آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-08:42م

حضرموت ليست منكم، ولن تكون.

الأحد - 06 أبريل 2025 - الساعة 04:46 م
المحامي صالح عبدالله باحتيلي

بقلم: المحامي صالح عبدالله باحتيلي
- ارشيف الكاتب



تبدو حضرموت اليوم أمام فرصة تاريخية لإعادة تعريف موقعها في الخارطة السياسية. وبالفعل، قد بدأ العمل بخطى حثيثة على هذا الطموح، ليُترجم إلى واقع مستقر ومزدهر؛ فهناك قيادات حكيمة، وحوار جامع، وتوازن دقيق في تسخير كل الجهود في هذا الاتجاه.


حضرموت، التي طالما كانت مهمشة في مركز القرار، لم تعد اليوم مجرد محافظة كبيرة منسية، بل أصبحت محور حديث إقليمي، ومحل أنظار قوى تبحث عن النفوذ، وأخرى داخلية تخشى الفشل بدون حضرموت.

ولا يمكن إنكار أن لحضرموت من المقومات ما يكفي لتكون كيانًا قائمًا بذاته؛ مساحة شاسعة تمتد من رمال صحراء الربع الخالي شرقًا إلى المهرة، ومن عاصمتها التاريخية ميفعة غربًا إلى سواحل بحر العرب وسقطرى، وموارد طبيعية، وموانئ بحرية، ورصيد تاريخي كدولة مستقلة منذ القدم.

والأهم من ذلك: وعي شعبي متزايد بأن “الخصوصية الحضرمية” لم تعد مجرد حنين إلى الماضي، بل قد تكون بوابة إلى مستقبل مختلف، بعيدًا عن هيمنة جنوب اليمن وشماله.


اليوم، يقف الحضارم أمام لحظة تاريخية. إنها مشروع قيام دولة حضرموت، مشروع لا رجعة عنه، وقد بدأوا بالفعل، وقادرون بتروٍّ على بنائه وصياغته بذكاء، وقادرون على خلق توافقات داخلية، وتحالفات إقليمية تُبنى على حسن الجوار.


حضرموت تتجه نحو قيام دولة، وهذه ليست رغبة عابرة ولا حلمًا مؤجلًا، بل مسار واضح المعالم، ومشروع تتكامل أركانه يومًا بعد آخر.

أما من لا يزال يتباكى على وحدة جنوبية لم تحترم حق حضرموت ولا أهلها في تقرير مصيرهم، فليُدرك أن القطار قد فات، وأن زمن التبعية قد انتهى إلى غير رجعة.


التيارات الجنوبية التي تنطلق من “المثلث” تُصرّ على تجاهل إرادة الحضارم، وهي التي ترفض في الوقت نفسه شعار “الوحدة أو الموت” بينها وبين الشمال، وتعمل جاهدة على خلق حالة عداء بين الجنوب وحضرموت كتلك التي خلقتها بين الشمال والجنوب، مصرّة على سلوك أسلوب احتقار الآخرين، الذي مارسته منذ خمسين عامًا في الجنوب، عبر تياراتها المختلفة التي دمرت عدن، واتجهت شرقًا للهجوم على حضرموت.


لكن، بالمقابل، فإن الحضارم يعلمون أنها لا تملك اليوم إلا الصراخ والعويل، وهي تدرك في قرارة نفسها أن حضرموت خرجت من عباءتها، وأن أي محاولة للهيمنة أو فرض الوصاية ستُقابل بالرفض، وربما بأكثر من ذلك.


فمن أراد أن يكون حضرميًا من “المستوطنين”، عليه أن يكون حضرميًا بالفعل، وإلّا فليغادر إلى منطقته ويُقم فيها إمبراطوريته.

نقولها بصراحة: حضرموت ليست ساحة لصراع الجنوب والشمال، ولا مكمّلًا لصراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل.

إنها كيان قائم، بشعبه، وتاريخه، وموارده، وموقعه الاستراتيجي على بحر العرب، وهي الآن في قلب الاهتمام الإقليمي والدولي، لا لشيء، إلا لأنها تملك كل مقومات النهوض المستقل، بعيدًا عن مشاريع الفوضى التي لا تريد أن تتوقف في جنوب اليمن وشماله.


فليُفهم هذا الموقف كما هو: إعلان صريح بأن حضرموت ليست منكم، ولن تكون.


مقال / المحامي صالح عبدالله باحتيلي