الدولة الحقيقية في أي مجتمع يجب أن يكون رجالها في كل سلطاتها وهيئاتها التنفيذية والتشريعية والقضائية، المركزية والمحلية، رجالاً صادقين وطنيين شرفاء، يعملون لأجل الوطن والشعب، متمسكين ومدافعين عن السيادة الوطنية واستقلال القرار الوطني، ومحافظين على الثروة الوطنية. وهنا سيحظى رجال السلطة بالقبول والطاعة والاحترام من قبل المواطن.
أما العكس، فعندما تكون سلطة رجالها مجرد “تُبَع”، سلطة فاسدين فاشلين، مفرطين بالشعب والوطن وسيادته وبالقرار الوطني والثروة الوطنية، فإن الكارثة تكون حتمية.
ومن واقع عدن وما تُسمى بالمدن المحررة، فإن سلطة أمر الواقع بالمناصفة المفروضة بالإكراه، هي سلطة ناتجة عن مخالفة دستورية صريحة، لتحقيق رغبة مغرورة متعجرفة من قبل من لا يفهم معنى الحقوق الدستورية والقانونية المعمول بها في الأوطان الحرة ذات السيادة الوطنية. ففاقد الشيء لا يعطيه.
ورغم ذلك، فإن المواطن بذكائه الفطري، وبطبيعته البسيطة الطيبة، كان من الممكن أن يغض الطرف عن هذه المخالفة الدستورية في تشكيل سلطة أمر الواقع بالمناصفة، وعن عجرفة وغرور صانعي القرار، متى ما كانت هذه السلطة قد حققت له حياة كريمة في وطن حر بسيادته وقراره الوطني وثروته الوطنية.
ولكن، أن تكون سلطة أمر واقع مفروضة بالإكراه، عنوانها الفساد والفشل العميقان المتجذران، ولا تملك اتخاذ القرار، فإن ذلك يعني التفريط بالسيادة الوطنية والقرار الوطني والثروة الوطنية، والعمل على تدمير الوطن، وجعل الشعب ضحية مثلث الفقر والمرض والموت. لأنها سلطة لا تملك سوى تنفيذ أجندات خارجية لا تحمل لليمن سوى الحقد والكراهية (وطن، شعب، سيادة وطنية، قرار وطني، وثروة وطنية).
وبسبب هذه السلطة الفاسدة الفاشلة، أصبحت عدن وما تُسمى بالمناطق المحررة في عنق الزجاجة، نتيجة الفساد والفشل وخلق الأزمات المفتعلة، مما أدى إلى تردي الأوضاع في كل مناحي حياة المواطن، من انعدام الخدمات العامة، إلى انهيار سعر صرف العملة الوطنية، فارتفاع الأسعار الجنوني، ليصبح المواطن في عدن والمناطق المحررة يعيش تحت خط الفقر، مسحوقًا بين مطرقة المرض وسندان الغلاء الفاحش.
لذا، لا يوجد حل للخروج من عنق الزجاجة إلا بأن يكون أعضاء سلطة أمر الواقع بالمناصفة، المركزية والمحلية المفروضة بالإكراه على عدن، رجال دولة وطنيين شرفاء صادقين، يحملون رؤوسهم على أكفهم لبناء دولة يسود فيها النظام والقانون، وتُطبق العدالة، وتُصان السيادة الوطنية والقرار الوطني والثروة الوطنية، ويُقتلع الفساد من جذوره، وتُعاد الحقوق المسلوبة المنهوبة إلى الوطن والمواطن، ويُحَلّ السلام المستديم في اليمن بإرادة سياسية يمنية، على أساس الولاء للشعب والوطن، لا التبعية للخارج.
ويجب وضع خارطة سلام مستديم، يتفق عليها الجميع دون إقصاء أو تهميش، والتخلص من ثقافة العنف والعنف المضاد والعداء الداخلي، ليعم السلام والإخاء ربوع الوطن. بدلًا من واقع اليوم، حيث أصبح المواطن خنجرًا مسمومًا في خاصرة أخيه، نتيجة الكذب والدجل والتضليل السياسي.
وبذلك يمكن لنا التخلص من واقع تُنَفَّذ فيه توجيهات الكفلاء في الخارج على حساب الشعب والوطن والسيادة الوطنية والقرار الوطني والثروة الوطنية.
في الختام، السؤال المطروح بقوة:
هل من المعقول عدم وجود رجال دولة في عدن وما تُسمى بالمناطق المحررة، للحفاظ على الوطن وحماية السيادة الوطنية والقرار الوطني والثروة الوطنية، من أجل أن يعيش الشعب حياة حرة كريمة في ظل دولة اتحادية، تُدار فيها كل محافظة بأيدي أبنائها؟!
بالمختصر المفيد، والكلام موجه للجميع دون استثناء:
مطلوب رجال دولة، لا أدوات تتصارع على السلطة لخدمة أجندات خارجية، كانت ولا تزال سببًا في قتل ومرض وتجويع وتشريد وإفقار الشعب، وتدمير الوطن، والتفريط بالسيادة الوطنية والقرار الوطني ونهب الثروة الوطنية.
عبدالكريم الدالي