قطعتم عنا الكهرباء فاستعنا بالألواح الشمسية، قطعتم عنا الماء فحفرنا الآبار، انخفضت قيمة رواتبنا فخففنا بعض المشتريات، زدتم في رفع الأسعار فاستغنينا عن بعض الوجبات، وصرحتم وتبجحتم وقلتم إنكم لم تأتوا للخدمات وإن الخدمات ليست في أجنداتكم فهتفنا لكم بعدما فوضناكم، زدتم في إجرامكم فزاد صبرنا.
مهما تفننتم في تعذيبنا فلن نخرج عليكم فموتوا بغيظكم، لن نتظاهر حتى لا نؤذيكم، فنحن شعب قد أدمن المعاناة حتى الثمالة، فقد أوقفتم عنا كل الخدمات، فوقفنا صامدين، توقفت الدراسة في المدارس والجامعات الحكومية، واستمر أولادكم في الدراسة في مدارسهم الخاصة وجامعاتهم الخاصة، فابتكرنا لأطفالنا ألعابًا جديدة للتسلية، وتناثروا في الأزقة والشوارع ليلعبوا لعبة السارق والجلاد، ثم ناموا ليقوموا على نفس البرنامج اليومي.
ظننتم أنا سنخرج عليكم فكثفتم الحراسات، وغادرتم الوطن عند كل زيادة وعند كل خدمة تنقطع، فراقبتم الوضع من الخارج، فرأيتم خضوعنا وخنوعنا فعدتم ومارستم حياتكم في التسلية بنا كشعب أبلة، لأنكم قد علمتم أنا لن نخرج عليكم، وهذا هو حالنا، فلقد أدمنا المعاناة، ولو وفرتم لنا حياة الرفاهية، فلربما خرجنا عليكم، فاستمروا في تعذيبنا، فاقطعوا عنا كل شيء، فبالمناسبة لم يبق شيء لتقطعوه عنا إلا الهواء، فإن استطعتم أن تقطعوه عنا فافعلوا ومع ذلك فلن نخرج عليكم، بل سنظل نستنشق بقايا ذرات الأكسجين حتى آخر ذرة وسنموت ونحن نتصارع عليها، فموتوا بغيظكم، فلن نخرج عليكم، فالخروج عليكم حرام كما علمونا، ولنحيا هكذا لا لنا ولا علينا، فنحن شعب أبلة، شعب عرطة.
