آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-08:52م

الى السلطان عيدروس

الثلاثاء - 01 أبريل 2025 - الساعة 08:19 م
المحامي صالح عبدالله باحتيلي

بقلم: المحامي صالح عبدالله باحتيلي
- ارشيف الكاتب


ان الاستمرار في الرهان على ورقة حضرموت - التي حسمت أمرها بالذهاب بعيدا عن مشروع جنوب اليمن الى قيام دولة حضرموت المستقلة - لن يساعد على استقرار الأوضاع هناك في جنوب اليمن ، بل أن المشكلة ستتفاقم وسيجني جنوب اليمن قبل شعب حضرموت كل الماسي والدمار جرا عقدة الخوف من الفشل بدون حضرموت ،


أن الحرب الإعلامية التي تستهدف حضرموت ليست مجرد صدفة، بل هي أداة سياسية ممنهجة ضمن مشروع ينطلق دائما من المثلث الذي يجر الناس اليه جرا، بمزاج يغلب عليه طابع التنمر، ابتدا بالقومية الاشتراكية بأهدافها اليمنية ثم الوحدة التي عاثوا بها فسادا في الجنوب واستلموا ثمن تلك الصفقة التي جعلت منهم وزراء وقادة عسكريين وبرجوازيين، ثم الخروج منها، ثم الهجوم والتنمر على حضرموت، التي يحاولون اخضاعها عبر أساليب متعددة، أبرزها الإعلام الموجه، الذي يسعى إلى إعادة تشكيل وعي الشارع الحضرمي لصالح مشروع التبعية مجددا.


حضرموت ليست عزبة في يافع او الضالع، وحضرموت ليست عمود فقري لاحد، وعلى تلاميذ قادة الحجرية التوقف عن التهديد باعدة خرافة حكم يافع لحضرموت من جديد ، بعد ان فشل تلاميذ عبدالفتاح اسماعيل القادمون من الضالع في القضاء على الهوية الحضرمية بشعارات الحزب الاشتراكي اليمني .


حضرموت أيضا تعمل ضد الهجوم الشرس الذي شنه قادة يافع والضالع، الذي كان اسواء من هجوم الشمال على الجنوب، هناك دعاية ضد أي توجهات استقلالية لحضرموت، وتشويه أي دعوات لمنح حضرموت وضعًا إداريًا وسياسيًا مستقلًا عن صراعات الجنوب والشمال. واستهداف القيادات الحضرمية المستقلة، باتهام الشخصيات المؤثرة بالفساد أو العمالة لجهات خارجية لتشويه سمعتها.وإثارة النزاعات الداخلية، بتضخيم الخلافات القبلية والمناطقية، ونشر الشائعات التي تؤدي إلى انقسامات داخل المجتمع.


شعب حضرموت في الاصل لا ذنب له عدا انه كان ضحية مشاريع يمنية أسمت نفسها بالتحررية الجنوبية كانت تنطلق في كل مرة من المثلث، وتصر في كل مرة ان يتبعها الحضارم في مشاريعها المتناقضة ابداء من القومية الاشتراكية الجنوبية باهداف يمنية، ثم الى باب اليمن ثم الخروج من باب اليمن، كانت في كل مرة مصرة على ربط مصير شعب حضرموت بمصيرها ، بل انها تتخذ أحيانا من هويته وبعض القادة كقارب نجاة عندما تشرف على الغرق لها ولمشروعها للخروج من الأزمات، وآخرها ازمة الشعارات الثورية التي فشلت في استعادة الجنوب فاستبدلوها بشعار اتحاد السلاطين للسيطرة على حضرموت، مشروع لا يستطيع القائمون عليه إيجاد مخرج لهم ولقضيتهم بدون اقحام حضرموت فيه ، مشروع ليس له سند لذلك يركن دائما الى تلبس صورة حضرموت كعمق لمشروعه وجرها الى صراعات ليس لها علاقة بها .


ان تعمد الأطراف المتصارعة داخل الجنوب للي عنق قضية حضرموت وخلق العقبات أمامها سيكون من الأسباب التي توسع دائرة الصراع وتزيد من حجم المشكلة وتعقد الحل لقضيتهم ، على خلاف التوجه الجديد إقليميا ودوليا الذي يسير الان باتجاه عزل حضرموت عن الصراع الدائر شمالا وجنوبا في اليمن استباقا ومنعا لصراع سيحدث لا محالة بين جنوب اليمن وحضرموت مستقبلا وأيضا لكي لا يبقى باب الصراع مفتوح وتستمر معه المأساة ، وهو استنتاج توصلت إليه دول الجوار يدعم الراي القائل بعدم قدرة مشروع جنوب اليمن على النهوض اذا لم يكن واضح تجاه مثل هذه القضايا حتى في حال وسمه بمسم لا يمت لليمن بأي صلة وخلافا لذلك ستبقى الفوضى هى عنوان المشهد .


ان إخراج حضرموت من دائرة الصراع اليمني سيكون عاملا مهما يدفع الى التقارب بين الشمال والجنوب ، لان قطبي الصراع جنوبا وشمالا لن يكون لديهما ما يدفعهما او يبرر لهما مجددا التمسك بشعار الانفصال أو الموت او الوحدة او الموت و سيلتقيان على قواسم مشتركة تجمعهما على تقبل مبدأ العيش المشترك ، وهو الذي تعمل عليه النخب السياسية إقليميا بعد ان تبين لهم ماهية الدوافع الحقيقة للصراع، والطريق المؤدي للحل .


الدعوة الأخيرة التي انطلقت من المثلث، دعوة إحيا السلاطين التي يهدفون من وراءها اعادة وهم سلطنة يافع في بعض حضرموت، هي عنوان الفشل الذي قد يكون في صورة انتقامية تدميرية للمجتمعات الأخرى . فحضرموت لم تكشر عن انيابها بعد، لكن سيأتي يوما الحديث عن أن من أراد ان يكون حضرميا في حضرموت، فعليه ان يكون حضرميا وليس يافعيا، وسينتهي تنمر هؤلاء على حضرموت يوما ما، مثلما انتهى تنمرهم في دول الخليج وسيضعون شارة حضرموت على قمصانهم كما وضعو صورة امرا تلك الدولة.



في جانب اخر، لماذا لم يتساءل شعب الجنوب عن تلك القرارات، التي أراد قادتهم من خلالها خلق نظام آخر سيعيد تنظيم العلاقة بين أفراد المجتمع وهؤلاء القادمون من زمن الاقطاع ، في نموذج يروج له على انه يشبه قضيتهم، في ظاهره على أقل تقدير، وأنه سيوصل عامة الشعب لحالة شبيهة بحالة الترف في الدول المجاورة ، وفي الحقيقة يحمل في باطنه العبودية والقمع والجهل والفقر في ابشع صورها مستقبلا ، ، ولن يكون الا في شكل السيد الإقطاعي الذي يمتلك القدرة على تسخير الكل لمشروعه الخاص والسيطرة على المجتمع ومؤسسات الدولة المزعومة ، والتابع وهم عامة الشعب الذين يجب عليهم ان ينسوا تلك الشعارات التي صرخوا بها في ميادين الثورة من أجل الحرية والعدالة والمساواة ، والعمل فقط لما يريد سيدهم ، وعليهم ان يبقوا فيه حفاة شعث غبر وعليهم ان ينقلوا ارث العبودية الى ابناءهم ايضا .



ان المرحلة الحالية والقادمة بنكهة السلاطين، هي اكبر بكثير من ان يفهمها شعب جنوب اليمن ، فهي لاتشبه ما يجري على الساحة المحلية ولا تشبه اصوات الحفاة الشعث الغبر الذين يأتون من مسافات بعيدة ، مسافات تقطع الانفاس وهم يزحفون على بطونهم الخاوية ليهتفوا بشعارات الحرية والعدل والمساواة في ساحة العروض، ووطن يأملون مجيئه لا يشبه وطنهم . ان القادم اسواء بكثير من الماضي التعيس ، لكنه جميل للقادمين من زمن الاقطاع ، الحالمين بالسلطنة، والعسكر، وكانه نسخة من حكم باب اليمن في فترة من الفترات عندما جمع السلاطين والمشايخ والعسكر، في قالب دكتاتوري غريب، فكانوا هم الحكام بمؤهل القبيلة والسلطنة والعسكرة، وهم المصرح لهم بالاستحواذ على كل شي الى عهدا قريب، وهم الدولة والبرلمان.


في الحقيقة الآن يعتقد الانتهازيون، انه لم يعد مجدي العنف الثوري الذي صدعوا به رؤوس الشجر و الحجر لسنوات خلت وانه على المعدمين وضحايا الشعارات الثورية، ان يعودوا الى بيوتهم لانه لا يوجد في قاموس الاقطاع الجديد شي اسمه ثورة ولا عدل ولا مساواة، ولن يكون ذو جدوى سلاح الصدور العارية ، تلك التي وقفت امام الدبابات والمدفعية والكلاشنكوف يوما ما ، لأنه تم تغيير الخطة ، فالمرحلة القادمة سوف تحركها ادوات الإقطاع.


مقال/ المحامي صالح عبدالله باحتيلي