آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-06:47م

أزمة القيم في السياسة الدولية .. دراسة حالة الصراع الفلسطيني

الأربعاء - 09 أبريل 2025 - الساعة 07:43 م
نجيب الكمالي

بقلم: نجيب الكمالي
- ارشيف الكاتب


لطالما حاولت بعض الدول الكبرى، مثل الولايات المتحدة الأمريكية ودول أخرى، تقديم نفسها للعالم على أنها نموذج للعدالة والمساواة، لكنها في الواقع بعيدة كل البعد عن هذه القيم. إن القيم التي تدعيها هذه الدول غالبًا ما تتناقض مع أفعالها على الأرض، حيث تمارس انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان ولا تعترف بالمساواة في التعامل مع القضايا السياسية والاقتصادية.


هذا الواقع يكشف عن أزمة حقيقية في تطبيق قيم العدالة والمساواة في النظام العالمي. وعندما نناقش القيم التي تدعيها الدول العظمى، وخاصة في سياق الشرق الأوسط، يتضح لنا أن هناك فجوة كبيرة بين الخطاب السياسي والممارسات الواقعية.


يُظهر الوضع في فلسطين، تحديدًا في قطاع غزة، هذه الفجوة بأوضح صورة. بينما تتحدث الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون عن ضرورة حماية حقوق الإنسان وتطبيق العدالة، نرى أنهم في مواقف كثيرة يدعمون نظامًا يواصل ارتكاب الانتهاكات ضد الفلسطينيين ويتجاهلون المعاناة اليومية التي يعيشها الشعب الفلسطيني في غزة.


التناقض بين الأقوال والأفعال يظهر بوضوح عندما تتعرض غزة للقصف من قبل الجيش الإسرائيلي. هذا القصف يستهدف المدنيين والمرافق الحيوية، مما يترك آثارًا مدمرة ويزيد من معاناة سكان غزة الذين يعانون بالفعل من الحصار المستمر. ومع ذلك، نجد أن الولايات المتحدة وحلفاءها يبررون هذه الهجمات تحت مسمى "الدفاع عن النفس" أو "حق إسرائيل في حماية مواطنيها". هذا التبرير يتجاهل الحقائق على الأرض، حيث أن الضحايا الرئيسيين هم المدنيون الفلسطينيون الذين لا علاقة لهم بالصراع العسكري.


هنا تتجلى أزمة القيم بشكل واضح. كيف يمكن لدول تدعي الديمقراطية وحقوق الإنسان أن تبرر هجمات تُسحق فيها الحياة الإنسانية وتُدمر البيوت والمدارس والمستشفيات؟ بل وكيف يمكن لهذه الدول أن تظل صامتة أمام هذا القصف المستمر بينما تستمر في رفع شعارات الحرية والعدالة؟ هذا التناقض يكشف عن الوجه الحقيقي للديمقراطية الغربية، التي تبين أنها ديمقراطية انتقائية، تتعامل مع القضايا الدولية حسب المصالح السياسية والاقتصادية.


صراع فلسطين ليس مجرد صراع محلي، بل هو جزء من صراع أوسع على المستوى الدولي. غزة تمثل نقطة التقاء لمجموعة من القضايا التي تشمل القيم الإنسانية، والحقوق السياسية، والهيمنة على الموارد. في هذا الصراع، نجد أن الدول العظمى تدعم إسرائيل ليس فقط لاعتبارات سياسية تتعلق بالتحالفات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط، بل أيضًا لأسباب اقتصادية تتعلق بالمصالح التجارية والعسكرية.


التبريرات الغربية لهذا الصراع تكشف عن أزمة حقيقية في النظام الدولي. فعندما تقوم دول مثل الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل في وقت تستمر فيه انتهاكات حقوق الإنسان في غزة، تصبح هذه السياسات جزءًا من أزمة القيم. على الرغم من الحديث المستمر عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن الواقع السياسي يتسم بمحاباة الأنظمة التي تخدم المصالح الغربية على حساب القيم الإنسانية.


الدور الأمريكي في هذا الصراع يتسم بالانحياز الواضح لإسرائيل. منذ عقود، تقوم الولايات المتحدة بتقديم الدعم العسكري والسياسي الكبير لإسرائيل، ما جعلها تتصرف بتعالي وتواصل اعتداءاتها على غزة دون أي رادع حقيقي. الولايات المتحدة، بحكم مكانتها الدولية، تتحمل جزءًا كبيرًا من المسؤولية عن استمرار هذا الوضع.


في الختام، إن الوضع في غزة يعكس أزمة حقيقية في تطبيق القيم الإنسانية والديمقراطية على المستوى العالمي. فبينما ترفع الدول الكبرى شعارات العدالة وحقوق الإنسان، نجد أن ممارساتها في القضايا السياسية والاقتصادية تتناقض مع هذه المبادئ بشكل صارخ. إن إيجاد حل حقيقي لهذا الصراع يتطلب تغييرات جذرية في السياسات الدولية، وإنهاء ازدواجية المع