آخر تحديث :الجمعة-09 مايو 2025-08:42م

بين هضبة بن حبريش وحكام عدن... أبعاد كثيرة وأمور مثيرة!

السبت - 12 أبريل 2025 - الساعة 08:42 ص
عبدالله جاحب

بقلم: عبدالله جاحب
- ارشيف الكاتب


كتب / عبدالله جاحب


شيطنوا كل شيء، ولم يتركوا مجالًا لشيء. أرادوا أن تكون الأمور وفقًا لشرائع وقوانين "الكتاب المقدس" لهم، وأن لا تخرج عن نطاق وحدود حسابات المعبد ومعتقدات الكهنة فيه.


ليس بغريب أن يكفر الجميع بما جاءت به شرائع معبدهم، ومن المتوقع ألا يتزاحم أحد تحت أقدام كهنة "آمون عدن" تقرّبًا وطاعةً، ليقربوهم إلى "الدولة ومؤسساتها ومرافقها وأجهزتها ومكوناتها المختلفة" زلفى، لأنهم أنفسهم يسبّحون في فلك وتسبيح أصنام لا تسمن ولا تغني من وطن.


أقاموا الدنيا ولم يقعدوها على هضبة بن حبريش، ولم يتركوا شيئًا قاله ولم يقله "مالك" في الخمر إلا وصفوا به الهضبة، وسارعوا إلى إخراجه من الملّة الجنوبية، وتكفيره وطنيًا، وفقًا لما جاءت به مذاهب كهنة "آمون عدن".


لم يكلفوا أنفسهم عناء السؤال الأهم:

ما الذي أوصل بن حبريش إلى الهضبة؟

لأنهم يعلمون الإجابة مسبقًا، وما فيها من أبعاد كثيرة.


لا أحد يستطيع إجبار حضرموت على عدم المطالبة بحقوقها، ولا يمكن لقوة كانت من تكون أن تمنع بن حبريش من الوصول إلى هضبة حضرموت.


وليس من المعقول ولا من العقل والمنطق أن تُعتبر المطالبة بالحكم الذاتي لحضرموت وقبائلها وعشائرها ومختلف فئاتها وشرائحها المجتمعية كفرًا مباحًا في الكتاب المقدس لكهنة "آمون عدن".


دعونا نستذكر قليلًا مما لا يريدون استذكاره ويتهربون من البوح والحديث عنه، في أمورٍ مثيرة، أوصلت بن حبريش إلى التفكير بالوصول إلى هضبة حضرموت.


تناسى كهنة المعبد في العاصمة عدن أنهم أرْسوا نموذجًا طاردًا في المدينة، لأي لُحمة أو اصطفاف أو التفاف حولهم أو حول مشروعهم.


تغافلوا أنهم جعلوا من عدن نموذجًا لا يُحتذى، ولا ملجأ يُهرب إليه.


كانت عنصرية التعيين في المناصب وتوزيعها على كهنة المعبد ومن يسبّح بحمدهم من بني جلدتهم فقط، وأداء إداري وقيادي طاردًا لكل مقومات الحياة الكريمة (أمنيًا، وعسكريًا، واقتصاديًا، واجتماعيًا، وخدماتيًا، ومعيشيًا).


ذلك النموذج الذي شكّله وسعى لتكوينه كهنة المعبد في العاصمة عدن، كان بمثابة القشة التي قصمت ظهورهم. فلا يمكن لأحد أن يحتذي بنموذج الموت الذي تصدّره عدن بفعل سياسة وإدارة وقيادة هؤلاء الكهنة.


أجبرتم الناس على ذلك، وجعلتم من مشروعكم بيئة خطيرة تهدد كل من يفكر أو يحاول الارتماء أو الحذو نحوها.


حضرموت اليوم على أعتاب التاريخ، وتعيش لحظة فارقة، وتقترب من تحقيق أحد أحلامها الكبرى: الحكم الذاتي.


كل ما يحدث في حضرموت، وما سيتبعها من تحركات في محافظات أخرى، ليس انتماءً لطرف سياسي، ولا تفريخًا لبيض مكون معين، بل هو ولادة طبيعية لتراكمات سابقة، وصل فيها السيل إلى الزُّبى، نتيجة سياسة كهنة المعبد في العاصمة عدن، الذين لا يفقهون إلا مذاهب "الكتاب المقدس" في معبدهم.