستمرار حجز حريته بمبرر الطعن في الحكم او لأي مبررات أخرى .


وفي الأخير :


نؤكد على وجوبية احترام الدستور وسموه كونه يعتبر في اعلى هرم المنظومة القانونية والذي نص صراحة على أن البراءة هي الصفة القانونية لجميع الأشخاص ولا تزول عنهم تلك الصفة الا بعد صدور حكم قضائي نهائي وبات وبهذا النص لا يجوز حجز حرية أي متهم الا بعد صدور حكم نهائي وبات ويستوجب الافراج عن المتهمين عقب استكمال التحقيق معهم بموجب تعهدات او في اقصى الحالات ضمان محل اقامتهم متمثلة في افادة عاقل الحارة او قسم الشرطة بان المتهم مقيم في المنطقة والحارة ويوضحوا للنيابة العامة مكان إقامة المتهم بالضبط لتقوم النيابة بإعلان المتهم باي مستجدات في القضية من صدور قرارات او احكام وعدم ضبطه وحجز حريته الا بعد صدور حكم نهائي وبات ضده.

نلاحظ اكتظاظ السجون ومراكز الاحتجاز بسبب عدم احترام الدستور وحجز حرية المتهمين رغم استكمال التحقيق معه ورغم ان الدستور ينص على ان المتهم بريء ويعامل معاملة البريء حتى صدور حكم قضائي نهائي وبات وصفة البراءة يستوجب احترامها واهمها عدم حجز حريته مادام بريء.


والأخطر من ذلك اشتراط النيابة العامة مواصفات محددة لضمانات على المتهمين للإفراج عنهم فقد تطلب ضمان حضوري وقد تطلب ضمين تجاري مسلم وقد تفرج عن المتهم بدون ضمان او بضمان محل اقامته في مفارقة عجيبة يستلزم ضبطها .

قد يطرح البعض ان هناك قضايا جسيمة وخطيرة مثل القتل وغيرها يستوجب حبس المتهمين على ذمتهم كونهم سوف يهربون اذا ما تم اخلاء سبيلهم ومن الصعوبة اعادتهم بعد صدور احكام نهائية وباتة ضدهم ويضعون هذه الحالة مبرر للتوسع في حجز حرية بقية المتهمين على ذمة قضايا أخرى غير جسيمة أو جسيمة دون القتل وبتوسع كبير وتعقيد شروط الافراج عنهم الا بضمانات حضورية او تجارية مسلمة وملاحقة الضمناء وحجز حريتهم حتى يحضروا المتهمون او يسلموا المبالغ المحكوم بها على المتهمين يسلمها ضمناؤهم وتغلق محلاتهم وتحجز حريتهم حتى دفعها بالمخالفة للدستور الذي ينص على شخصية الجريمة والعقوبة وعدم توسع المسؤولية القانونية لأشخاص غير مدانين بأحكام نهائية وباتة .

ونؤكد بوجوبيه احترام الدستور واحترام كرامة الانسان وعدم حجز حريته الا بعد صدور حكم نهائي وبات وأن محبوس على ذمة الضمان مخالفة للدستور تتسبب في اكتظاظ السجون.