آخر تحديث :الخميس-14 أغسطس 2025-02:53م

صرخة وعي.. قراءة في استراتيجية التحفيز

الخميس - 17 أبريل 2025 - الساعة 08:47 م
عبدالعزيز الحمزة

بقلم: عبدالعزيز الحمزة
- ارشيف الكاتب


باحث سياسي .


المقال الثاني: "الوعي الجمعي في زمن السلالة: صرخة وطن في وجه الاستبداد"


تمهيد: حين يصحو الضمير الجمعي


في اللحظات الفارقة من عمر الأوطان، لا يُطلب من الشعوب إلا شيء واحد: أن تصحو. أن تنهض من تحت ركام الخوف، وتخلع أقنعة الزيف، وتوحد رؤيتها تجاه الخطر الداهم.


وها نحن في اليمن، نعيش واحدة من أعقد مراحل تاريخنا، حيث تتشابك خيوط العقيدة بالسياسة، وتتداخل الشعارات الدينية مع نزعات الهيمنة السلالية، تحت مظلة المشروع الحوثي الانقلابي.


فهل آن للوعي الجمعي أن ينهض من سباته؟

وهل يمكن لشعبٍ اكتوى بنار الحرب أن يصنع من آلامه جسراً إلى الخلاص؟

إن الإجابة تبدأ من هناك… من حيث يولد الوعي وتتحطم الأوهام.


أولًا: كيف يتكوّن الوعي الجماعي؟

الوعي الجماعي لا يُولد في فراغ، ولا يصنع بقرار، بل هو ثمرة نضج تاريخي وتجربة متراكمة وذاكرة حية تلتقط الألم وتحوّله إلى وعي.

إنه لا يتعلق فقط بفهم الواقع، بل بتفكيك الروايات المزوّرة، وتمييز العدو من الصديق، وتحديد بوصلة المعركة.

والواقع أن الانقلاب الحوثي لم يكن حدثًا عابرًا، بل هو نتاج مشروعٍ فكريّ سلاليّ، يسعى لنسف فكرة الدولة واستبدالها بثقافة الطائفة والولاية، ويؤسس لنظام قائم على الحق الإلهي المتوهم، لا الإرادة الشعبية.

لقد مرت أكثر من عشر سنوات، كُشف فيها زيف الشعارات، وسقطت أقنعة القداسة المصطنعة. ظهرت حقيقة الحوثي السلالية، كحركة استبدادية لا تؤمن بالمساواة، ولا تحترم هوية الشعب، بل تعمل على إعادة تشكيله وفق نسَبها ومعتقدها، وتسعى لتغيير الهوية الوطنية من الداخل، دون قيد أو خجل.


ثانيًا: أهمية العمل المشترك في التغيير

لا يمكن هزيمة الطغيان بأصوات منفردة أو مواقف مترددة، ولا تُستعاد الأوطان بخطب أو تغريدات، بل باصطفاف وطني جامع، يذيب الانقسامات ويصنع من التنوع وحدة صلبة في وجه الاستبداد.

فمواجهة المشروع الحوثي تتطلب تكتلاً وطنيًا صادقًا، يتجاوز خلافات النخب، ويكسر عزلة الجماهير، ويحول الفكرة إلى فعل، والموقف إلى مشروع، والمقاومة إلى وعي جمعي شامل.

إن الانقلاب لا يُكسر فقط بالسلاح، بل بكسر جدار الصمت، وتمزيق خيوط الخوف، وصناعة صوتٍ وطني يُعيد الثقة للمواطن المرهَق.


ثالثًا: استراتيجيات تنمية الوعي الاجتماعي

إذا كانت المعركة اليوم هي معركة على الوعي، فلا بد من أدوات متكاملة تصنعه وتعززه وتحميه:


1. التربية على الكرامة والمواطنة

فجيل يعرف حقوقه لا يُستعبد، وشعب يؤمن بالكرامة لا يُخدع باسم الدين أو النسب.



2. توثيق التجربة والمأساة

فالرواية الوطنية ضرورة لمواجهة خطاب الحوثي الزائف. علينا أن نوثق، أن نكتب، أن نحكي القصة كما هي.



3. إعلام مقاوم واعٍ

يتجاوز منطق الصراخ والشتائم إلى خطاب عقلاني يواجه الحوثي بالحجة والحقائق والوعي الجماهيري.



4. تمكين المجتمع المحلي

تحويل المجتمعات إلى قلاع وعي، عبر مبادرات ومراكز مجتمعية، تصنع فكرًا حيًا ومقاومة فكرية موازية.



5. تحفيز النخبة وتحريك الفكر

فالمفكرون، والعلماء، والمثقفون، ليسوا للترف… بل هم طلائع التغيير وصوت الوعي في زمن التيه.


رابعًا: الحكومة الشرعية بين التحدي والفرصة


وسط هذا التحدي الوطني الكبير، تبقى الحكومة الشرعية أمام مسؤولية تاريخية: أن تتحرر من تكلّسها البيروقراطي، وتتجاوز إخفاقاتها، وتواجه خلافاتها الداخلية بروح الدولة لا منطق الفصيل.

لقد سئم الناس العذر والتبرير، ويريدون فعلاً صادقًا، ومشروعًا وطنيًا واضح المعالم، يستعيد الثقة، ويعيد بناء الجبهة الوطنية.

والفرصة لا تزال قائمة، إن هي أحسنت استثمارها.

فلدى الحكومة الشرعية الإمكانات، والمشروعية، والدعم الشعبي الكامن، إن أحسنت الإصغاء لهموم الناس، وبادرت إلى صياغة مشروع وطني جامع لاستنهاض الوعي الجمعي، وتفعيل الشراكة مع مختلف القوى المؤمنة بالجمهورية.

فالحكومات لا تُقاس بما تمتلك، بل بما تُنجز. ولا تُحترم بما ترفعه من شعارات، بل بما تخلقه من أثر وطني جامع.

،،،،،

خاتمة: حين يصبح الوعي مقاومة


الوعي ليس ترفًا فكريًا، بل هو جبهة مقاومة.

والمعركة ليست فقط مع العدو المسلح، بل مع الأفكار الزائفة، والخطابات المضللة، والأوهام المغلفة بالدين والنسب.

إن اليمنيين، حين يصحون، لا تُهزمهم سلالة، ولا تغلبهم كذبة.

وكلما اتسع الوعي، ضاقت رقعة الطغيان.

وكلما علت صرخة التماسك، انكسر صوت الكهنوت.


صرخة وعي:

إننا لا نحارب الحوثي وحده… بل نحارب الجهل، والفرقة، والاستسلام.

فليكن لكل واحد منا دور، ولكل فكرة أثر، ولكل قلم سلاح… حتى نكتب معًا فجر الخلاص.


،،،،،

دمتم بخير ايها الأحبة

الخميس ١٧ ابريل ٢٠٢٥م