في هذا الصباح ذهبت إلى البحر لعلي أجد فيه مايخفف شيئا من آلامي وهمومي ، وإذا به متلاطم الأمواج ، يشعرك بعدم الرضا ، وكأنه غاضب من اسمه ؛ إذ لم يعد يليق به ، وقفت على الشاطئ ، فنظرت إلى الشرق ، وإذا بالشمس قد ارتفعت عن سطح البحر بمقدار رمح أو أقل قليلا ، لكنها كانت عبارة عن قرص أحمر اللون ، كأن أحدا قد طلاها بالدم ، فقلت لاعجب في الأمر ، لعلها تبكي حال أمة قد خارت وهانت وقبلت الموت والفناء ، مع أنها تملك الكثير من أسباب القوة ...
بعد ذلك مشيت قليلا على الشاطئ ، ثم عمدت إلى مكاني المفضل ، حيث تلك الخشبة العتيقة ، وجلست عليها أنظر نحو الجنوب ، وإذا بجبل شمسان قد غطاه غمام ناصع البياض ، إذ لم تعد ترى منه شيئا غير اللون الأبيض ، وكأنه جثة قد لفت بالقماش الأبيض استعدادا للدفن ، الأمر الذي جعلني أقرأ في ذلك حاضر الأمة ومستقبلها ، نظرت حولي ، وإذا بالعشرات من قوارب الصيد مركنة ، فقلت يبدو أن الأسماك أيضا قد ضاق بها الحال فهاجرت من بحر العرب ، الأمر الذي جعلني أعود مثقلا بالهموم ، مثخنا بالآلام ... لاحول ولاقوة إلا بالله العلي العظيم .
يا نشء أنت رجاؤنا ** وبك الصباح قد اقترب