اليمن فقيرٌ بأشياء كثيرة، ولكنَّ أفقرَ ما فيه القادةُ المحترمون الوطنيون. وهذا خَلَقَ ديناميكيةً مختلَّةً، وهو بالضبط ما تسعى إليه سياسةُ دول الجوار والدول "الشقيقة" التي تحمل ملفَّ الحرب في اليمن. قد يكون التعبير عمَّا سبق ضِمْنِيًّا، ولكن من خلال ما يحدث على أرض الواقع في تأطير الصراع الداخلي بين القوى السياسية في البلاد، والدعم المستمر لهذه المكونات السياسية، وتنصيب قادة هم خارج معايير القيادة والمفهوم السياسي، يجعل منها مسيطرةً بشكلٍ عامٍّ، ويُلْبِسُها ثوبَ "الملاك الحارس" أمام المجتمع المدني.
أليست هذه هي ملامح المكيافيلية؟أليست أحد أبرز أساليب السياسة القمعية الناعمة؟ وذلك من خلال تفتيت النظام الاجتماعي واستبداله بنظام سياسي أكثر نزوعيةً وتعصُّبًا، حتى يخلق نزاعًا داخليًّا متطرفًا؟ وأنَّ هذا النزاع سيشغل المجتمعَ المدنيَّ عن شرايين الحياة الاقتصادية في البلاد، والمَنافذ والموانئ والمطارات، وتحويلها إلى ثكنات عسكرية تحت ذريعة بنود وقوانين دولية تدَّعي حمايةَ الوضع السياسي للبلاد وتصحيحَه؟ إنه لمن العجيب ما تقوم به هذه الدولُ في توطيد الأمن والاستقرار! والأعجب من ذلك هو خنوع القيادة البليدة لكل هذه الانتهاكات دون أي مقاومة تُذْكَر، مما يكشف ويُفْضِح بوثائق المؤامرة. **فكيف وُضِعَت السلطةُ وسُلِّمَت في البلاد؟ لقد كان التعيين وسيلةً تقتضي إخضاعَ مَن تم تعيينه؛ فمَن عُيِّنَ ليس كمن اُنتُخِبَ. المُعَيَّنُ يخضع لمن عيَّنه وينحني له، أما المنتخب فيكون متحررًا من قيود السلطة العليا والشمولية؛ لأنه مقيدٌ بمقاليد الديمقراطية.