آخر تحديث :الثلاثاء-06 مايو 2025-02:29ص

تبخر الدولة

السبت - 12 أبريل 2025 - الساعة 08:38 ص
محمد عبدالله الموس

بقلم: محمد عبدالله الموس
- ارشيف الكاتب


محمد عبدالله الموس


الدول ليست أطقم وعساكر تجوب الشوارع، ولا هي علَم نتفاخر به، ولا هي مظاهر إحتفالية نردد فيها النشيد الوطني، الدولة هي عبارة عن تراكم معرفي وقانوني ينعكس في سلوكنا كأفراد ومؤسسات بتقاليد مدنية، ولا ندعي أننا نخترع مفاهيم جديدة لم يسبقنا لها أحد، فتجارب الاخرين تكفي لأن نستفيد منها اذا كانت تجاربنا فاشلة.


ما نراه في واقعنا لا يؤسس لاي ملمح من ملامح الدولة، وسنستشهد ببعض الوقائع العابرة.


خلال الايام الماضية تعرض مدير مرور عدن، والمرور مؤسسة امنية، تعرض لاعتداء جسدى من قبل افراد مؤسسة امنية أخرى، وسبقتها وقائع مشابهة، والغريب في هذه الواقعة وشبيهاتها أننا لم نر اي اجراء ينم عن وجود دولة، لذلك تحولت مؤسسة المرور الى تنظيم نقابي لجأ الى الاضراب لحماية افراده كمظلة تحميهم نظرا لغياب مظلة الدولة.


خلال الحوارات التي سبقت أحداث ٢٠١٨م و ٢٠١٩م كان الهاجس الجنوبي لدى كل الاطراف الجنوبية كلها، تقريبا، هو اعادة الاعتبار لمؤسسات دولة الجنوب بالاستفادة من وضع عدن كعاصمة، بل ان التوجه كان ان يتم إلزام الوزارات بفتح مقراتها في عدن والاستفادة من الكادر الجنوبي الذي تم اقصاءه بعد ١٩٩٤م والدفع بتوظيف عدد اكبر من الشباب في هذه الوزارات (كما فعل الاخ علي هيثم الغريب عند توليه وزارة العدل) لينهلوا من خبرة ومعرفة الكبار وتكون جاهزة لادارة دولة الجنوب عند اعلان الاستقلال.


يمكن القول ان أحداث ٢٠١٩م أصابت هدف استقطاب الكادر الجنوبي في مقتل وتقزم الامر الى صراع على شغل وظائف في وزارات مهاجرة، بل ان حلم التنصيب في وزارات مهاجرة اصبح طموحا طمعا في الرواتب الدولارية بدلا من فتات ريالات دولة معاشق.


م مسعود احمد زين ذكر في أحد منشوراته ان الجنوب فقد مرجعياته تماما، ونحن نتفق معه في ذلك، فالمرجعية الساسية الجنوبية الوطنية اليوم هي المجلس الانتقالي الجنوبي الذي نامل ان ينطلق بشكل افضل ليقوم بهذا الدور، فالجنوبيين في السلطة عجزوا عن خلق تكتل فاعل وتجاذبتهم الاهواء الحزبية والمناطقية لعلنا نذكر منها، كمثال، خيمة الاخ عبدالله العليمي الرمضانية في الرياض، وهو احد ممثلي الجنوب (افتراضيا) التي استضاف فيها الكاتب الانيق مروان الففوري مع عدد من محازبيهم وغاب عنها الجنوب ومعانات أبناءه.

حتى قرار الاخ عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بشأن مجلس اعيان الجنوب، الذي يمكن يشكل مرجعية مساعدة قوبل بهجوم غير مسبوق وكأنهم يريدون للجنوب ان يظل فقيرا بالمرجعيات الوطنية.


هناك داء آخر ينخر في جسد الدولة الجنوبية المأمولة ويتمثل في الغاء دور المؤسسات والاستعاضة عنها باللجان ومكاتب الصرافة والبنوك السفري التي تنافس المطاعم في انتشارها.


اللجان هي وسيلة للتحايل على الناس وعلى المؤسسات الوطنية، فالمؤسسات هي الجهة الرسمية التي يمكن مراجعتها من قبل المراجعين اما اللجان فينتهي وجودها بانتهاء مهمتها، ولو ذهبت لوزارة الخدمة المدنية (مثلا) يقال لك انتظر عودة اللجنة، وموت يا حمار، حد المثل المصري.


غني ان القول ان لجنة القاضي سهل حمزة والقاضية نورا ضيف الله ومعاونيهم قد انجزوا مهمتهم منذ وقت مبكر لكن هذه المعالجات رأت النور اليوم، اي بعد ثلاثون عاما بالتمام والكمال. ووضعت معالجاتهم حين كان الالف ريال يساوي قدرة شرائية قمتها (٤) دولارات اما اليوم فأنه يساوي اقل من نصف دولار، ولكم ان تتخيلوا مقدار التحايل الحكومي والتلاعب بحقوق الناس.


التراكم المعرفي والعمل المؤسسي المحكوم بالقانون هو الاساس الذي تبنى عليه الدول وإذا فقدت هذه العناصر فُقِد الاساس الذي تقام عليه اي دولة.


عدن

١٢ ابريل ٢٠٢٥م